آخر الأخبار

شاكيد والقضاء والتطهير العرقي


 

 

عمر حلمي الغول

 

 

التطهير العرقي الإسرائيلي لا يأخذ شكلا واحدا في بلوغ مراميه وأهدافه الاستعمارية، لان الدولة الصهيونية تبدع في إنتاج أشكال لصوصية واجرامية لنفي الفلسطيني من بيته، ومن ارض وطنه الام عموما، والقدس العاصمة الفلسطينية الأبدية خصوصا. لا سيما وانها احد مفاصل الصراع الأساسية، ولا يمكن حسم الصراع الا بإقرار واعتراف إسرائيل المارقة بالدولة الفلسطينية عموما وفق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار الأساس، الذي قامت عليه الدولة الكولونيالية، أي القرار 181 الصادر في 29 تشرين ثان/ نوفمبر 1947 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة في الخامس من حزيران/ يونيو 1967.

 

الشكل الجديد الذي ابتدعه الوزير اريه درعي، وعمقته ايليت شاكيد، وزيرة الداخلية، وتعاونت فيه مع منظومة القضاء الاستعمارية الإسرائيلية بدعوتها عائلة الشهيد فادي قنبر يوم الأربعاء الموافق 28 أيلول / يسبتمبر الماضي الى اخلاء بيتها من القدس العاصمة. لان مكانتهم في بيتهم وارضهم الغيت. وعليهم مغادرة المنزل خلال أسبوع، وفق ما ذكرته القناة ال12 الإسرائيلية. ليس هذا فقط، انما أبلغت وزير الامن الداخلي، عمرو بار ليف، بان يجهز قوات الشرطة وحرس الحدود لتنفيذ جريمة التطهير العرقي، وطرد ذوي الشهيد من بيتهم حتى السادس من أكتوبر الحالي. وطبعا بار ليف رد بالإيجاب على طلب المرأة الفاشية، رغم انه يدعي دعمه لخيار "السلام". لكن الحقيقة قالت، وتقول عكس ما ادعاه النائب والوزير عن حزب العمل.

واعيد للاذهان، ان الشهيد البطل فادي قنبر، قام بعملية دهس في مستعمرة "ارمون هنتسيف"، او متنزه حي المندوب السامي في كانون ثاني / يناير 2017، وقتل فيها أربعة، وأصاب 18 جنديا إسرائيليا، أي  قبل خمس سنوات من الان. ولم تسلم سلطات الاستعمار الإسرائيلية جثمانه لذويه، ودفنته في مقابر الأرقام، وفقا لسياساتها الاجرامية. وكانت المحكمة الإسرائيلية صادقت على الجريمة. وتدعي شاكيد ان عائلة الشهيد، المكونة من سبعة افراد، عليهم الرحيل فورا، وفقا للقانون الإسرائيلي.

 

وادعت الوزيرة اليمينية المتطرفة، ان وجود عائلة الشهيد قنبر "غير قانوني"، ويجب ابعادهم بموجب قانون الدخول لإسرائيل. ولفت موقع "واينت" الإسرائيلي ان هذه القضية مختلف عليها داخل بقايا حكومة التغيير، المنتهية الصلاحية والولاية عمليا. وكانت محكمة الاستئناف في القدس، قبل عشرة أيام أصدرت قرارا بسحب الإقامة في القدس من سبعة افراد من عائلة الشهيد العشرة. ولا يزال بإمكان افراد عائلة الشهيد الاستئناف الى المحكمة المركزية ضد سحب اقامتهم خلال 45 يوما.

 

وبعيدا عن قضية الاستئناف، فان الامر الهام، ان كلا الوزيرين السابق، اريه درعي، الذي اتخذ قرار سحب الإقامة، وشاكيد التي تعمل الان في ظل حملة الانتخابات للكنيست ال25 للمتاجرة بجريمتها اللا إنسانية، والمنافية لابسط معايير اتفاقيات جنيف الأربع، وقوانين حقوق الانسان الأممية لترفع من نسبة رصيدها في الشارع اليميني المتطرف. لا سيما وان حزبها "البيت اليهودي" وفق استطلاعات الرأي المختلفة لن يحصد نتائج تؤهله لتجاوز نسبة الحسم.

 

والعامل الهام الأساس، ان المفارقة التاريخية والقانونية والسياسية تشير بشكل واضح وصريح، ان معايير شاكيد ودرعي وبا ليف وغيرهم من الصهاينة، لا تستند للمنطق، لان عائلة قنبر، هي صاحبة الأرض، وهي جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، صاحب الأرض والتاريخ والهوية. وان قانونها، وقانون درعي ونتنياهو بينت وبن غفير وسموتيريتش ومن لف لفهم، هو قانون الغاب، قانون الإرهاب والجريمة المنظمة، ولا يمت للواقع بصلة.

 

وعلى عائلة الشهيد فادي قنبر ان تواصل الصمود في بيتها، وترفض القانون الجائر والاستعماري. وعلى كل مكونات الشعب السياسية والقانونية والاجتماعية تقديم الدعم اللازم لتكريس صمود العائلة المناضلة، ومطالبة دول العالم عموما والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتخاذ ما يلزم لكبح جماح الجريمة الإسرائيلية الجديدة، ووقف حالة الفلتان والفوضى الإرهابية الصهيونية، التي تدفع بالامور دفعا نحو توسيع وزيادة عمليات التطهير العرقي، وجرائم القتل والمصادرة والتهويد لتحقيق مآربها الانية الانتخابية، والمآرب الاستعمارية الاستراتيجية في استكمال مشروع الدولة الإسرائيلية الكاملة على فلسطين التاريخية.

 

آن الآوان لتصعيد المقاومة الشعبية في ارجاء الأرض الفلسطينية لزيادة كلفة الاستعمار الصهيوني، وعدم السماح له باستباحة ما تبقى من الأرض والكرامة الإنسانية والحقوق الوطنية والقومية الفلسطينية في ارض الإباء والاجداد. والعمل بخطى حثيثة للاستجابة للمبادرة الجزائرية لبناء جسور الوحدة الوطنية، لانها تمثل رافعة أساسية للنضال الوطني.

إرسال تعليق

0 تعليقات