آخر الأخبار

منظمة شنغهاي للتعاون نحو عالم جديد أكثر عدالةً وتوازنًا وإنسانيةً

  


 


ا.د. مجدي زعبل


1-
تقرير حال:


في الفترة من 15-16 سبتمبر الجاري 2022 اجتمعت في مدينة سمرقند التاريخية بجمهورية أوزبكستان قمة رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون في دورتها الثانية والعشرين ، والتي حضرها رؤساء الصين وروسيا وكازخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وبيلا روسيا ، ورئيس الوزراء الهندي ورئيس الوزراء الباكستاني. وكذلك كل من الرئيس التركي والرئيس الاذربيجاني بصفة مراقب. كما مثل مصر في المؤتمر تمثيلًا رفيعًا سعادة السفير حمدي لوزا مساعد وزير الخارجية المصري للشئوون الإفريقية.

 

عقدت الجلسة الختامية للمؤتمر يوم 16 سبتمبر في مركز المؤتمرات الدولية بمدينة سمرقند و ترأسها الرئيس شوكت ميرضيائئيف رئيس جمهورية اوزبكستان ، في بداية كلمته أشار الرئيس الصيني شي جينبيينج الى ان منظمة شنغهاي للتعاون ظلت ترفع راية "روح شنغهاي " منذ تأسيسها قبل أكثر من عشرين عامًا ونجحت بشكل متصاعد في استكشاف طريق جديد من النمو والتقدم لمنظمة دولية ناشئة ، كما تمت بلورة سلسلة من الخبرات الناجحة المهمة والملهمة ، وفي كلمته امام المؤتمر شن الرئيس الروسي فلاديميير بوتين هجومًا حادًا على الدول الغربية واتهمها بأنها مازالت تعيش بذهنية الاستعمار وتقتات على موائد الغير.

 

الجدير بالذكر ان البيان الختامي للمؤتمر جاء مؤكدا على جملة الأهداف والسياسات التالية:

 

-1 الدعوة الى عالم أكثر عدالة وتوازنا.

 

-2تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وحظر تخزين وإنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية بين دول المنظمة.

 

-3 الالتزام بمبدأ التشاور والتعاون والمنفعة للجميع وتعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية وبين المنفعة المتبادلة.

 

-4 الدعوة الى المساواة بين جميع الدول والالتزام بمبدأ توافق الآراء وعدم تنمر الكبير القوي على الصغير الضعيف.

 

-5 الدعوة الى التعايش المتناغم والتعلم والاستفادة المتبادلة بين الدول والأعراق والثقافات المختلفة.

 

-6 الدعوة الى الحوار بين الحضارات والثقافات والبحث عن القواسم المشتركة التي تفضي الى خير الجميع.

 

-7 تطوير المنظمة والتحكم في اتجاه تطويرها بما يضمن تعميق التعاون بين اعضاءها لتحقيق النهضة والازدهار.

 

8- التمسك بتكريس "روح شنغهاي " لتعزيز الثقة المتبادلة بين أعضاء المنظمة لنكون سندًا لبعضنا البعض في تحقيق التنمية والنهضة.

 

-9 التمسك بالاستقلال الاستراتيجي والعمل على دعم التعاون الأمني بين دول المنظمة.

 

-10 العمل على توسيع العضوية لاستكمال البناء المؤسسي والاستجابة لطلبات الدول للانضمام الى " العائلة الكبيرة لمنظمة شنغهاي للتعاون"

 

-2عود على بدء :

 

إن منظمة شنغهاي منذ إنشائها عام 2001 اكتسبت - ولاتزال – احترامًا وتقديرًا دوليًا رسميًا وشعبيًا هائلًا ، لأنها مثلت منذ لحظة ولادتها حتى الآن صوت الضمير الإنساني الذي تحتاجه البشرية في هذه الأيام بالذات ، كما أنها جسدت روح التعاون الحقيقي بين أعضائها. لقد أصبح مؤكدًا أن واقع المنظمة وحيوتها وآفاقها المتسعة جعلت الكثير من دول العالم تسعى لطلب عضويتها والمساهمة في تحقيق خططها الطموحة ، ولهذا نحن على ثقة أن هذه المنظمة ستصبح في المستقبل القريب جدًا أهم وأكبر نموذج " للقوة الناعمة الفعّالة" في عالم اليوم ، التي يمكنها أن تنقل العالم من أوضاعة الحالية البائسة إلى عالم إنساني يتسع للجميع يحمي حقوق الإنسان وكرامته في ربوع الكرة الأرضية .

 

المنظمة بعضويتها الحالية - بعد قبول ايران - 9 دول : روسيا- الصين – الهند – باكستان – اوزبكستان – طاجيكستان – قيرغيزستان – كازاخستان – إيران )وهذه الكتلة البشرية تزن أكثر من نصف سكان العالم ، وتزن أكثر من ربع الناتج الإجمالي العالمي. تزداد في المستقبل بحسب قبول الدول التي على قائمة الانتظار : ثلاث دول بصفة مراقب هي( منغوليا ، وأفغانستان ، وبيلاروسيا التي حضر رئيسها الاجتماع الحالي) وتسع دول شركاء حوار هي ( أرمينيا- أذربيجان – كمبوديا – نيبال – سيريلانكا – تركيا - مصر – السعودية – قطر ( تم توقيع عضوية مصر والسعودية كشركاء حوار" في هذا المؤتمر) . وهناك قائمة كبيرة من الدول الراغبة في الانضمام للمنظمة ، ولم يبت في أمرها بعد ، بينما رفض طلب الولايات المتحدة الأمريكية من قبل.

