آخر الأخبار

عن الأقرع الذى يأكل حلاوة

 




د. رشدى يوسف

 

يزعق العامة والدهماء قائلين : إن الأقرع يأكل حلاوة . فيقول الحكماء : بفلوسه , وذلك مثل عامى بالغ الدلالة , فالعامة يصرخون منددين بارتباك الأولويات لدى الأقرع . إذ كان عليه أولا أن يعالج القراع فى رأسه قبل أن تنفتح نفسه لأكل الحلاوة , لكن حكماء مصر الذين يتمتعون ببعض ليبرالية يرون أن من حق الأقرع - طبقا للدستور – أن يرسم أولوياته , مادامت الفلوس ملكه , إذ قد يكون عمل واجتهد فمن حقه – على قرعته – أن يأكل ماتشتهى نفسه , وقد تكون الفلوس آلت اليه بالميراث عن أم أمه , فهو إذن يحكم فى ماله , فلا ضرر ولا ضرار . أمّا أن يقترض الأقرع ليأكل حلاوة علنا , فتلك هى الكلاحة التى تستفز العامة وأنا منهم .

 

وتلك هى حالنا مع التنمية فى مصر , فالإستثمار السياحى – كما يقول الفقهاء – هو بطة عرجاء , تطيح بها أى لفحة هواء , وقد توقفنا عن الإنتاج وأخذنا نبيع مصانعنا باعتبارنا لسنا أهل صناعة , كما ردد حكماءنا وأهل الحل والربط فى بلادنا , ثم أنفقنا مليارات الدولارات فى زراعة شواطئ مصر بالقرى السياحية ليعمل شبابنا خدما ينظفون ويطبخون ويرقصون باعتبارنا أهل هنك ورنك كما قال نفس الحكماء , ثم أتتنا الحوادث تترى كى تتعطل السياحة , فلم يكن من حسن السياسة والفطن أن نتوسع فى السياحة ، وأن نقيم فنادق عملاقة بسعة تزيد عن الألف غرفة فى العلمين , وأن نربطها بقطار سريع بالعين السخنة . تحسبا لأن يصيب رواد العلمين ملل , فيهرعون الى العين السخنة طلبا للتغيير , هذا بينما الديون تتراكم والأسعار تلتهب , والبطالة ترتفع . والشعب يئن أنينا متتابعا يوشك أن يكون له ضرام .

 

إرسال تعليق

0 تعليقات