آخر الأخبار

كورونا كانت إختبار من ربنا ...!!!

 




أحمد مجدي

 

 

و وقف الكاهن الأعظم من حيث موقعه في الصف الأول مصفقاً ليؤكد ما قاله الزعيم .

 

وهنا يحدد هيجل العلاقة بين الدولة السياسية والدين تحديدا صحيحا تماما حين يقول : " كي تقوم الدولة كواقع واع وأخلاقي للعقل ، فإنه من الضروري تمايزها عن شكل السلطة والعقيدة . ولكن هذا التمايز لايظهر إلا بمقدار ماتقوم به المؤسسة الدينية من جانبها بالفصل . هكذا فقط إكتسبت الدولة بوقوفها فوق المؤسسة الدينية الخاصة شمولية الفكر ومبدأ شكلها الذي تظهره للوجود. "

 

حقا تتشكل الدولة هكذا فقط مرتفعة فوق العناصر الخاصة كمؤسسة للمجموع . الدولة السياسية المكتملة طبقا لطبيعتها هي حياة النوع الإنساني على العكس من حياته المادية . فجميع الشروط لهذه الحياة الأنانية تبقى موجودة في المجتمع البرجوازي خارج مجال الدولة ، ولكن كخصائص لهذا المجتمع . فحيثما بلغت الدولة نموها الحقيقي يعيش الإنسان حياة مزدوجة ليس فقط في الفكر أو الوعي وإنما في الواقع ، في الحياة ، حياة سماوية وأخرى أرضية ، الحياة في المجتمع السياسي حيث يعتبر نفسه كائنا عاما والحياة في المجتمع البورجوازي حيث يمارس حياته الخاصة ، ويعتبر الآخرين وسيلة ، ويتحول نفسه إلى وسيلة ولعبة في أيدي قوى غريبة . وتقف الدولة السياسية إزاء المجتمع البوجوازي بمثل روحانية السماء إزاء الأرض . إنها تقف في نفس التناقض معه وتتغلب عليه بنفس الطريقة التي يتغلب بها الدين على محدودية العالم الدنيوي. هذا يعني بأن تعترف به أيضا ، تنشئه ، وتصبح خاضعة له . الإنسان في واقعه الأكثر مباشرة في المجتمع البورجوازي هو كائن دنيوي . هنا حيث يعتبر بالنسبة لذاته وللآخرين فردا يكون ظاهرة غير حقيقية . وعلى العكس في الدولة حيث يعتبر الإنسان نوعا يكون العضو الخيالي لسيادة وهمية ، وتسرق منه حياته الفردية الحقيقية وتملأ بجماعة غير واقعية.

 

إن الصراع الذي يجد الإنسان فيه نفسه كمعتنق لدين خاص و مواطن لدولة مع الناس الآخرين كأعضاء في المجتمع يتقلص إلى الإنتشار الدنيوي بين الدولة السياسية و المجتمع البورجوازي . حقا أن البورجوازي يبقى في حياة الدولة مثل اليهودي بصورة سفسطائية ، كما يبقى المواطن سفسطائيا يهوديا أو برجوازيا . لكن هذه السفسطة ليست شخصية ، إنها سفسطة الدولة السياسية نفسها . الفرق بين الإنسان المتدين والمواطن هو الفرق بين التاجر وبين المواطن ، بين العامل بأجر يومي والمواطن ، بين المالك العقاري والمواطن ، بين الفرد الحي و المواطن.

 

يتحرر الإنسان سياسيا من الدين بإقصائه من الحق العام إلى الحق الخاص .إنه لا يعود روح الدولة حيث يتصرف الإنسان ككائن نوعي ، بالإشتراك مع الناس الآخرين ، وإنما يكون قد أصبح روح المجتمع البورجوازي ومجال الأنانية وحرب الجميع ضد الجميع . إنه لم يعد جوهر المجموع وإنما جوهر الإختلاف. وأصبح تعبيرا عن إنفصال الإنسان عن طبيعته الإجتماعية بينه وبين الناس الآخرين وهو ما كانه في الأصل . إنه لم يعد سوى الإعتراف المجرد بالخطأ والنزوة الشخصية الإعتباطية.

 

ليست الدولة المسماة إسلامية والتي تعترف بالمسيحية كأساس لها وكدين للدولة وتميز نفسها عن الديانات الأخرى هي الدولة الإسلامية الكاملة ، وإنما الدولة الملحدة ، الدولة الديمقراطية ، الدولة التي تضع الدين ضمن باقي عناصر المجتمع البورجوازي . لم تنجح بعد الدولة التي لا تزال لاهوتية والتي تقر بإعتناق الإسلام بصورة رسمية ، التي لا تجرؤ بعد عن إعلان نفسها كدولة ، لم تنجح هذه الدولة بعد في التعبير عن الأساس البشري في شكل دنيوي بشريى، يكون الإسلام التعبير الدافق عنه . إن مايسمى بالدولة الإسلامية هو ببساطة اللادولة ، إذ لا يستطيع الإسلام كدين وإنما الخلفية البشرية للدين الإسلامي فقط أن يطرح نفسه في إبداعات إنسانية حقيقية .

 

إن مايسمى بالدولة الإسلامية إنما هو النفي الإسلامي للدولة ، ولكنه ليس تحقيقا للإسلام من قبل الدولة بأي حال من الأحوال . الدولة التي لا تزال تقر بالإسلام على شكل دين ، لا تقر به على شكل دولة ، فهي لا تسلك سلوكا متدينا إزاء الدين ، هذا يعني إنها ليس التحقيق الفعلي للأساس الإنساني ، لأنها لا تزال تقود إلى الوهم ، إلى الهيئة الخيالية لهذه النواة الإنسانية . إن ما يسمى بالدولة الإسلامية هي الدولة الغير مكتملة ، والدين بالنسبة لها تكملة وعلاج لنقصها ، من هنا يصبح الدين بالنسبة لها بالضرورة وسيلة وهي دولة النفاق . إنه لفرق كبير فيما إذا إعتبرت الدولة المكتملة الدين ضمن شروطها بسبب نقص يكمن في الطبيعة العامة للدولة ، أو أعلنت الدولة الغير كاملة بسبب النقص الذي يكمن في وجودها الخاص كدولة ناقصة للدين كأساس لها. ويصبح الدين في الحالة الأخيرة سياسة غير كاملة .

 

وفي الحالة الاولى يظهر نقص السياسة الكاملة في الدين ، يحتاج ماتسمى بالدولة الإسلامية إلى الدين ليكتمل كدولة . أما الدولة الديمقراطية ، والدولة الحقيقية فهي لا تحتاج إلى الدين من أجل إكتمالها السياسي . وأكثر من ذلك فهي تستطيع أن تطرح جوانب كثيرة من الدين لأن الاساس الإنساني للدين متحقق فيها بطريقة دنيوية .

 

وعلى العكس تقف الدولة المسماة إسلامية موقفا سياسيا إزاء الدين ودينيا إزاء السياسة ، وحين تحط هذه الدولة من الأشكال السياسية ظاهريا فإنها تحط من الدين ظاهريا بنفس القدر.


----------

 

النص الأصلي لكارل ماركس " حول المسألة اليهوديةوقد قمت بتعديل وتبديل بعض الكلمات .

إرسال تعليق

0 تعليقات