آخر الأخبار

وعاد إليكم "جمال مبارك"!! (3) المستريح الأكبر!!

 






نصر القفاص

 


لا أعرف "المبدع" الذى صاغ صفة "المستريح" ليطلقها على الذين يمارسون "النصب" تحت لافتة "توظيف الأموال"!!


لكننى أعرف أن "المستريح" في ملعب المال.. ظهر إلى جانبه "مستريح" يمارس السياسة.. وترتب على ذلك وجود "مستريح" يمتهن الإعلام.. واكتملت المنظومة بوجود "مستريح" يرتدى ثوب أستاذ الجامعة.. وآخر يمارس الطب مع ذلك الذى يعمل مهندسا, إلى جانب من يمارس المحاماه.. يمكنك أن تمد الخط على استقامته, ستجد أنه لدينا عشرات أو مئات "المستريحين" الذين تكاثروا عبر نصف قرن.. وكانت إطلالة "المستريح الأول" في "زمن مبارك" وبقى منهم اسمى "السعد" و"الريان"!! وهذان كانا تطويرا.. أو قل تطورا للجيل الأول من الذين قدمهم "زمن السادات" على أنهم "رجال أعمال" وفى الذاكرة منهم أسماء "رشاد عثمان" و"توفيق عبد الحى"!!


توقفت عند مبدع صفة "المستريح" خلال عودة لكتاب "مافيا الأموال المنهوبة" الذى أنفق مؤلفه "نيكولاس شاكسون" سنوات لكى يقدمه للقراء.. وضمن هذا الكتاب يذكر المؤلف بالنص: "كانت تجربة مصر – عبد الناصر – بتأميم قناة السويس.. ثم الاعتماد على القدرات الاقتصادية الذاتية.. ضربة قاسمة للدول المستعمرة.. لقد بعثرت تلك التجربة أوراق الاستعمار القديم, وتسببت في هدم إمبراطوريتي ذلك الزمان – بريطانيا وفرنسا – لذلك تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مع مؤسسات دولية معروفة بعدم عودة هذا النموذج ولا حتى ما يشبهه"!!
شئت أم أبيت.. وافقت أو عارضت.. إتفقت أو اختلفت.. هناك حقيقة أصبحت ثابتة تقول أن عالم ما قبل تأميم قناة السويس, غير عالم ما بعد تأميم قناة السويس.. والأمر نفسه يتكرر في أيامنا هذه بتلك العملية العسكرية الخاصة التي تنفذها "روسيا" على أرض "أوكرانيا"!!


وعاد إليكم "جمال مبارك"!! (2( الجمهورية الثانية!!


كانت مصر فاعلا فى اللحظة الأولى.. وأصبحت "مراقبا" في اللحظة الحالية.. وحرصا على السلامة الشخصية أقول "مراقبا" بعد أن تأكدنا جميعا من أن ما يتم نشره عبر مواقع "التواصل الاجتماعى" أصبح أهم وأخطر من أطنان "الكلام الفارغ" الذى تطبعه صحف كانت علنية.. قبل أن تصبح صحف سرية!! وكذلك قنوات لا يشاهدها غير الذين فشلوا في التعافى من هذا الإدمان!!


إعجابى بالإبداع المصرى فى كلمة "المستريح" أخذنى للمقدمة.. لأننى أنفقت وقتا وجهدا على مدى عام.. قدمت خلاله سلسلة حلقات نشرتها على صفحتى تحت عنوان "بوابات الأموال القذرة" وحفلت بدراسات وكتب عرضتها وناقشتها.. لأجد بعد ذلك كلمة "المستريح" تساوى أو تختصر كل ذلك.. خاصة وأننى أكتب تحت عنوان "وعاد إليكم جمال مبارك" دون رغبة في مشاركة بلحظة تبدو ساخنة.. غامضة.. وهى لحظة متوترة.. خطيرة.. تحولت إلى صخب يشارك فيه أنصار "جمال مبارك" باعتباره "مستريح" سياسى.. أو قل أنه أهم وأبرز "مستريح سياسى" خلال نصف قرن, تعاقب فيه عشرات "المستريحين" كان بينهم محافظين ووزراء ورؤساء وزارات وبرلمانات.. وبقى "جمال مبارك" هو "المستريح الأكبر" لأسباب عديدة.. آخرها أنه "مستريح عائد" للميدان بقوة سبقه إليها "أشرف السعد" كما سبقه فيها "أشرف رشاد عثمان" على جبهتى المال والسياسة.. وظنى أن شعبا أبدع صفة "المستريح" يعرف هؤلاء "المستريحين" في الإعلام والثقافة.. وميادين أخرى!!


كا يهمنى هو أن "أنور السادات" حين أخذ الطريق العكسى لتجربة "جمال عبد الناصر" كان قد قرر أن تكون هناك "جمهورية ثانية" تختلف تماما وجذريا عن "الجمهورية الأولى" مع سبق الإصرار والترصد.. وإذا كان قد اعتمد مناورة ذكية.. فقد دفع ثمن "تذاكيه" فادحا.. ربما لاعتقاده أن "الكذب" مرادف "للذكاء" أو "السياسة" خلال تأسيسه لمنهج استمر بعد رحيله!! ولما كان المجتمع المصرى لم يصل إلى قانون يقضى على ظاهرة "المستريح" فقد استمر "منهج السادات" حاكما.. وأسهم في ذلك تكاثر "المستريحين" عودة "جماعة المستريحين المسلمين" للساحة كشريك في نظام الحكم قربا أو ابتعادا.. إتفاقا أو اختلافا.. المهم أن تلك الجماعة لعبت دور طرف الحكم الثانى, منذ أن أسسه "أنور السادات" حتى الآن!!


كان "أنور السادات هو القائل: "أنا رئيس مسلم.. لدولة مسلمة" وجعل "العلم والإيمان" عنوانا من عناوين حكمه.. وهو الذى رفع "لافتة الديمقراطية" واستدرك حين جعل للديمقراطية أنياب!!

 لدرجة أنه قال عن الذين يختلفون معه أو يعارضونه "هافرمه" وارتفع صوت الذين يمارسون عادة "النفاق العلنى" بالغناء: "أفرم.. أفرم.. يا سادات"!! ويجب أن نذكر لصاحب المنهج – أنور السادات – إعتماده على قطاع من رجال "عبد الناصر" الفنيين الذين يسميهم المثقفين بأنهم "تكنوقراط" وأبرزهم "محمود فوزى" مهندس الخارجية الدبلوماسية "الناصرية" و"عزيز صدقى" بطل بناء القلعة الصناعية.. وكذلك "عبد العزيز حجازى" رجل السياسات المالية والاقتصادية.. إضافة إلى "عبد القادر حاتم" المؤسس لإمبراطورية الإعلام المصرى الحديث.. وشاء "السادات" أن تكون ضربته للثقافة قاسمة بإبعاد "ثروت عكاشة" مؤسس النهضة الثقافية التي تآكلت بمرور الزمن!! وكانت مقاومة المجتمع المصرى "لنهج السادات" شديدة الشراسة.. ظهرت أخطر لحظاتها خلال "انتفاضة الخبز" التي وصفها بأنها "إنتفاضة حرامية" لتقاتل إلى جانبه ومعه "جماعة المستريحين المسلمين" حتى قتلته!!