 

-3 رؤية مصرية مقترحة:

 

في عام 2021 تم ترشيح مصر لعضوية كشريك حوار ( وهي أول مستوى للعضوية يليها صفة مراقب وبعدها تأتي صفة العضوية الكاملة) وهو الترشيح الذي جاء متكافئًا من قبل الرئيسين شوكت ميرضيائييف و فلاديميير بوتين.

 

وفي العام الجاري كان لصاحب هذه السطور شرف المشاركة في فعاليات المنظمة لأول مرة بعد ترشيح مصر لعضويتها - حيث شارك - بصفته رئيسًا لجمعية الصداقة المصرية الأوزبكية - في مؤتمر " الدبلوماسية الشعبية : التفاهم المشترك من أجل التطور ، الذي عقد في العاصمة طشقند عاصمة جمهورية أوزبكستان في الفترة من 11– 13 مايو الماضي .

 

شارك في المؤتمر وفود من )روسيا – الصين – اوزبكستان – قيرغيزستان – الهند – باكستان – طاجيكستان – كازاخستان ، بالإضافة لجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية " كدول شركاء الحوار".

 

انقسم المؤتمر لثلاث جلسات الأولى جلسة افتتاحية ترأستها السيدة/ تنزيلا ناربييفا رئيس مجلس الشيوخ في اوزبكستان.

 

ثم تلاها جلستين علميتين ، الأولى بعنوان : دور البرلمانات والمنظمات الشعبية في تعزيز الدبلوماسية الشعبية ، والثانية بعنوان الدبلوماسية الشعبية ، كأحد أهم العناصر الحديثة للتواصل السريع بين الدول : خبرة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون ، وفي كل جلسة نوقشت مجموعة من الأوراق البحثية كان عددها عشرون ورقة بحثية، وكانت الورقة المصرية بعنوان: دور الدبلوماسية الشعبية في استشراف نظام دولي جديد: منظمة شنغهاي للتعاون نموذجًا.

 

وتبنت الورقة المصرية تحديد رؤية علمية لمفهوم وآليات الدبلوماسية الشعبية من حيث مفاهيمها ومضامينها وأهدافها ، والتي يمكن صياغتها على النحو التالي: تعزيز العلاقات بين دول المنظمة ، وتحقيق الانسجام بين الأعراق والأديان ، وتعميم الحوار بين الحضارات ، ودعم الروابط الثقافية والإنسانية ، فضلا عن تحقيق التوازن بين المؤسسات الرسمية ، ومنظمات المجتمع المدني. إن هذه المضامين مجتمعة ومتضامنة ومتكاملة ، تمثل إطارًا جامعًا وأهدافًا طموحة تتطلع إليها كل شعوب الدنيا لتحقيق السلام والعدالة والتنمية والكرامة الإنسانية.

 

والأمر كذلك فإننا ننظر إلى منظمة شنغهاي للتعاون على أنها " نداء الشرق الجديد " بكل فلسفاته العميقة ، وكل إسهاماته الثقافية والحضارية ، التي قادت البشرية إلى النور في زمن مضى على هدى العلم وروح العطاء واحترام القيم الإنسانية النبيلة ، وعليه فإننا نتطلع إلى استمرار مسيرة النور تلك بأن نقدم للبشرية – عن طريق منظمة شنغهاي للتعاون وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية الصديقة –" النموذج الحضاري البديل" ، والدعوة إلى – والتبشير ب - نظام دولي جديد متعدد الأقطاب والمسئوليات تأخذ فيه كل دولة نصيبها العادل من الثروة والكرامة ، بقدر إسهامها في تأسيسه وتحمل تبعانه.

 

ثم عرجت الورقة على تقديم معنى وقيمة مصر من حيث هي قلب العروبة الجامع ، ومنارة العالم الإسلامي ، فضلًا عن كونها المقدمة الأولى لفكرة ومضمون الحضارة فى مطلق التاريخ الإنساني ، وإذا كان هناك دولة في عالمنا تتمتع بكونها " مصدر إلهام لمعنى ومبنى القوة الناعمة " فسوف تكون مصر في مقدمة الصفوف. واستنادًا على ماتقدم اقترحت الورقة على رئاسة المؤتمر ضرورة الوضع في الاعتبار والأولوية أن تباشر المنظمة الحوار مع الجهات الرسمية في مصر لاختيار إحدى المنظمات الأكاديمية أو البحثية لتكون شريك الحوار المصري مع المنظمة .

 

والأمل يحدونا في أن تكون المشاركة المصرية في القمة الأخيرة في شخص سعادة السفير حمدي لوزا فاتحة خير لدور مصر الدولي والحضاري ، كما أنه دعمًا متكافئًا و موازيا أيضًا للمنظمة بحسب ثقل مصر وإمكاناتها البشرية والحضارية ، وبهذا نحقق التكامل في الأدوار والمهام والفائدة والخير المشترك للجميع وهو أحد أهداف المنظمة الرئيسة.

 

 

⃰⃰المستشار الثقافي الأسبق للسفارة المصرية بجمهورية أوزبكستان


رئيس جمعية الصداقة المصرية الأوزبكية بالقاهرة

إرسال تعليق

0 تعليقات