علي الأصولي
ذكروا في الأصول إن
الحاكم في باب وظيفة العبد تجاه المولى وأوامره ونواهيه إنما هو العقل، فإنّه اذا
المولى أمر عبده بشيء فمقتضى وظيفة العبوديّة هو أنْ يمتثل الأمر ويلبّي الطلب،
إلاّ إذا جاء من المولى الترخيص والإذن في الترك، ولذا لو لم يمتثل ثم اعتذر بعدم
نصب المولى القرينة على الإلزام، فلا يقبل عذره ولم يقبح عقابه، وعلى هذا التقرير أثير
تساؤل مفاده كيف يتناسب ترك آدم [عليه السلام] للخطاب الإلهي في المنع من الأكل من
الشجرة،
وقالوا" في مقام الإجابة: ما
يلي"
الأقوال في دلالة
الأمر على الوجوب كما هو معلوم في مظانه انه لا يدل [لا مادّةً ولا صيغةً] على
الوجوب، لا بالوضع ولا بالإطلاق وانما الدلالة على الوجوب بحكم العقل [على مبنى
المحقق النائيني وتبعه المحقق الخوئي] والعقل يحكم إنّ المعصية الّتي نسبت لآدم [عليه
السلام] هي ليست مخالفته لنهي شرعيّ (مولويّ), لوضوح أنّ الجنّة الّتي كان فيها
آدم [عليه السلام] لم تكن دار تكليف أصلاً لعدم وجود شريعة بعدُ، فلا وجود لأمر
ونهي مولويّ حتّى يخالفه. بالتالي المفروض فهم الخطابات القرانية ومنها ما يرجع
لمعنى الأمر؛
-1عرف العلماء <الأمر > بأنه: القول المقتضي طاعةَ المأمور بفعل المأمور به،
وانه طلب الفعل على جهة الاستعلاء،
-2الفرق بين الامر المولوي أو التكليفي والأمر الإرشادي
ان الأول يترتب مخالفته استحقاق العقوبة ، وان لم يترتب فهو الامر الإرشادي.
ومثال الأمر المولوي : أمر [صل صم] ومثال الأمر الإرشادي : قول الطبيب للمريض يجب
ان تستعمل الدواء ، وهذا [الامر] لا يترتب على مخالفته عقوبة بل يراد به الإرشاد
الى نفع الدواء وانه الوسيلة للشفاء.
3-ان الأوامر
المولوية والاوامر الإرشادية تدل على النسبة الإرسالية لكن الغرض الواقعي في
الاوامر المولوية هو التحريك بينما في الأوامر الإرشادية هو الإرشاد.
وبالجملة اذا اتضح
تمام ماتقدم يفهم أنّ المولى لم يرتّب على معصية آدم [عليه السلام] عقاباً، بل كان
الخطاب إرشادي إلى الأثر المترتب على هذه المخالفة هو الخروج من الجنّة والهبوط
إلى الأرض والانتقال من [ان لاتجوع فيها ولا تعرى] الحياة المريحة الى مرحلة
الاختبار والابتلاء والمجاهدة لتحصيل شؤون الحياة من الطّعام والشّراب واللّباس،
وهذه النتائج التي أرشد إليها الخطاب الإلهي بتحقق المخالفة من آدم [عليه السلام] والتي
لا تتعارض مع العصمة، انتهى"
أقول" إن ظهور
معنى لفظ [عصى] قرآنيا لا تحتاج إلى كثير مؤونة لمعرفة أن هناك ثمة معصية [وهنا
المعصية بمخالفة الأمر الإرشادي لا المولوي] وكان من مخرجات هذه المعصية ومفضياتها
هي خروج آدم [عليه السلام] من الجنة إلى حيث دار البلاء والإبتلاء، وهذا بحد ذاته
عقوبة أثر معصية [ترك الأولى] وكيفما كان: كل ذنب بحسبه وبرتبته والجزاء من سنخ
العمل فكما تعدى آدم [عليه السلام] على الشجرة في محاولة الإقتراب منها، تم إبعاده
مما كان فيه والكلام طويل الذيل في ما نحن فيه ..
0 تعليقات