آخر الأخبار

السياسة نفاق.. والنفاق سيد الأخلاق!!

 






نصر القفاص

 

 

تذكرت "حافظ بدوى" الذى كان رئيسا لمجلس الأمة.. قبل أن يجعلوه مجلس الشعب.. ثم أعادوه لاسمه فى "زمن الملكية" ليصبح مجلس النواب!!

 

جمعتنى جلسة معه.. كان يحاول استتابتى من ممارسة "رجس المعارضة" أيام شبابى.. وأخذ يحدثنى عن السياسة وفنونها وضروراتها.. وباعتبارى مصرى من جذور فلاحى, حيث تربطنى بمدينة "دسوق" علاقة الأصل.. وهى واحدة من مدن "محافظة كفر الشيخ" التى قدمت لمصر "سعد زغلول" و"عمر التلمسانى".. كما قدمت آخرين بينهم "حافظ بدوى" الذى صدمنى حين قال لى: "عن معاوية ابن ابى سفيان رضى الله عنه وأرضاه.. أن السياسة نفاق.. والنفاق سيد الأخلاق"!! لتأخذنى صدمة ظهرت على وجهى.. ثم كان حوارا طويلا بيننا, تحفظه ذاكرة جريدة "الطلاب" خلال عام 1977, الذى كان ملتهبا فى مصر!!

 

البداية بهذا الهامش سببها ترديد "جوقة المبرراتية" جملة تقول: "ليس فى السياسة عداوة دائمة.. ولا صداقة دائمة" وهى قاعدة لها أصول فى "علم السياسة" وتختلف جذريا عن "سياسة معاوية ابن أبى سفيان" التى يؤمن بها "أولاد وأحفاد حافظ بدوى" وأمثاله.. وقد فتح المناقشة حول هذه المسألة أن "أمير قطر" زار مصر قبل نحو شهرين.. ثم قام "الرئيس المصرى" برد الزيارة.. وخلال أيام المناسبتين أخذت أمثالى صدمة.. وانبرى العاملين فى "جوقة المبرراتية" لتعليم الناس فنون السياسة, بكلام ساذج يرقى إلى حد "العبط" وكنت أقرأه وأضحك!!
لا يشغلنى هؤلاء. رغم أننى أتابع اندفاعهم للكتابة بأسرع من الصوت!!

 

تشغلنى القراءة أكثر, وأتردد كلما شرعت فى الكتابة.. تذكرت كتاب "ممنوع من التداول" للكاتب الكبير – مقاما – وأتشرف أنه أستاذي "محمود عوض".. وهو كتاب كان صادما لإسرائيل قبل حرب أكتوبر 1973 لأسباب كثيرة.. أهمها أن "موشى ديان" فوجئ بأن كاتبا مصريا قرأ وفهم.. ثم كتب هذا الكتاب.. لأن وزير حرب إسرائيل الذى انتصر عام 1967, هو نفسه الذى ذاق ذل هزيمتهم عام 1973.. ولما كنت قد تعودت أن أضع خطوطا تحت سطور بعينها فى كل كتاب أقرأه.. فقد وجدت خطوطا تحت مقوله "موشى ديان" فى مذكراته.. "أن العرب لا يقرأون".. رغم أننا أمة "إقرأ"!!.. والكتاب يستعرض حكاية "إسرائيل" من الألف للياء فى أقل عدد من الصفحات, بأسلوب لا يقدر عليه غير مؤلفه.. ثم يأخذك إلى أعماق الفكرة "الصهيونية" ببساطة يستحق أن نحسده عليها.. إضافة إلى عمق يصيبك بذهول إبداعه.. لأجدنى وضعت خطا تحت عبارة كتبها تقول: "الحكومة تصادر حرية الرأى.. بينما المثقفون مشغولون بالمستقبل.. والحكومة مشغولة بالسلطة".. وكان يتحدث عن واقع مصر عام 1925.. بينما إسرائيل قد انتقلت من الفكرة, إلى واقع ما بعد "وعد بلفور" الذى لم يشغل العرب جميعا وقتها.. ينقلنا بعدها "محمود عوض" إلى العام 1942.. وقت أن ذهب "لامبسون" السفير البريطانى فى مصر إلى "الملك فاروق" ليمارس معه فعل الإهانة والإذلال علنا ويجبره على تكليف "مصطفى النحاس" بتشكيل الوزارة.. ثم قال عنه فى مذكرة رسمية للخارجية فى بلاده "الولد كان مذعورا كالدجاجة".. وهى الإهانة التى دفعت عدد من شباب مصر, كانوا ضباطا فى الجيش يفكرون فى غسل هذا العار عن الوطن.. وقد حدث فعلا فجر 23 يوليو 1952.. ونجحوا فى أن يجعلوا الاستعمار يحمل عصاه ويرحل.. هم أنفسهم الذين لا تتوقف عن "سبهم" و"تشويههم" ماكينات الكذب من جانب "ولاد أمريكا" الذين تمكنوا من رقبة مصر فى "زمن السلام" الذى جعل "دولة الإمارات" يفاخر حكامها بأنهم أصبحوا حلفاء لإسرائيل.. ربما لأن الفكرة ثم أول معاهدة معها, جاءت من مصر – بكل أسف وأسى – لأن حاكمها لا يعرف أن "بن جوريون" كتب فى مذكراته أن: "القوة هى العامل الحاسم.. وبغيرها سيظل اليهود أقلية مغلوبة فى بلد عربى" وأضاف: "يجب أن نعلم اليهود الزراعة لأنها تربط الفرد بالأرض.. ونعلمهم حمل السلاح"!!.. وردا على ذلك كان شعار "يد تبنى.. ويد تحمل السلاح" الذى أصبح عنوانا للعقيد العسكرية للجيش المصرى بعد "ثورة 23 يوليو".. والمؤلم أن الشعار – العقيدة – يتعرض للتحريف والانحراف بصورة صادمة.. مؤلمة.. تفرض دق ناقوس الخطر!!

