علي الأصولي
المشكلة بكثرة
الشعائر المحدثة في الأيام العاشورائية عدم وجود ضابطة موضوعية من خلالها يمكن
تحديد ما هو من الشعائر وما هو خارج عنها،
وهذه المشكلة العويصة
لم تحل عند الفقهاء لحد كتابة هذه السطور ، حتى من قبل أصحاب مبنى "توقيفية"
الشعائر الطقوسية، لآن الجميع يصطدم بأصل"الإباحة" الذي بدوره يتيح
مساحة واسعة بقبول الإضافات بدعوى الأصل المذكور، ومن هنا حاول بعض الأذكياء من
الفقهاء، تدارك ضبط "أصل الإباحة" الأولي بتقييده بعنوان ثانوي، ومفاده
حرمة توهين المذهب، في سبيل السيطرة على دخول وإدخال ما شاء الله من الإضافات تحت
عنوان شعائري،
وقد ذكرنا في مقالات
الفقه السابقة، بأن عنوان "حرمة توهين المذهب" لا يمكن له ضبط إيقاع
الأصل الأولي، كون عنوان التوهين، عنوان غير منضبط، بلحاظ نسبيته ، فما يراه هذا الفقيه توهينا لا يراه
الفقيه الآخر كذلك، وهو كما ترى لا يحل الإشكالية،
نعم" كتبت ايضا في مقال
سابق في "الأصول" ان "أصل الإباحة" من الأصول الغير منضبطة،
في بعض الموارد والحصص ولذا خير منبه وشاهد ما نحن فيه،
حاول غير واحد أن
يضبط مقولة الشعائر من الإضافات ومنهم الشيخ عبد الله جواد الآملي: إذ أفاد في
كتابه[كوثر كربلاء]بالقول" لا ينبغي لأحد أن يضيف شيئًا جديدًا إلى مراسيم
العزاء، ومثل حمل المنصّات الحديديّة الثقيلة خلال المواكب، لا يوصل رسالة ولا
يُجدي نفعًا، فعلينا التقليل من مثل هذه الأمور، والتركيز على تعظيم شأن العزاء.
وأمّا بالنسبة إلى
حمل الرايات واللافتات فلعلّه يتضمّن بصغة إجلال وتعظيم، فالمطلوب هو دراسة الطقوس
التي تُمارس في العزاء، ومعرفة أيّ منها كان موجودًا في العزاء، أو أي منها يجب أن
يوجد، وأي منها لم يكن في العزاء سابقًا وعدمه أفضل.
فلماذا نترك الأعمال
عظيمة الأجر كالتحفّي واللطم على الرؤوس والصدور طلبًا لرضا الله تعالى، ونحمل تلك
المنصّات الثقيلة على أكتافنا؟! علينا أن نسير وفقًا لتعاليم القرآن الكريم
وإرشادات العترة الطاهرة (عليهم السلام)، فإذا كان الطريق الصحيح واضحًا ومفتوحًا،
فلماذا نسلك الطريق غير الآمن؟! أنتهى"
أقول" غاية مراد
الفقيه الآملي هو التمسك بالقدر المتيقن من الشعائر إذا كان مراد ما يقصد بقوله"معرفة
أي منها كان موجودا في العزاء" في زمن المعصوم "عليه السلام" وهذا
يستلزم إسقاط جملة من الممارسات الطقوسية من أصل لعدم وجودها في عصر النص، وهذا
مستبعد منه على ما يبدو لي، وأما لو فسرنا قوله"معرفة أي منها كان موجودا في
العزاء" هو ما كان من طقوس قبل ثلاثمائة سنة تقريبًا تزيد أو تنقص، فإذا كان
هذا مراده فهو غريب، لإنه لا يرجع لمعنى محصل، وكيف كان" حذف الإضافات بعد
التمسك بالشعائر في قرون الغيبة الكبرى، مبتلى بمشكل التسلسل المنطقي الباطل كما
هو واضح فتأمل بالتالي يرجع قطع هذا التسلسل بالضرورة بعصر النص فيرجع الإشكال
جذرا على الفقيه الآملي ..
0 تعليقات