آخر الأخبار

الشنقيطى والشريعة والحياة

 



 

 

د. محمد الفقيه

 

 

من البرامج الدينية التي حرصت على متابعتها في رمضان على قناة الجزيرة الشريعة والحياة وكانت حلقة الأمس مع الشيخ العلامة محمد الحسن الشنقيطي وكانت الحلقة حول حفظ العلماء ميراث النبوة، وربما كان السؤال الأخير الذي وجهه مقدم البرنامج السؤال التالي : لماذا لا يجتمع علماء المسلمين بعد أن توفرت لهم كل سبل المعرفة الحديثة ويضعوا مصنفا حديثيا لا يستطيع الطاعنون التشكيك فيه؟.

 

وهو سؤال منطقي جدا وربما راود هذا السؤال الكثير من المهتمين.

 

ولكن للأسف كانت الإجابة صادمة لأنها الحقيقة التي لا مهرب منها ولم يستطع الشيخ العلامة التهرب منها أو الالتفاف عليها فكان رده :

 

أنه لا يمكن ذلك وأن أصحاب كتب السنن مثلهم مثل أصحاب المذاهب الفقهية ؛ فبعضهم يرى صحة مرويات فلان من الرواة وبعضهم لا يرى ذلك ، والبعض الآخر يرى صحة مرويات فلان من الرواة وبعضهم لا يرى ذلك وهكذا ، وهم كذلك مختلفون فيما إذا كانت العلة قادحة أو غير قادحة.

 

ملخص كلام الشيخ العلامة أن ما هو صحيح عند البخاري ليس بالضرورة ان يكون صحيحا عند مسلم ، وكذلك العكس، وما هو صحيح عند مالك ليس بالضرورة ان يكون صحيحا أحمد بن حنبل وهكذا لأن شروط الصحة مختلفة عالم لآخر .

 

ما معنى هذا الكلام؟

 

معناه أن السنة التي عند البخاري ليست هي السنة التي عند مسلم وليست السنة التي عند أحمد وليست السنة التي عند الترمذي ،

والسؤال الذي يطرح نفسه إذا أين سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟

عند من من أصحاب كتب الحديث؟

 

فكيف تطالبون الناس الإيمان بالسنة كإيمانهم بالقرآن وأنتم عاجزون عن جمع السنة في كتاب واحد او مرجع واحد؟.

 

والأكثر إيلاما من ذلك تكفيركم وتفسيقكم لمن يشكك ببعض ما سميتموه سنة.

 

فالسبب الرئيس الذي أوقعهم بهذه الفوضى الفكرية هو إتباعهم لمفهوم السنة عند القدماء وهو : كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.

 

هذا التعريف جمع كل مرويات الآحاد التي هي ظنية في ثبوتها وأطلقوا عليها مسمى السنة النبوية ومن هنا بدأت المشكلة ، ولا يتسع المقام هنا للتفصيل في ذلك .

 

فما الحل وما سبيل الخلاص.

 

الحل إعادة تعريف السنة النبوية على أنها التطبيق العملي لكتاب الله المحكوم ببعدي الزمان والمكان في كثير من جوانبها والتي وصلتنا من خلال التواتر العملي .

 

لو تم الاتفاق على هذا التعريف سنخرج من كل الإشكالات المتعلقة بالسنة النبوية وعندها نستطيع أن نجمع كتابا أو مرجعا ونشير إليه بالبنان بأنه السنة النبوية ، أما باقي المرويات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم والتي وصلتنا من خلال طرق الآحاد والتي هي ظنية في ثبوتها فيمكن تشكيل فريق من العلماء والمفكرين للقيام بمعايرة هذه المرويات على كتاب الله فما وافقه أخذنا به وما خالفه رددناه ولكن وفي أفضل الأحوال لا يطلق عليه أنه سنة نبوية ؛ لأن السنة هي المنهج والطريق الذي اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم في تطبيق القرآن كما أسلفنا.

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات