محمود جابر
لم يشغلني حضور رئيس
هيئة الترفية السعودي الوهابي إلى مصر، ولا هذا الصخب فى الحضور والاستحواز، لسبب
بسيط ان التاريخ حفظ لنا فى سجلاته حضورا مماثلا لنسخة سابقة لهذا الشخص وكان
حضوره فى القاهرة حضورا طبق الأصل لما قام به تركى آل الشيخ، ثم بعد ان لمع نجمه
فى سماء القاهرة وجمع حوله قطيع متعدد من كل الشرائح فجأة اختفى وذهب من حيث أتى ولم
يعد .. كان ذلك فى الفترة من 1962- 1963.
فبعد انفصال سوريا عن
مصر عام 1961 الذي كان للسعودية دورها الأول في تمويله قبل وبعد نجاحه، قام جمال
عبد الناصر بافتتاح إذاعة (صوت الأمة العربية) من القاهرة عام 1961، ومن ثم برنامج
(أعداء الله) من صوت العرب، عام 1962.
وبدأ التأثير الإذاعي
يقضي مضاجع الوهابية السعودي، وقد وصف مراسل "الدليلي ميرر" حينما زار"المملكة"
وصف الساعة السابعة من مساء كل يوم بأنها "ساعة الصمت في المملكة السعودية"
فالكل يستمع لهذا البرنامج دون تعليق.. ثم تبدأ التعليقات بعد نهاية البرنامج"!.
هنالك بدأت السعودية
تبحث عن وسطاء لا يجاد نقيض لإعلامنا، وكانت صحافة القاهرة نفسها شرّ نقيض، هذه
الصحافة التي ما كانت في يوم من الأيام ـ لا قبل الثورة ولا بعدها ـ صحافة شريفة
نظيفة باستثناء بعض الأقلام التي ما كان لأصحابها تأثير يذكر في الصحافة..
فأرسلت السلطات
السعودية بتخطيط من المخابرات الأمريكية السعودى الوهابى (حسن الشربتلي) ـ بالذات
ـ إلى القاهرة ليقيم فيها ويستقطب حوله أكبر عدد من الصحفيين والشعراء في مصر!.
وتم لهم ما أرادوا،
فأقام فترة تزيد عن الستة أشهر كان يغص مسكنه "بالأدباء" والشعراء
والقوادين الذين يتسابقون لفتح باب سيارته وتقبيل يده، ويتهافتون لخدمته، وما كان
يسير الشربتلي في الشارع العام إلاّ وخلفه ما يزيد عن الـ (100) صحفي وشاعر وقواد
ومخنث، وما مر يوم خلت الصحافة المصرية من جزيل الثناء "لإحسانه" شعرا
ونثرا…
من ذلك ما قاله مصطفى
حمامي في قصيدة طويلة نشرتها له مجلة "روز اليوسف" يتغزل بها في وجه
الشربتلي.هذا الالتفاف من الصحف وبعض المرتزقة من الصحفيين شجعه على أن يقدم رشوة
لناصر، ولم يمضى على لقاءه بناصر إلا سويعات وغادر مصر إلى الأبد بعد أن تم اكتشاف
مؤامرته .
والقصة كما ترى هى
قضية الاستحواذ على قوة مصر الناعمة من إعلام وشعر ومنصات درامية وإذاعية، ظنا أن
ما لديهم من مال يمكن ان يمكنهم من شراء هذا القوة، وكأن القوة الناعمة سلعة يمكن
شرائها!!
حكاية الشربتلى تكررت
فى قبل سنوات، ولكن فى صورة تركى آل الشيخ، بدأ تركى حضوره إلى القاهرة هذه المرة
من باب الرياضة وتحديدا من خلال كرة القدم الرياضة الأشهر فى مصر والعالم، ودخل
كرة القدم من خلال النادى صاحب الجماهيرية الطاغية ليس فى مصر وحدها ولكن فى
المنطقة كلها على اعتبار أن النادي الأهلي نادى القرن وهو أكبر أندية الشرق الأوسط
وأقدم نادى رياضي فى إفريقيا بل هو أقدم من المملكة العربية السعودية نفسها !!
ورغم الهبات والمنح
التى دفعها تركى آل الشيخ للنادى الاهلى الا انه سرعان ما خسر علاقته به ورفض
تاريخ النادى ان يسيطر عليه شخص مثله، ثم نقل اهتمامه بالنادى الزمالك المنافس
الاقوى للنادى الاهلى وصاحب الجماهيرية المماثلة له، وما جرى له فى النادى الاهلى
جرى له فى نادى الزمالك .
ومن الاهلى الى
الزمالك، رحلة فشل فقرر أن يشترى ناد جديد وهو نادى أسيوط الرياضى الذى غير اسمه
الى نادى بيراميدز.
رحلة الفشل طاردت
تركى فى كل مكان رغم كل ما لديه من إمكانيات مادية ورغم جمعه للعديد من الصحفيين وأشباههم
من حوله، ولكن مستوى الفشل كان حاضرا من خلال هتافات الجماهير التى كانت تسخر منه
فى العديد من المبارايات..
ولكن الإصرار على
السيطرة على قوة مصر الناعمة كان شغل يشغله فحاول فى حقل الغناء والتمثيل وحتى على
مستوى مطربى المهرجانات الممنوعين فى مصر والذى فتح لهم أبواب بلاده للحضور وإقامة
الحفلات ..
لكن ما حصده فى الرياضة كان حصادا فى باقى الفنون، لأسباب يعلمها القارىء
من خلال التسريبات ومواقع التواصل الاجتماعى، وظل هذا الحال قائما حتى تم تسريب
خبر بيع تركى آل الشيخ لكل ما يملك فى مصر والعودة الى بلاده يجر ذيول الندم
والفشل وهى حكاية رغم انها طالت عدت سنوات الا ان حصاده كان حصادا مماثل لما جرى
قبله للشربتلى .
0 تعليقات