محمود جابر
لا اعتقد أن هناك
شيعيا إماميا، يخرج يستطيع أن يقول أنا أخالف ما اتفق عليه الصدوق و الطوسى وابن
بابوية والشهيدين و والمفيد والمحقق السبزاوارى ... إلا مجتهد إماميا قد أطبقت
سمعته الأفاق وشهد له أهل زمانه بأنه وحيد زمانه وعصره ... فهل صاحب دعوة نقد
هؤلاء كذلك؟
فيحن نطالع ما أنكار
إقحام الشهادة الثالثة في الصلاة وفي التشهد، للشهيد الثاني، قال في "شرح
اللمعة الدمشقية": (ولا يجوز اعتقاد شرعية غير هذه الفصول في الأذان والإقامة
كـ"التشهد بالولاية"، بالولاية لعلي(ع)، و"أن محمداً وآله خير
البرية"، أو "خير البشر"، وإن كان الواقع كذلك، فما كل واقع حقاً
يجوز إدخاله في العبادات الموظّفة شرعاً، المحدودة من الله تعالى، فيكون إدخال ذلك
فيها بدعة وتشريعاً، كما لو زاد في الصَّلاة ركعة أو تشهداً، أو نحو ذلك من
العبادات، وبالجملة، فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان).
ويتابع الشهيد الثاني:
(وإضافة أنَّ علياً وليّ الله وآل محمد خير البرية ونحو ذلك، فبدعة، وأخبارها
موضوعة، وإن كانوا عليهم السّلام خير البريّة، إذ ليس الكلام فيه، بل في إدخاله في
فصول الأذان المتلقّى من الوحي الإلهي، وليس كلّ كلمة حقّ يسوغ إدخالها في
العبادات الموظفة شرعاً(.
ويقول المحقق أحمد
السبزواري في (ذخيرة المعاد): أما إضافة أنَّ علياً ولي الله وآل محمد خير البرية
وأمثال ذلك، فقد صرّح الأصحاب بكونها بدعة، وإن كان حقاً صحيحاً، إذ الكلام في
دخولها في الأذان، وهو موقوف على التوقيف الشرعي ولم يثبت.
والمقصود بالتوقيف
الشرعي "التعبدي"، أي التعبّد بما جاء به الشارع المقدّس دون زيادة ولا
نقصان، وليس في المرويات عن أهل البيت(ع) ذكر الشَّهادة الثالثة.
وممن يقول بعدم
مشروعية الشهادة الثالثة في الأذان، العلامة الحلي في (نهاية الأحكام)، إذ يشير
إلى أنه: "لا يجوز قول (إنَّ علياً ولي الله)، و(آل محمد خير البرية) في فصول
الأذان لعدم مشروعيته".
وممن أنكر جزئية
الشهادة الثالثة في الأذان بعد الشيخ الصدوق في كتابه "من لا يحضره الفقيه"،
الشيخ الطوسي في كتاب "المبسوط والنهاية"، والشهيد الأول في "البيان"،
والمحقق الأردبيلي في "مجمع الفوائد"، وجميع الفقهاء المعاصرين في
رسائلهم الفقهية.
أما الشيخ المفيد في
كتابه "المقنعة"، وعند كلامه عن فصول الأذان والإقامة، فإنه لم يذكر
الشهادة الثالثة أبداً، ما يعني أنها "ليست محل نقاش لديه، بل لا يراها واردة
أصلاً، وإلا لكان على أهميته ومكانته العلميَّة تعرَّض لها بالبحث، وكذلك الحال
بالنّسبة إلى السيّد المرتضى علم الهدى، فإنه لم يتعرَّض إلى الشَّهادة الثالثة في
أبحاثه الفقهيَّة".
ومن الفقهاء
المتقدّمين ممن تحدّثوا عن الأذان والإقامة من دون التعرض للشَّهادة الثالثة: القاضي
ابن البراج، ابن زهرة الحلبي، ابن إدريس الحلي وغيرهم..
ومن الفقهاء
المعاصرين العلامة الشيخ محمد جواد مغنية في "فقه الإمام الصادق (ع)"،
إذ يقول: "واتفقوا جميعاً على أن قول "أشهد أن علياً ولي الله"،
ليس من فصول الأذان وأجزائه، وأنه من أقرّ به بنية أنه من الأذان، فقد أبدع في
الدين وأدخل فيه ما هو خارج عنه".
