علي الأصولي
الجنين كما أنه يمكن
أن يولد قبل تمام العدة المعروفة فإنه كذلك يمكن البقاء أكثر من العدة المعتادة في
رحم أمًّه.
فقد وقع الخلاف بين
كلمات قدماء فقهاء أهل السنة وبين الطب المعاصر وبين رجال القانون في أطول مدة
للحمل.
فقد نص الأحناف على
إمكانية بقاء الجنين سنتين. وذهب جملة من فقهاء المالكية إلى إمكانية البقاء أربعة
سنين. ووافقهم بعض الحنابلة. ونص جماعة من فقهاء المالكية على إمكانية البقاء خمس
سنين في الرحم قبل الولادة. وتوجد رواية عند الحنابلة بموافقة هذا الرأي.
وذهب الليث بن سعد
إلى إمكانية ثلاث سنوات. وغيرها من الآراء حتى وصل الأمر إلى ( ٧ ) سنوات عندهم
كما عن ربيعة الرأي ورواية للزهري وأخرى لمالك. ومنهم من يرى لا حد لأكثر الحمل
وهو قول أبي عبيد والشوكاني ومن المعاصرين ابن باز وابن عثيمين. عملا بمبدأ
الإحتياط على ما يبدو لي. وإلتزام ابن حزم الفقيه الظاهري كما في [المحلى]. على أن
أقصى مدة للحمل تسعة أشهر وزاد ابن رشد عليه إلى سنة كاملة وهو قول محمد بن عبد
الحكم.
طبيا ذكر الأطباء على
أن مدة الحمل لا تتأخر عن الموعد المعتاد إلا فترة وجيزة لا تزيد عن أسبوعين أو
ثلاثة غالبا. وكل ولادة تتأخر تحصل فيها مشاكل مفضية لموت الجنين. لأن صلاحية
المشيمة التي هي مصدر غذاء الجنين لا يمكن لها أن تقاوم أكثر من أسبوعين إلى ثلاثة
على الأكثر وبعدها يدخل الطفل بمجاعة بالتالي نسبة وفاة الطفل بعد الاسبوع الثالث
والأربعين والرابع والأربعين عالية جدا. وما ذكر من بقاء الطفل سنة بحسب آراء بعض
فقهاء الشرع وفقهاء القانون مبالغة فيها.
نعم" وعلى ما نص
عليه الأطباء عنون الخصم مقاله تحت عنوان الحمل لسنة كاملة وعصمة الإمام!
إذ قال: من الواضحات
الوجدانيّات العلميّات أنّ الحمل لا يمكن أن يتجاوز الـ ٤٥ أسبوعاً منذ بداية آخر
حيضة في أكثر التّقادير وأقلّها ندرةً ووقوعاً، وإلّا فإنّ تأخّر الطّفل عن
الأسبوع ٤١ يعني شروع مشيمته بالاضمحلال ومعاناته من نقص في وصول الغذاء إليه،
ولهذا يحرص معظم الأطبّاء على تحفيز الرّحم على الولادة بعد الأسبوع الـ ٤٢؛ كي لا
يتعرّض الجنين لسوء، ممّا يعني تراوح الحمل بين ٩ و ١٠ شهور وأكثر بقليل.
لكنّ أئمّة أهل البيت
نصّوا في بعض صحاح رواياتهم على إمكانيّة بقاء الولد سنة كاملة في بطن أمّه
وولادته بشكل طبيعي، وطلبوا ممّن حملت زوجته بعد سنة من غيابه أن يُصدّق ويُذعن
بانتساب الولد إليه ولا يجوز له نفيه، وتبعهم على ذلك جملة من الفقهاء والمراجع
بما في ذلك من المعاصرين من قبيل: المرجع الأعلى في حينه محسن الحكيم، محمّد باقر
الصّدر، الخمينيّ، المرجع الأعلى السّابق الخوئي، المرجع الأعلى الحالي السّيستاني...
وغيرهم.
وهنا نسأل: ما هو
رأيك كمتديّن موال معتقد بعصمة الأئمّة من الأخطاء لا سيّما من هذا القبيل، هل
ستراجع إيمانك بها وبهم، وتعيد النّظر فيهم وتموضعهم في سياقهم الطّبيعي الّذي
ولدوا وترعرعوا فيه، أم ستبقى مصرّاً على أنّ إيمانك بإمامتهم وعصمتهم لم يتولّد
عندك من الجغرافيا والتّلقين الّذي نشأت وتعلّمت عليه، وإنّما من البحث والتّنقيب
والمتابعة والفحص. انتهى"
ويرد عليه: أن الأصل
في الحمل تسعة أشهر لا تزيد ولا تنقص بالحالات الطبيعية. وبعد معرفة أن مقولة
الحمل (حمل المرأة) من الموضوعات أو القضايا الخارجية ولذا تدخل الإمام لمعالجة
خطأ وارد في طبيعة حسابات الحوامل في زمنه. سواء كان الخطأ من نفس حساب الحامل أو
من أهلها أو زوجها أو القابلة نفسها. دفعا لإشكالية موضوعية خارجية كما أن
الإشكاليات اليوم معروفة للنساء الحوامل وقصة الحمل الكاذب.
وبالجملة: هذه
المسألة أثيرت بالفقه حول شروط إلحاق الطفل بابيه إذا طلق الزوجة أو غاب عنها. إذ
أن في أقصى الوضع أقوال عند الإمامية:
أولها: تسعة أشهر. وقد
ذكره صاحب [الشرائع] وادعى الإشهرية فيه.
وقيل عشرة أشهر وهو
حسن يعضده الوجدان في كثير.
ثانيها: عشرة أشهر. وقد
ذكره صاحب [المسالك] ونسبها للشيخ في [المبسوط] واستحسنه المحقق الحلي.
ثالثها: سنة كاملة. تبعا
لبعض الروايات والتزمه جماعة قال الشيرازي في [الفقه] أنا وجدنا أكثر من عشرة أيضا.
بالتالي لا يمكن الاعتماد على روايات الحصر تسعة أو عشرة. انتهى"
أقول: كل الروايات
التي نصت على تسعة أشهر [للأصل بالوضع] أو عشرة أو سنة كاملة صحيحة تبعا لاختلاف
النساء من امرأة لأخرى وطبيعة بقاء المشيمة كمصدر غذاء للطفل. وبالتالي يمكن حمل
الروايات بوجه.
وكيف كان: أن أقرب
رأي للطب الحديث هو رأي الإمامية والفقيه الأندلسي ابن حزم وكذا ابن رشد وما عدا
هذا الرأي فهو تمحًل. وأما دعوى الخصم بما حاصله : نص أئمة أهل البيت في بعض صحاح
رواياتهم على بقاء الطفل في بطن أمه سنة كاملة بشكل طبيعي.
فيرد عليه: هذه
الروايات صرحت الإبقاء كاقصى مدة للحمل وهو خلاف الأصل الذي هو تسعة أشهر (عرفية( .
0 تعليقات