علي الأصولي
روى الكشي بإسناده عن
أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) القول سمعت أبي يقول إن شيطانا يقال له "
المذهب " يأتي في كل صورة، إلا أنه لا يأتي بصورة نبي أو وصي نبي ... [الكشي
ص 247] وهذا هو نفس الشيطان المسمى بلغة الروايات " المتكون " وهذا ما
ذكره المجلسي في [البحار ج٦٩ ص ٢١٤] نقلا عن [ رجال الكشي] قال" وجدت بخط
جبرائيل بن أحمد حدثني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن
زرارة، قال" قال أبو عبد الله (عليه السلام) أخبرني عن حمزة أيزعم أن أبي
يأتيه؟ قلت: نعم" قال" كذب والله ما يأتيه إلا المتكون، أن إبليس سلط
شيطانا، يقال" له المتكون، يأتي الناس بأي صورة شاء، أن شاء في صورة صغيرة
وإن شاء في صورة كبيرة، ولا والله ما يستطيع أن يجييء بصورة أبي (عليه السلام).
نعم" كانت من ضمن دعاوى
حمزة بن عمارة البربري، التي إدعاءها بين أصحابه ان الإمام الباقر (عليه السلام)
كان يأتيه كل ليلة، هذا ما نقله الكشي في [رجال الكشي] عن سعد عن احمد بن محمد، عن
أبيه عن الحسين بن سعيد، عن ابن ابي عمير، ومحمد بن عسيى، عن يونس وابن أبي عمير،
عن محمد بن عمر بن أذينة، عن بريد بن معاوية العجلي، والعجلي قال" فقدر لي
أني لقيت أبي جعفر (عليه السلام) فحدثته بما يقول حمزة، بالتالي فما كان من الإمام
(عليه السلام) إلا تكذيب هذه الفرية التي لم ينزل الله بها من سلطان،
أقول" بالرغم
إمكان الاستفادة من دلالات هذه المرويات معرفيا وفتح الباب لآفاق أخرى على المستوى
المعرفي، إلا أنني أتوقف في المقام على موضوعة غاية في الأهمية، وهي موضوعة تحريك
الكلمة والتصحيف في الرواية،
وبصورة أدق بمفردات الرواية،
وموضوعة التصحيف ليست بالعزيزة في التراث الإسلامي العام أو المذهبي على وجه
الخصوص، من قبيل (من جدد قبرا) التي نقلت بألفاظ مختلفة، اعني (جدد) من قبيل (من
حدد) والتي اخذ اللفظ الأول مسلم بعنوان من (جدد قبرا) فقد خرج من ربقة الإسلام،
مما دفع بعض شذاذ الأفاق الى مهاجمة كل من اختلف معهم في اللفظة، فكانت احد
مبانيهم تحريم تجديد قبور الصالحين،
نعم" ابتلي
التراث الحديثي بجملة من التصحيفات التي وجدت عن طريق خطأ كتابة من النساخ في
الجملة، على أننا لا نستبعد التعمد بالتصحيف أيضا لغايات أخرى، ومن هنا شدد
العلماء على فكرة (من كان شيخه الكتاب فخطاؤه أكثر من صوابه).
قال ابن دريد في [الجمهرة] صحف
الخليل بن أحمد، يوم بغاث ( بالغين المعجمة) وإنما هو بالمهملة، ونظير ذلك ما أورده
العسكري، في كتابه [ التصحيف والتحريف] قال" حدثني شيخ من شيوخ بغداد،
قال" كان حيان بن بشر قد ولى قضاء بغداد، وكان من جملة أصحاب الحديث، فروى
يوما حديث، أن عرجفة قطع أذنه يوم الكلاب (بكسر الكاف) فقال له مستمليه، أيها القاضي،
إنما هو يوم الكلاب (بضم الكاف). فأمر بحسبه، فدخل إليه الناس فقالوا: ما دهاك؟
فقال" قطع أنف عجرفة في الجاهلية، وابتليت أنا به في الإسلام!
وحال القاضي ليس
بأحسن حالا من توما الحكيم، الذي كان محطا بضرب المثل في الجهل، فقد ورث كتب أبيه
في الطب، واشتغل بهذه المهنة بناءا على قراءة هذا التراث بمعزل عن أساتذة التخصص أو
لا اقل بمعزل عن القراءة المكثفة في مثل هذه العلوم والمطالعات الحثيثة، فقد كان
يقرأ (الحية السوداء شفاء من كل داء) غير أن النسخة التي قرأها كان فيها خطأ
إملائي بسيط، حيث استبدلت كلمة - الحبة بالحية - فقرأها (الحية السوداء شفاء من كل
داء) فبحث عليها ليأكلها فلدغته فمات،
شاهد ما أنا فيه
" عندما تجد من يحسب نفسه محققا او من حسبه أصحابه بهذا العنوان، وهو في صدد
بيان أن المذهب شيطان، وبالتالي لا يمكن رفع اليد عن الإسلام وإنزال المذهب بدله،
مستشهدا برواية الكشي - أعلاه - وبذلك يهاجم كل ما هو مذهبي او يقع تحت عنوان
مذهبي وأورث هذا التهجم لأصحابه، أقول" كان حريا بهذا المحقق بأن يحاول فهم
لفظ (المذهب) كما في رواية الكشي، ففرق بين المذهب - بالضم - وهو مراد الرواية
وبين ما فهمه ذلك المحقق - بالفتح - كما دل عليه درسه الفديوي فليلاحظ ..
والله من وراء القصد ..
0 تعليقات