عمر حلمي الغول
من يتابع ما يجري في القدس العاصمة الفلسطينية عموما والمسجد الأقصى خصوصا،
يلحظ ان الخطوات الصهيونية الإجرامية التمهيدية لفرض التقسيم الزماني والمكاني
فيه، ومن ثم تدميره تجري على قدم وساق بهدف إقامة الهيكل الثالث على أنقاضه. ولم
تنحصر الخطوات التمهيدية بالمزيد من الاقتحامات المتعاقبة، وبأعداد كثيفة وخاصة في
المناسبات الدينية، كما هو الحال حاليا مع دخول السنة اليهودية الجديدة 5783 مساء الأحد
الماضي، وبدأت أمس الاثنين وتستمر البداية لليوم الثلاثاء الموافقين 26 و27 أيلول /
سبتمبر الحالي، وتتواصل لأيام عشر، أو ما يسمى أيام التوبة حتى عيد الغفران (كيبور)،
وبدل التوبة، ومراجعة الذات، وبناء جسور السلام، يقوم مغتصبو الديانة اليهودية على
تأجيج حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر مضاعفة الاقتحامات ونفخ البوق، وإقامة
الصلوات التلمودية داخل الحرم القدسي الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين
الشريفين، الخاص بالمسلمين، وبالتالي تعميق الاستفزازات لمشاعر أبناء الشعب
المقدسيين خصوصا والفلسطينيين عموما، والعرب والمسلمين جميعا.
ولا تتوقف عند حدود ما تقوم به الجماعات الصهيونية المتطرفة، إنما تؤمن لهم
أجهزة الأمن الإسرائيلية الحماية لارتكاب كل الموبقات والمحرمات داخل المسجد
الأقصى، احد الأماكن الأكثر قداسة عند المسلمين، حيث نشرت قوات الجيش والشرطة وحرس
الحدود ما يقارب الخمسين الفا في القدس وغيرها حماية للمستعمرين الصهاينة، وخشية
من اية عمليات فدائية. لا سيما وان لديهم عشرات الإنذارات.
وقد تم امس الاثنين اقتحام ما يزيد على 264 مستعمرا متطرفا باحات المسجد
الأقصى، وذكرت وسائل الاعلام، ان العدد اقل بكثير مما وعدت به منظمات الهيكل، حيث
قدرت ان تحشد الفين متطرف، اسوة بمناسبات دينية سابقة. ولكن وبغض النظر عن اعداد
المقتحمين، فانها تمثل انتهاكا واستفزازا لابناء الشعب الفلسطيني جميعا. هذا وتم
الاعتداء على المرابطين والصحفيين، واعتقلت منهم ستة داخل الحرم وعند باب السلسلة.،
واعتدت على المرابطات في ساحة صحن مسجد قبة الصخرة. كما اعتدت على احد كبار السن
عند باب المغاربة، المخصص لدخول المتطرفين الصهاينة.
وسبق ذلك ما هو اهم مما تقدم، والذي ينبأ بجريمة التدمير للحرم القدسي كله،
وهو وصول خمسة عجول حمراء تماما، خالية من العيوب، قادمة من حظيرة عجول في تكساس،
يملكها البارون ستنسون يوم الثلاثاء الموافق 20 أيلول / سبتمبر الحالي، وكان في
انتظارها كبار الحاخامين من معهد الهيكل في القدس، الحاخام كنعان كوبلتسكي،
الحاخام تساخي مامو، والحاخام يسرائيل هارئيل، والحاخام عزاريا أرئيل، يصحبهم مدير
عام التراث في وزارة الخارجية، نتائنيل إسحق وغيرهم. حسب ترجمة توفيق أبو شومر.
ويعتبر وجود العجول الخمسة احد اهم الشروط لإقامة الهيكل الثالث. لانها
تحرق بعدما تبلغ من العمر ثلاث سنوات، وعمرها حاليا عام واحد. ويمزج رمادها بماء
طاهر، ويستخدم خليطة في تطهير كل بني إسرائيل وحاخاماتهم في المقدمة. لانهم وفق
المعايير اليهودية الآن غير طاهرين، كونهم لامسوا أجساد الموتى، ونزلوا للقبور. واستمراءا
للأساطير والخزعبلات اليهودية، قال صاحب المزرعة الصهيوني، ستنسون "أخيرا
تحققت النبوءة، سيعود كل اليهود لإسرائيل، قد حان الوقت لبناء الهيكل الثالث."
ما تقدم يشير، إلى اننا على أبواب محرقة صهيونية أكثر وحشية خلال العامين
القادمين حتى يحين حرق تلك العجول، وخلط الأوراق السياسية بالدينية والأمنية
الاستعمارية لتنفيذ جريمة الحرب الأشد خطورة في العقود الأخيرة. وفتح أبواب الصراع
الجهنمية. الامر الذي يتطلب من الشعب العربي الفلسطيني أولا إعادة ترتيب شؤون
البيت الفلسطيني، والعمل على رص الصفوف، وتطهيره من كل الأدران والمتأسرلين؛ ثانيا
الشروع بتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وهو ما أشار له الرئيس عباس في
كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي؛ ثالثا تصعيد المقاومة
الشعبية على امتداد الوطن الفلسطيني؛ رابعا تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية
لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني؛ خامسا تحميل الولايات المتحدة وبريطانيا
ودول الاتحاد الأوروبي ومن لف لفهم عن تبديد حكومات إسرائيل المتعاقبة فرص تحقيق
السلام، ودوسها بجرائم حربها خيار حل الدولتين على أساس القرار الدولي 181 وفق ما
اعلن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة.
دون اتخاذ إجراءات وطنية، وانتهاج سياسات رادعة لدولة الابرتهايد
الإسرائيلية، لن يبقى من المشروع الوطني سوى الرماد، لذا لنكون، كما نريد ان نكون
في ارض الوطن الام سادة على ارض فلسطين.
0 تعليقات