حمدى
عبد العزيز
28 يونيو 2022
كشخص لايمتلك أي خبرة
أو تخصص معرفي بإدارة الاقتصاد والمسائل المتعلقة بإدارة الأوراق المالية
والبورصات وما إلي ذلك من شئون لا اعلم فيها إلا ما قد يعلمه مواطن مهتم بالشأن الاقتصادي
العام للوطن كجزء من الاهتمام بقضايا الشعب المصري.
من هذا الموضع
والمنطلق المتواضع الحال أري وثيقة سياسة ملكية الدولة تعني في النهاية تخارج
الدولة من غالبية الأصول المملوكة لها خلال فترة ثلاث سنوات وعقد مشاركات تتراوح
مابين المشاركة في الأسهم أو منح الإدارة للقطاع الخاص (أجنبي أو محلي) أو عبر عقود تأجير أو عقود
أخري مشابهة تمكن رؤوس الأموال الخاصة من مرحلة عملية التخارج النهائي من أغلب
قطاعات الأنشطة الاقتصادية للدولة وترحيل باقي عمليات التخارج بعد الثلاث سنوات
الأولي ليستتبع ذلك التخارج من مجالات وأنشطة أكثر وأضخم من الناحية الإستراتيجية ..
وهذا مايضعنا أمام
حقيقة واحدة هي أننا بالتعبير السياسي الدارج أمام أكبر عملية لبيع وتصفية الأصول
والممتلكات العامة في تاريخ مصر علي إطلاقه ..
أيضاً .. فلايمكن فهم الوثيقة إلاعبر فهم ثلاث مسائل تحرك الجهد
السلطوي وراء إصدار الوثيقة والإصرار علي تمريرها خلال ثلاثة أشهر ..
المسألة الأولي / المدى الذي وصل إليه تضخم حجم الديون الخارجية والمحلية وتجاوز الدين
الخارجي لمبلغ ال 134 مليار دولار ، وتخطي الدين المحلي حاجز ال 270 مليار كنتيجة منطقية لسياسات مايسمي بالإصلاح الاقتصادي التي
تمثل في الحقيقة سياسات الاستجابة للمؤسسات المالية الدولية التي تضع مصالح المراكز
الرأسمالية الدولية في مقدمة جداول أعمالها ، ويكفي أن نعرف أن حجم الاقتراض قد
تزايد بنسب ضخمة ومتسارعة في الفترة من مارس 2016 وحتي تاريخه علي نحو يقدر بمائة
مليار دولار وقس علي ذلك نسبة تضخم حجم الدين المحلي ..
المسألة الثانية / وهي نجاح ضغوط رأس المال الأجنبي والخليجي وشركائهم المحليين علي
الدولة وإلحاح رموز رأس المال المحلي علي أن ترفع الدولة يدها تماماً عن قطاعات الاقتصاد
وأن تكتفي بدور المراقبة ووضع التشريعات التي تخدم حركة رؤوس الأموال وعدم الدخول
في أي منافسة علي صعيد الأنشطة الاقتصادية (وهذا يفسر إعلان رئيس الجمهورية في
إفطار الأسرة المصرية في رمضان الماضي اعتزام الدولة طرح عدد من مشروعاتها بمافيها
عدد من المشروعات الاقتصادية للقوات المسلحة للتداول مع القطاع الخاص(...
المسألة الثالثة / فشل خطة ماسمي بالإصلاح الاقتصادي في إدارة خلق وتعبئة الفوائض في اتجاه
إضافة قطاعات جديدة من الأنشطة الإنتاجية تسهم في توسيع قاعدة الإنتاج ، ومن ثم
تعظم من الناتج المحلي ليعوض معدلات خدمة الدين وأقساطه المستحقة ..
الوثيقة وقعت في خطأ
منهجي فادح هو تصور قدرة الرأسمالية المصرية علي القيام بتحمل أعباء ومسئوليات
القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، ومراهنتها علي هذه القدرة لدرجة إلقاء عبء قطاعات
ومجالات الاقتصاد المصري كغنيمة في حجرها ، ومن ثم كان طرحها الأساسي هو (تمكين
القطاع الخاص) !!!!!
وربما يتدارك البعض
قائلاً أن تعبير القطاع الخاص لايعني القطاع الخاص المحلي فقط وهذا تدارك صحيح ،
ولكنه يغفل حقيقة أن المستثمر الأجنبي لايضع قدمه في الاسواق المحلية إلاعبر شريك
محلي له الدراية والمقدرة علي التعامل مع هذه الأسواق ..
والقضية الأساسية
التي تهمني كمواطن عام هي:
-مدي تأثير ذلك علي مصائر الأصول التي ستتخارج
منها الدولة ؟
وهل ستتعرض بعد
انتقالها إلي رؤوس الأموال الخاصة إلي عمليات تفكيك وتخريد وبيع مجزأ للأراضي كما
حدث في كثير من عمليات التخارج في السنوات القليلة الماضية (شركة غزل كفر الدوار
أو شركة طلخا للسماد كنموذجين)..
وماهي الضمانات التي
تضمن تطوير وتعظيم الأصول وتعظيم مساهمات نواتج عملياتها الإنتاجية في الناتج
القومي ، وتوسيع قاعدة التشغيل للتغلب علي ظواهر البطالة وفقدان الأمل لدي الشباب
وانعكاسات هذه الظواهر علي المجتمع بشكل عام.
-ما مدي قدرة الدولة الفعلية علي إحداث قدر
التوازن المطلوب اجتماعيا داخل الأسواق بعد عملية التخارج الواسعة (طبقاً لوثيقة
سياسة الملكية) وفي ظل عملية إطلاق آليات السوق كمقتضي من مقتضيات هيمنة القطاع
الخاص المحلي والأجنبي علي الأنشطة الاقتصادية والخدمية ومنها مجالات شديدة
الحساسية من ضمنها، مايتداخل مع أسعار السلع الأساسية ومن ضمنها أيضاً مايتداخل مع
كالتعليم والصحة قررت الدولة أن تسند أجزاء كبيرة من تلك المجالات لرؤوس الأموال
الخاصة سواء بالتملك أو بالإدارة أو بالمشاركة ..
-
كذلك فالأخطر في الوثيقة أنها تركت عملية التخارج بما ينجم عنها من ناتج
البيع لإدارة الصندوق السيادي ووزارة المالية دونما وضع لآليات المراقبة والمحاسبة
تحسباً من عمليات هدر القيم الناتجة عن التخارج من هذه الأصول التي تشكل في
الحقيقة مقدرات صنعها الشعب المصري بعرقه ودمائه ومدخراته عبر
تاريخ
طويل يمتد من ستينيات القرن الماضي وحتي تاريخه ..
وهذا مايجعلني اعتقد أن هذه
الوثيقة هي أخطر ورقة يمكن أن تخرجها سلطة ما في مصر علي مدي تاريخها بعد ورقة
أكتوبر 1974 ..
0 تعليقات