آخر الأخبار

أربعون عاما ولم ننسَ

 





عمر حلمي الغول

 

 

مرت أمس ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا ال40، التي أدمت قلوب وعقول الشعب الفلسطيني خصوصا وشعوب العالم عموما لهول ما حملت من وحشية إسرائيلية انعزالية وبحماية أميركية، حيث كانت بوارج الأسطول الأميركي السادس ترابط على الشواطئ اللبنانية، ليس هذا فحسب، وبل وقصفت من البحر مواقع المقاومة المشتركة للحركتين الوطنيتين الفلسطينية واللبنانية أثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية بما في ذلك العاصمة العربية بيروت.

 

القوات الانعزالية المجرمة، أداة إسرائيل في لبنان ما كان لها ان تقوم بمجزرتها لولا عاملين الأول خروج مقاتلي الثورة الفلسطينية إلى العديد من الدول الشقيقة، وفق الاتفاق مع فليب حبيب، ممثل الإدارة الأميركية آنذاك؛ والثاني الدعم والمساندة اللوجستية والغطاء الذي قدمته القوات الإسرائيلية، وعبر عنه رفائيل ايتان، رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك، بان الهدف تطهير المخيم من "المخربين (الفدائيين) الفلسطينيين"، ولهذا قامت تلك القوات بإضاءة سماء مخيم شاتيلا وحي صبرا بالقنابل المضيئة، وأمنت لهم الحماية لتنفيذ المهمة، كما وشارك عددا من المستعربين الصهاينة في محرقة القرن العشرين الثانية على يد ضحايا المحرقة النازية والفاشية الأولى خلال الحرب العالمية الثانية 1939/ 1945.

 

حوالي خمسة ألاف شهيد سقطوا على يد مصاصي دماء الشعوب وخاصة دماء الشعب الفلسطيني، وعلى مرآى ومسمع من العالم، رغم الوعود الأميركية والفرنسية والإيطالية بعدم التعرض لأبناء الشعب الفلسطيني الأعزل وفق ذلك الاتفاق مع حبيب. وهو ما يؤكد، ان واشنطن لا تفي بالتزاماتها، وليست معنية بحياة أبناء الشعب الفلسطيني، ولا بحياة أي إنسان في المعمورة بما في ذلك الأميركيين أنفسهم. الوفاء الوحيد الذي تلتزم به ذو شقين الأول الوفاء لرأسمال ونهب خيرات وثروات الشعوب؛ الثاني لإسرائيل وحماية تغولها واستقوائها على الفلسطينيين والعرب وشعوب الشرق الأوسط الكبير. وهو ما يحتم على كل من له صلة مع الولايات المتحدة، ويعتقد انه يقع ضمن دائرة الرعاية الأميركية، ان يحسس على رأسه، لان اميركا لا يعنيها من تحالفاتها وزعماء الدول التابعين، الذين يرتبطوا معها الا مصالحها، وعندما تشعر ان شركائها باتوا عبئا عليها، تنقض عليهم فجأة، ودون سابق انذار، وتضحي بهم لقاء حماية عمليات اغتصاب أموال الشعوب وثرواتهم، وتأت برموز أخرى لتحقيق غايتين، تجديد ادواتها، وزيادة ارصدتها من عملياتها اللصوصية. لان الزعماء الجدد يقدموا ولاءات اكثر اذلالا وتبعية واستجابة لاهدافها الاستعمارية.

وبالعودة لمحرقة صبرا وشاتيلا التي استمرت طيلة ثلاثة أيام متكاملة، ونجم عنها ابشع جرائم القتل وحشية من بقر بطون النساء الحوامل، وذبح الأطفال والشيوخ والنساء، وهدم البيوت والمساجد على رؤوسهم، ووضع الجثث في حفر (قبور جماعية)، وحرق بعض الجثث بعد التنكيل بها، وبعد اغتصاب الفتيات، واستخدام القنابل الفسفورية والنبالم اثناء اقتحامهم للبيوت وبيوت العبادة. كانت مجزرة صبرا وشاتيلا علامة متميزة في سجل دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية، وتعكس صورة الدولة التي أسسها وانتجها وزرعها الغرب الرأسمالي كخنجر في قلب الوطن العربي، الدولة العنوان لكل موبقات الحثالة الإنسانية، المنتجة للحقد والكراهية والموت والجريمة المنظمة، واستباحة حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني.

 

وصبرا وشاتيلا ليست سوى لحظة من لحظات الجريمة المتعاقبة في دورة حياة دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية، وهي لحظة انعطافية في عمليات القتل والذبح والحرق، التي ارتكبتها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني منذ عشرينيات القرن العشرين، وستبقى ذكرى المجزرة وكل المحارق الصهيونية حاضرة في ذاكرة الشعب الفلسطيني وقطاعاته واجياله المتعاقبة دون استثناء. ولن ينسى أي من الجرائم والمذابح الصهيونية، وسيلاحق كل القتلة احياءً او اموات في المحاكم الأممية، وفي كل منبر اممي او إقليمي وحيثما يتاح القصاص منهم. ولن يدخر وسيلة قانونية او سياسية او ثقافية او فنية او تربوية لفضح وتعرية المحارق الإسرائيلية وفي المقدمة منها محرقة صبرا وشاتيلا.

 

من المؤكد، ان شعب فلسطين العظيم سيأخذ حقه يوما ما من شارون وشامير وبيغن وايتان ونتنياهو وهرتسل ووايزمن وبيرس ورابين ويعلون وباراك ومئير واشكول والون وبن غفير وسموتيريتش وليبرمان وشاكيد وبينت ولبيد وغانتس وقائمة القتلة الصهاينة الطويلة، ولن يذهب الدم الفلسطيني المستباح ذات يوم هدرا، وكل يد صهيونية تلخطت بالدم الوطني حية ام ميتة ستدفع الثمن غاليا. وكل الرحمة لارواح شهداء صبرا وشاتيلا وكل شهدائنا الابرار حيثما سقطوا ودافعوا عن ثرى وعروبة وهوية فلسطين وشعبها.

إرسال تعليق

0 تعليقات