علي الأصولي
قالوا: ان الإرادة
التكوينية، هي: التصرّفات التي تقع في شؤون عالم الخلق، من التكوين والإبداع
والمعاجز، ومطلق الأفعال والأعمال, في مقابل الإرادة التشريعية التي هي بمعنى: أحكام
الدين والشرائع الإلهية.
وبعبارة أُخرى: كلّ ما كان من شأنه أن يدخل في
دائرة الوجود - إثباتاً ونفياً - تتولاه الإرادة التكوينية لله عزّ وجلّ، فيحكم
بوجوده تارةً فيصبح موجوداً, أو ينفي وجوده أحياناً فيدخل أو يبقى في ظلمات العدم.
ولكن الإرادة التشريعية هي: الأوامر والنواهي الصادرة من الله تبارك وتعالى والتي
تصل إلى ذوي العقول بصورة نزول الوحي إلى الأنبياء (عليهم السلام).
بتقريب آخر: الإرادة التكوينية متعلقها الكون
وشؤوناته والإرادة التشريعية متعلقها أفعال المكفلين ومفاد كلا الإرادتين محصور
بين (يريد الله) و (أراد الله) نعم" إرادة التكوين تظهر على شكل أفعال إلهية
في صقع عالم الإمكان وإرادة التشريع تظهر وتبرز على شكل أوامر ونواه،
يرى المحقق النهاوندي انه لا فرق بين الإرادة
التكوينية والتشريعية من جهة البسط الإرادي على الجميع وعليه لم يكن هناك فصل بين
الإرادتين.وعدم إمكان الفصل بين الإرادة التكوينية والتشريعية عن المراد وذلك بما إنها
إرادة فلا تكون محلا للتفكيك بينهما سواء كان الكلام في الإرادة التكوينية أم
التشريعية وان الاختلاف بينهما من الخصوصيات لا يوجب الاختلاف في أصل الحقيقة التي
هي طبيعي الإرادة لاستحالة انفكاك الإرادة عن المراد،
وذكروا أنه نعم" في فرض عدم تصور انفكاك
الإرادة عن المراد فذاك لخصوص الإرادة التكوينية دون التشريعية لإمكانية التفكيك
في الإرادة التشريعية دون التكوينية اذ ما يتحدد في الإرادة التشريعية قابلة
لانفكاك الإرادة عن المراد
.
وبالجملة" ذهب
السيد باقر الصدر إلى انفكاك الإرادة التكوينية والتشريعية لامكان الفصل بين
الإرادة التكوينية والتشريعية حيث ان الألفاظ في طبيعي الإرادة هي المرتبة من
الشوق المؤكد المتتبع لتحريك العضلات نحو الفعل والمقتضي لتحققه خارجا. أنتهى - انظر
دراسات أصولية ج٦ ص١٩١ - الشيخ محمد محمد طاهر آل شبير الخاقاني بتصريف.
أقول: ان مختار
المحقق النهاوندي - البسط في الإرادة - أن كان بلحاظ الثبوت فكلامه تام، وإن كان
ظاهر مراده هو الأعم من عالم الثبوت وما يشمل الإثبات، بالتالي ما أفاده السيد
باقر الصدر تام،
ما يهمنا في المقام هو ان من مبادىء تحقق الإرادة
الإلهية هو إبراز حصة من حصص الولاية التكوينية التي عبر عنها نبي الله عيسى (عليه
السلام) عن جملة من الفعاليات التي جاء بها بكونها - آية (وجئتكم بآية من ربكم أني
أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه
والأبرص وأحي الموتي بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ) ان نفخ
الروح في الطير يعني يكون طيراً بإذن الله، وأنه يمسح الأكمه, والأكمه هو الذي
وُلد أعمى، ما رأى النور في حياته, فيبرئه بإذن الله. وأنه يمسح على الأبرص فيشفيه
بإذن الله, والبرص من أعقد الأمراض التي تستعصي على الطب. وأنه يحيي الموتى بإذن
الله، بصرف النظر هل الأحياء بالنداء أو بالنفث. وأنه يُنبئ الناس بما يأكلون وما
يدخرون في بيوتهم, وهذا نوع من الاطّلاع على الأشياء المحجوبة والبعيدة, ونفوذ
العلم بها إلى ما وراء الحجب، فقوله (وجئتكم بآية ) تعني علامة كون لي ارتباط
مباشر مع الله بالتالي لا قناة للإرادة التكوينية وحصة الإبراء مثلا أو الشفاء أو
نحو ذلك إلا عن طريق قناة الله تعالى الرسمية، المتمثلة بنفس شخص نبي الله عيسى (عليه
السلام). فلا دور للنبي عيسى (عليه السلام) إلا كونه وسيط لمظهرية ومبرزية الإرادة
التكوينية الإلهية، ولذا نجد الإكثار من قوله (عليه السلام) بإذن ربي، وهذا يعني
إظهار الإرادة وإن كان عن طريقي إلا أنه بالنهاية بإذن ربي،
وبالجملة" ان ظهور إرادة الله التكوينية لا
تؤتى اعتباطا لكل من هب ودب بل تتوفر عند من أستحق فعلا وحاز جملة من الكمالات
التي توهله لأن يكون محلا للإرادة الإلهية،
0 تعليقات