أما المرجع الإسلامي
السيد محمد حسين فضل الله فيوضح رأيه في ذلك كالآتي:
الشهادة لمولانا أمير
المؤمنين (ع) بالولاية هي من العقائد الحقّة، لكن لم يرد ذكرها في فصول الأذان
والإقامة في النصوص الواردة عن النبي (ص) وآله الأطهار (ع)، كما أنه لم يرد ذكرها
في كتب قدامى الفقهاء، بل ورد عند بعضهم، كالشيخ الصدوق (ره)، النهي عن قولها في
الآذان والإقامة، لأنها من صنع الغلاة والمفوضة حسب كلامه. وقال الشهيد الثاني (ره)
في "اللمعة" إنها من حقائق الإيمان لا من فصول الأذان، وقد بقي على هذا
النحو على مدى القرون إلى ما قبل ثلاثة أو أربعة قرون، حين ذكر بعض العلماء أنه
يُستحسن ذكرها فيهما من باب الاستحباب المطلق، وليس من باب أنهما مطلوبان في أصل
التشريع، فوافقه على ذلك بعض العلماء وصارت تشيع بينهم وعند الناس، على الرغم من
أنَّ ما استندوا إليه في ذلك موضع نقاش فقهي كبير، لأنَّ الأذان والإقامة ونحوهما
من الأذكار المنصوص عليها بكيفية خاصة، لا يمكننا تغييرها عما هي عليه، لا زيادةً
ولا نقصاً، رغم كون ما سيزاد عليها هو ذكراً مثلها، فمثلاً: هل يمكننا جعل صلاة الصبح
ثلاث ركعات؟ وهل يمكننا قراءة الفاتحة في الركعة الواحدة أكثر من مرة؟ وهل يمكننا
أن نضيف التشهد الأوسط بعد كل ركعة؟ وهل يمكننا جعل الشهادة لله بالوحدانية في
الأذان والإقامة ثلاث مرات أو خمس مرات بدل المرتين".. وعلى هذا الأساس،
رفضنا إضافة "الشهادة الثالثة(.
وعلى الرغم من هذا
كله فإن فقهاء الفرس وعدد ممن تابعهم فى آرائهم يصرون على غير ذلك، ففي موقع
الإمام الشيرازي ورد أنه "في يوم الغدير أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد
أن أخذ البيعة لعلي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين بزيادة الشهادة الثالثة: (أشهد
أنَّ علياً وليّ الله) في فصول الأذان والإقامة".
وجاء فيه ما نصه "إنّ
الشهادة الثالثة جزء من الأذان والإقامة، وقد اخترنا ذلك في الفقه".
هذه الآراء
والمتابعات والاجتهادات، لا تلزمنى بشكل شخصى ككاتب وباحث، لانى لا أدعى انى ابن
لهذا المذهب أو تلك، ولكن من يدعى انه ابن للخط الامامى فأولى به ان يتبع أكابر
المذهب أو أن يقول ويصفه أهله زمانه بأنه من الأكابر فى هذا العلم وهذا الفن .
وفى الختام ... أقول
: الآذان شرعا وعقلا ومعرفتا جاء به الوحى الأمين، وهو عبادة توفيقية – الآذان عبادة
– ومقدمة للعبادة لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان منها إلا على حسب الاعتقاد
والاستحباب، شريطة أن لا يهضم الأصل لصالح الزيادة فإن جرى هذا وهو الواقع ... فإن
كل من فعل هذا او ارتضى به فقد ابتدع فى الدين ...
ولله الأمر من قبل
ومن بعد
يتبع
3 تعليقات
يقينا الشهادة الثالثة بدعة
ردحذفيقينا هى بدعة
ردحذفالآذان شرعا وعقلا ومعرفتا جاء به الوحى الأمين، وهو عبادة توفيقية – الآذان عبادة – ومقدمة للعبادة لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان منها إلا على حسب الاعتقاد والاستحباب، شريطة أن لا يهضم الأصل لصالح الزيادة فإن جرى هذا وهو الواقع ...
ردحذف