عز الدين البغدادي
8 حزيران 2020
قبل أيام أربعة خطر ببالي السيد محمود دعائي، تساءلت في نفسي: هل
توفي دعائي او لا زال على قيد الحياة؟ بعد يوم أعلن خبر وفاته عن 81 سنة.. عرفه
أهل النجف ببساطته فقد كان يجلس دوما عند دكان خياطة سبتي في شارع الرسول او يشرب
استكان شاي عراقي عند بائع شاي يبيع على الطريق. دعائي كان أحد أهم المقربين إلى
آية الله الخميني عندما كان في العراق، وكانت له علاقات طبية مع السلطة في العراق.
وكان شجاعا يمتلك رؤية، وله خبرة إعلامية، ففي فترة من فترات توتر العلاقات
العراقية الإيرانية قامت الحكومة العراقية أيام البكر ببث ضد النظام الشاهنشاهي
باللغة الفارسيّة، حيث كان محمود دعائي هو الذي يدير البرامج التي كانت تبث إلى إيران.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979 عين دعائي سفيرا لإيران
في بغداد، وكان موقفه مختلفا تاما عن توجهات النظام الثوري في إيران، وبسبب علاقته
القوبة مع الإمام الخميني فقد واجهه بشكل صريح بسبب الحملات الإيرانية الإعلامية
وقد روى وزير خارجية إيران السابق في شهادة هامة له أن دعائي جاء الى طهران والتقى
بزعيم الثورة وقال له بشكل صريح: حددوا ماذا تريدون، إذا كنت تعملون على إشعال حرب
مع العراق فأخبروني لكي لا ارجع وإذا كنتم تهدفون إلى بناء علاقات جيدة مع العراق
فهذا ليس هو الطريق الصحيح لتحقيق ذلك. وعندما وقعت الحرب؛ كان واضحا أنه لم يكن
موافقا على استمرار الحرب.
وكان دعائي أول سفير إيراني في العراق بعد الثورة الإسلامية لمدة
عامين، كما كان نائباً في البرلمان الإيراني في 6 دورات ولمدة 23 عاما حتى عام
2003.
كما ترأس مؤسسة إطلاعات الإعلامية، وعلى الرغم من أن صحيفته
"اطلاعات" كانت حكومية، لكنه حولها إلى منصة لانعكاس آراء ومقالات كتّاب
وصحافيين وسياسيين منتقدين بالذات خلال التسعينيات، وهو ما جعله رجلاً محبوباً عند
القوى السياسية والأوساط الإعلامية والفنية المنتقدة في إيران.
اشتهر دعائي أيضاً بأداء صلوات الجنازة على الشخصيات السياسية
والفنية والثقافية المنتقدة، أمثال المغني الإيراني الكبير محمد رضا شجريان، الذي
توفي عام 2020، والسياسي إبراهيم يزدي، الأمين العام لحركة "نهضت آزادي"
المحظورة، والذي كان أول وزير خارجية للجمهورية الإسلامية بعد الثورة.
كان دعائي معروفا بوسطيته وبتواضعه الشديد فقد كان يستقل وسائل
النقل مع عامة الناس، وكان عضواً في جمعية "علماء الدين المناضلين"
الإصلاحية اليسارية، ويمكن ان تلاحظ بسهولة بأن نماذج كهذه قليلة جدا للأسف في
الحوزة العراقية التي تتسم بالجمود وضعف المبادرة للأسف لا سيما في المراحل
الأخيرة منذ ما يقارب نصف قرن أو أكثر بقليل.
دعائي شخصية دينية هامة جدا، احترمه وأقدر فيه وسطيته وتواضعه وحبه
لوطنه، فهو لا يجد أن حب الوطن خطيئة كما تجد عند الإسلاميين العراقيين…
رحمه الله
0 تعليقات