عمر حلمي الغول
تلتئم القمة العربية
القادمة في تشرين ثاني/ نوفمبر القادم في العاصمة الجزائرية بعد تعثر وتردد لأسباب
ذاتية وموضوعية.
وحرصت القيادة ممثلة
بشخص الرئيس عبد المجيد تبون على تجسير كل المعيقات والإرباكات لتجمع شمل العرب
الرسميين، ومنها ازمة وباء كوفيد 19، وازدياد حدة الثقوب في العلاقات العربية
البينية، فضلا عن أزمات داخلية شهدتها العديد من الدول.
كما ان الرئاسة
الجزائرية أرادت للقمة ان تكون مختلفة ومتميزة لجهة أحداث اختراق في ملف الاستعصاء
الفلسطيني الفلسطيني، ومازالت تبذل جهودا كبيرة ومضاعفة لتقريب المسافات، فالتقت
بكل الأطراف الفلسطينية بدءا من حركتي فتح وحماس مرورا بالفصائل المختلفة وانتهاءا
ببعض المستقلين، وشكلت فريقا خاصا تابعا للرئيس تبون لمتابعة الملف، وقام فريق منه
بزيارة العديد من الدول ذات الصلة بالملف الفلسطيني وفي طليعتها مصر العربية
الراعية الأساس لملف المصالحة وقطر والسعودية والإمارات والأردن وحتى تركيا لمزيد
من الإحاطة بجوانب الملف، والاطلاع على رؤية تلك الدول وقراءاتها لأفاق المصالحة
الفلسطينية.
ومازالت تتابع الجهود
على هذا الصعيد لعلها تتمكن من كسر الجمود، وتجاوز الاستعصاء القائم. رغبة منها (الجزائر)
ان تكون قمتها القادمة قمة فلسطين والانتصار لها.
كما ان القيادة
الجزائرية بالتعاون مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عملت وتعمل على إيجاد
مخارج مقبولة في الملف السوري. رغم المواقف الراشحة في وسائل الإعلام، التي تقول،
ان القيادة السورية تمنت على الجزائر تأجيل البت بملف عودتها لمنبر الجامعة. ولا
اعتقد ان ما سرب في وسائل الإعلام صحيحا، لان سوريا معنية بالعودة لموقعها، وهذا
بالأساس حقها كدولة عضو ومؤسس فيها، وكون غيابها ليس مصلحة سورية ولا بالضرورة
مصلحة عربية، وأساسا اللجوء لتعليق عضوية سوريا في الجامعة لم يكن موفقا، ولا يعكس
سياسة راشدة، وافترض انه جاء تحت ضغط أميركي.
وهناك العديد من
الملفات العربية التي تحتاج الى وقفات ومراجعة، منها الملف اللبناني، الملف
العراقي، الملف السوداني والملف الليبي، وحدث ولا حرج عن ملف العلاقات الجزائرية
المغربية، ومن ضمنه ملف الصحراء (البوليساريو). ووفق ما تداولت وسائل الإعلام في
اليومين الأخيرين، فإن هناك انفراجة نسبية على هذا الصعيد، عنوانها ان الملك محمد
السادس ابلغ بعض الدول الخليجية نيته حضور القمة المقبلة. وهذا خبرا إيجابيا، لانه
يفتح الأفق أمام القيادتين المغربية والجزائرية لبحث الخلافات البينية، وكذلك يمكن
للزعماء العرب الإسهام في تجسير بعض المواقف البينية بين الدولتين.
ومن المؤكد هناك
الملفات الإقليمية مع تركيا وإيران ودولة الاستعمار الإسرائيلية، بالإضافة للملف الأوكراني
الروسي، وملفات الغاز والنفط، ودور العرب في ظل التحولات العالمية الجارية. لا
سيما وان العالم يشهد عملية فك وإعادة تركيب لمكونات المنظومة العالمية الجديدة مع
تراجع وانكفاء مرحلة العولمة الأميركية وتسييدها على عرش القرار الدولي.
وهذا ملف يحتاج من
العرب الرسميين كل من موقعه، والكل العربي بحث ومراجعة الموقع الخاص في ظل
المعادلات القائمة، وما تحمله التطورات الجارية في الحرب الأوكرانية وتبعاتها على
المستوى العالمي. لا سيما وان آفاق الحرب مفتوحة على أوسع مدياتها العالمية، ولا
يبدو في الأفق توقفها عند حدود الحرب بالوكالة، لان التداعيات الناجمة عن حدة
التناقضات بين الأقطاب الدولية، وإعادة تقسيم النفوذ في العالم ستدفع بالأمور لما
هو ابعد مما نشهده من معارك في شرق وجنوب أوكرانيا. وهذا يفرض على العرب الرسميين
التدقيق الى ابعد حد عن مصالحهم الخاصة والعامة، وإجراء مراجعة تستجيب لمصالحهم.
القمة العربية
القادمة ستكون بالضرورة محطة هامة بمعايير أهل النظام الرسمي العربي، ورغم كل
الانعطافات المأساوية في المشهد العربي مع اندلاق بعض العرب في متاهة الاستسلام مع
إسرائيل الاستعمارية من العام 2020، وتخليهم عن مبادرة السلام العربية، والاندفاع
غير المسؤول، والبعيد عن الاتزان السياسي في العلاقة مع الدولة المارقة التي
تستهدفهم جميعا، ولا تستهدف فلسطين وشعبها فقط، مع ذلك هناك قواسم مشتركة تجمع
الأنظمة الرسمية، يمكن ان تكون عناوين هامة للتجسير بين الزعماء وحكوماتهم، وفتح
افاق للشراكات العربية في العديد من الملفات. ومن الصعب الجزم بما يمكن ان تنحو
نحوه القمة من توجهات، ومع ذلك لا يجوز الذهاب بعيدا في حدود التفاؤل، خاصة وان
الشروط الذاتية والموضوعية لا تبعث الأمل على المراهنة كثيرا عن تحقيق نتائج ذات
أهمية على الصعيد القومي.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
0 تعليقات