كان يمكن أن تبدأ مصر مرحلة جديدة, لو صادفها حاكما يدرك ما حدث طوال السنوات التي سبقت توليه المسئولية.. لكن الأمور آلت إلى موظف بدرجة رئيس.. ساعده بقايا رجال "عبد الناصر والسادات" من الذين تمرسوا على شئون الحكم.. ويعتقد البعض أن إبداعه تجسد في تمسكه بهم, وقدرته على إدارتهم.. لكنه خسر في السنوات الأولى لحكمه اثنين من أعمدة نظامه اعتقادى أنهما "رفعت المحجوب" و"فؤاد محيى الدين".. ثم خسر في نهايات حكمه اثنين من أهم أركان حكمه وكانا "أسامة الباز" و"كمال الشاذلى" وكلهم تربوا في مدارس حكم "عبد الناصر" وأنهو دراستهم في جامعات حكم "أنور السادات" الخاصة!! ومضت السنوات تنخر في عظام المجتمع المصرى.. إلى أن أطل "المستريح الأكبر" وكان ابن الرئيس – مبارك جونيور – ومعه الجيل الرابع من رجال المال الذين بدأ ظهورهم فى "زمن السادات" وكبروا فى "زمن مبارك" حتى كاد النظام أن يسقط بما حدث في "25 يناير 2011" ويسميه الدستور الحالي للبلاد "ثورة"!! لكن "جماعة المستريحين المسلمين" أنقذته وأمسكت بخناق البلاد.. هنا أدرك الشعب فداحة الكارثة, فكان ما حدث في "30 يونيو 2013" ويسميه الدستور "ثورة"!! لينكسر "المقص" أملا في أن تبدأ مصر من جديد بعد نحو أربعين عاما في عين العاصفة.. لكن الرياح لم تأت بما تشتهيه السفن!!


عاشت مصر "فرصة ضائعة" لحظة أن حكمها "حسنى مبارك" ثم كانت "فرصة ضائعة" برحيله مخلوعا.. وجاءت "فرصة ثالثة ضاعت" بعزل الرئيس الذى فرضته "جماعة المستريحين المسلمين" بالديمقراطية!! وإذا بنا أمام ما قيل أنه "إصلاح سياسى" أعلن عنه الرئيس "عبد الفتاح السيسى" في لحظة مذهلة حين ظهرت الصورة الصادمة مع واحد من الذين استثمروا "راية عبد الناصر" وتحالف مع "جماعة المستريحين المسلمين" رغم أنه حصل على أصوات أقل من "الباطل" عندما نافس الرئيس السيسى وكانت رسالة من المجتمع تم تجاهلها.. والصدمة كانت بإعلان التعاون مع من يرفعون "راية عبد الناصر" لممارسة نشاط "المستريحين"!! في الاتجاه المعاكس لما فعله "أنور السادات" الذى تعاون مع "المستريحين المسلمين" في مواجهة "المستريحين الناصريين" ليبدو الأمر كما لو كنا ندور داخل دائرة مغلقة!!


نصف قرن عاشته مصر بعد انتهاء "الجمهورية الأولى" كلها حملات تشكيك ومحاولات هدم هذه الجمهورية.. لكنها بقيت تقاوم وتنصفها الأحداث بما يحدث فى الدنيا حولها.. أصبحنا بالفعل في مفترق الطرق.. إما أن تعود مصر إلى نفسها, أو يتلاعب بمقدراتها كل هؤلاء "المستريحين" الذين عاثوا في الأرض فسادا.. ولعل ما يحدث حولنا في الدنيا يجعلنا نخرج من هذه الدائرة المغلقة.. لكن ذلك لا يتحقق في ظل رغبة وصخب "المستريحين" الذين تكاثروا ويسعون لإعادة المستريح الأكبر – جمال مبارك – خاصة وأن محاولة إعادته جاءت من "أبو ظبى" التي تصارع "الدوحة" من أجل "إخضاع مصر" في زمن يحاول أن يقنعنا أن "الفأر يهتك عرض الفيل"!! وسامحونى إن كنت أكتب خائفا.. بل قل مرعوبا.. فالديمقراطية فرضت على أستاذا جامعيا أن يذهب لمصالحة فئران, لحظة اعتقاده أن "عبد الناصر" كان "ديكتاتورا"!! وبقى الأستاذ "محمد بدير" المحامى الذى أنفق وقتا ومالا دفاعا عن الأستاذ الجامعى, يعيش لحظة ذهول تستحق أن أشد على يده خلالها.. لأنه عاش رافضا أن يكون "مستريح" تمسكا بنهج الأستاذ "رأفت نوار" الذى أبكى على رحيله.. فاتركونى لأحزانى!!

 

إرسال تعليق

0 تعليقات