آخر الأخبار

ميكروبات الأمعاء والسكتة الدماغية

 




 

د. محمد إبراهيم بسيوني

 

أظهرت نتائج جديدة توصل إليها باحثو "كليفلاند كلينك" لأول مرة أن ميكروبيوم الأمعاء gut microbiome يؤثر على شدة السكتة الدماغية والضعف الوظيفي بعد السكتة الدماغية Stroke and functional impairment after stroke. وهذه النتائج المنشورة في Cell Host & Microbe وضعت الأساس لتدخلات

جديدة محتملة للمساعدة في علاج أو منع السكتة الدماغية.

 

لقد حدد العلماء مجموعات معينة من ميكروبات الأمعاء والتي يمكن أن تزيد أو تقلل من خطر إصابة شخص ما بأكثر أنواع السكتات الدماغية شيوعًا. يضيف البحث الطبي الجديد والذي تمت مناقشته في مؤتمر السكتة الدماغية الأوروبي والذي أنعقد في مدينة ليون الفرنسية قبل أيام إلى الأدلة المتزايدة على أن التغيرات في ميكروبيوم الأمعاء يمكن أن تلعب دورًا في أمراض القلب والأوعية الدموية.ولقد أشارت دراسات سابقة إلى أن بعض الميكروبات قد تؤثر على تكوين لويحات تصلب الشرايين atherosclerotic plaques في الجسم، وأن ميكروبات الأمعاء لمرضى السكتة الدماغية تختلف عن تلك الموجودة عند الأشخاص الأصحاء.

 

وللتحقق فيما إذا كانت هذه المايكروبات أو الجراثيم المتعايشة في أمعاء الإنسان تؤثر بشكل ما على تعافي الأشخاص من السكتة الدماغية، أخذت عينات من البراز من 89 شخصًا أصيبوا مؤخرًا بسكتة دماغية، حيث تمنع الجلطة الدموية تدفق الأكسجين إلى الدماغ، وكذلك من الأفراد الأصحاء، وأجرى تسلسل الحمض النووي DNA sequencing لتحديد الكائنات الحية الدقيقة المختلفة الموجودة في أحشاءهم، وما إذا كانت مجموعات معينة من البكتيريا مرتبطة بتعافيهم الوظيفي.قال الباحثون "لقد حددنا أصنافًا [بكتيرية/جرثومية] جديدة مرتبطة بخطر أعلى للإصابة بسكتة دماغية حادة في المرحلة الحادة في ست ساعات و24 ساعة". كما ذكروا أنهم حددوا فئة واحدة، وجنسًا واحدًا، ونوعًا واحدًا مرتبطًا بالنتائج الوظيفية السيئة في ثلاثة أشهر بعد السكتة الدماغية الإقفارية Ischemic strokes.

 

يفتح هذا الاكتشاف الاحتمال المثير، في المستقبل، من أننا قد نكون قادرين على منع السكتات الدماغية أو تحسين التعافي العصبي من خلال فحص ميكروبيوتا الأمعاء.

 

ومن المعروف فأنه لا توجد علاجات محددة وقائية للخلية العصبية في الوقت الحاضر لمنع تدهور الجهاز العصبي بعد السكتة الدماغية.

 

وقد يكون أستخدام العلاجات الجديدة مثل التغييرات في الميكروبيوم من خلال التغييرات الغذائية أو زرع البراز fecal transplant مفيدًا لتحسين التطور بعد السكتة الدماغية.وفي الوقت نفسه، أستخدم بحث منفصل قدمه باحثون من جامعة ييل في ولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة الأمريكية، تقنية إحصائية تسمى التوزيع العشوائي مندل للتحقيق فيما إذا كانت الصلة بين مخاطر السكتة الدماغية والتغيرات في ميكروبيوم الأمعاء سببية حقًا. حيث ركز البحث على السؤال في ما إذا كانت الجينات المعروفة بزيادة أحتمالية إيواء أنواع ميكروبية معينة لدى الناس قد أثرت على مخاطرهم من السكتة الدماغية. وبالقيام بذلك حدد 26 نوعًا من البكتيريا التي كانت مرتبطة بشكل كبير بالسكتة الدماغي نفسها.

 

معظم البكتيريا التي وجدوها مرتبطة بخطر أقل، لكن خمسة منها مرتبطة بزيادة في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو أحد الأنواع الفرعية لهذا النوع من السكتة الدماغية.ستكون الخطوة التالية هي استكشاف الآليات التي يساهم بها وجود أو عدم وجود أنواع معينة في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

 

وقال الباحث يمكن للبكتيريا إطلاق السموم في الدم، ويمكنها أيضًا إنتاج بروتينات معينة تتداخل مع العمليات الوظيفية في جسم الأنسان. هناك أيضًا ما نسميه محور الميكروبيوتا Microbiota Hub- الأمعاء - الدماغ - مسار ثنائي الاتجاه بين الدماغ والميكروبيوم a bidirectional pathway between the brain and the microbiome, حيث يؤثر الدماغ على القناة الهضمية من خلال الأعصاب، ويؤثر الميكروبيوم بدوره على الأعضاء، بما في ذلك الدماغ، بشكل أساسي من خلال تغيير ضغط الدم.

 

وتعتمد الدراسة على أكثر من عقد من الأبحاث في ما يتعلق بدور ميكروبيوم الأمعاء في صحة القلب والأوعية الدموية وأمراضها، بما في ذلك الآثار الضارة لـ TMAO (أكسيد ثلاثي ميثيل أمين)، وهو منتج ثانوي ينتج عندما تهضم بكتيريا الأمعاء بعض العناصر الغذائية المتوفرة بكثرة في اللحوم الحمراء والمنتجات الحيوانية الأخرى.

 

وجد العلماء في هذه الدراسة أن الكولين الغذائي وTMAO ينتجان حجما وشدة أكبر للسكتة الدماغية، ونتائج أضعف في النماذج الحيوانية. ومن اللافت للنظر أن زرع ميكروبات الأمعاء القادرة على صنع TMAO كان كافيا لإحداث تغيير عميق في شدة السكتة الدماغية.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات