عز الدين البغدادي
كل إنسان أو جماعة بشرية لها هويتها الخاصة وثقافتها وقيمها، ولها
أيضا احتياجات لا بد من تحقيقها وإشباعها، وهذه الحاجات كانت تنمو وتزداد مع نمو
الحياة وتطورها. فقد كانت تقتصر فيما سبق على الحاجات الأساسية من طعام وشراب
وتكاثر وسكن وأمن، ثم زادت وظهرت حاجات أخرى كالتعليم والقضاء، وكما أضيفت شروط
إضافية لا بد من تحقّقها في الحاجات الأساسية.
عند الشيعة؛ تم التأكيد على الهوية بشكل كبير بغض النظر عن كون هذه
الهوية حقيقية أو مزيفة، وكأن الفرد ينظر إلى كل شيء من خلال هويّته. والمشكلة أنّ
هذه الهوية ليست هوية فقهية أو عقدية، بل هي هوية شعبية يتم تغذيتها باستمرار عن
طريق عدد هائل من الروايات المكذوبة وخطباء المنبر الذين يفتقرون للمنهج في
التفكير والخطاب، وبالتالي فهي هوبة مشوهة لا تنتي واقعا لأهل البيت، إنها تعتمد
على الغلو والطقوس وبناء لا يتوقف عند حد القبور وهمية، كل ذلك في سبيل ربط الشيعي
بمنظومة معقدة من الالتزامات، وتمييزه عن غيره.
من هنا يمكن أن تعرف الخلل، لا سيما وأن الهوية صارت أهم من أي
مصلحة ولو كانت أساسية، لهذا يمكن للشبعي أن يعيش بظروف صعبة جدا تفتقر لأدنى متطلبات
العيش الذي يستحقه، وهو مع ذلك راضٍ بل ومسرور لأنه يحقّق هويته الوهميّة! علما أن
المصلحة كلمة غير محبذة في الوعي الديني لأنها تقارب معنى الانتهازية والرؤية
الضيقة.
مع العلم أن هذا ينطبق فقط على عامة الشيعة، وإلا فهناك أشخاص من
ساسة ورجال دين شيعة يعرفون إدارة اللعبة وهم يقومون بتحريك الجماعة لأجل تحقيق
مصالحهم، فهو يعيشون حياة مترفة تماما، بخلاف عامة الناس. وهؤلاء لا يقولون للناس
بان توفير ظروف أفضل للأطفال أو شراء ملابس أو الاهتمام بدراستهم هو أفضل عند الله
وعند أهل البيت من صرفها في أمور ليست مطلوبة في الحد الأدنى لأن اهتمام الفقراء
بهويتهم الوهمية على حساب مصلحتهم الحقيقية أمر هام جدا جدا جدا، طبعا بالنسبة لهم
وليس بالنسبة للطبقات المسحوقة.
0 تعليقات