 

يقول "بن جوريون" حين وضع أساس قيام إسرائيل: "يجب أن نتكلم عن السلام, كما لو كنا لن نحارب.. ونتكلم عن الحرب كما لو كنا لا نريد السلام" وعلم شعبه ذلك عام 1945.. ثم بعد أن فرضوا دولتهم بالقوة عام 1948.. قال فى الذكرى الأولى لتأسيسها مايو 1949.. بوضوح: "علينا أن نجعل الحرب حرفة يهودية"!!.. وكل هذا جاء تنفيذا لكلام صاحب الفكرة – تيودور هرتزل – قبل رحيله: "مادام الباب الأمامى لفلسطين سيكون مغلقا أمامنا.. لابد أن نجئ من أبواب خلفية أخرى"!! وهو نفسه الذى تحدث عن أهمية سيناء, وذكر تحديدا "العريش" لدرجة أنه كتب فى مذكراته: "سيناء, والعريش هى نصف الطريق إلى فلسطين"!! ولما فشلوا فى الدخول من الباب الأمامى – الدولة العثمانية – ذهبوا إلى الباب الخلفى!!

 

عين إسرائيل على مصر لا تغمض لحظة واحدة.. حربا أو سلاما!!

 

قادتها كتبوا ونشروا ذلك.. لكننا عرب – لا يقرأون – وسجل "بن جوريون" فى مذكراته أن ذهاب مصر إلى الزراعة والصناعة وبناء جيش قوى يحظى باحترام وتقدير المصريين خط أحمر.. من هنا كان الصدام مع "الجمهورية الأولى" وقائدها وزعيمها "جمال عبد الناصر".. ثم استراحوا فى "زمن الجمهورية الثانية" بكل رؤسائها بداية من "أنور السادات" حتى الآن!! لدرجة أنهم سمحوا لصحفهم أن تنشر مقالات ودراسات عن الوضع الراهن فى مصر.. بل يناقشه التليفزيون الإسرائيلى بتفاصيل يصعب استيعابها.. كما يصعب أن أناقشها حتى لا أزعج "حافظ بدوى" فى قبره.. ولأن زمنى يختلف عن زمن عاش فيه "محمود عوض" حين اجتهد ونشر كتابه "ممنوع من التداول".. كما اجتهد عبر دقائق قليلة كانت تقدمها الإذاعة المصرية قبل نشرة أخبار الظهيرة بعنوان "من قلب إسرائيل".. الذى توقف منذ أن ذهبنا إلى "السلام الضائع" كما أطلق عليه "محمد إبراهيم كامل" وزير خارجية مصر الأسبق.. ويذهلنى أن كتاب "ممنوع من التداول" شرح تفاصيل عقل وفكر إسرائيل – قبل حرب اكتوبر – وأكد على أن سياستها هى استدراج مصر إلى أزمات اقتصادية متتابعة.. متلاحقة.. حتى ترفع "الراية البيضاء" تماما.. ووصل الأمر إلى حد أننا نعيش اللحظات الأخيرة من خطة إسرائيل, وتشارك فيها عواصم عربية مع رجالهم فى مصر إلى جانب "ولاد أمريكا" تحت عناوين مخادعة.. كاذبة.. لكى يفرضوا على قلب الأمة العربية أن يتوقف.. وما يكاد يصيبنى بالجنون أن الأمر أصبح علنا, لدرجة أنهم يتحدثون عن علاقتهم بخليفة "الرئيس السيسى" ويعلنون اسمه.. دون أن ينطق أحدا أو يرد من إعلام "سامسونج"!!.. ونحن نعتقد أن العلنى سر, رغم أن القاصى والدانى يعلمونه.. كما يعلمه الرئيس, من يتناولون اسمه كخليفة له.. ومطلوب منى أن أصمت حفاظا على حريتى أو حياتى!!

 

إرسال تعليق

0 تعليقات