آخر الأخبار

إسرائيل تنتخب الفساد والفاشية

 



 

عمر حلمي الغول

 

نتيجة هامة أفرزتها الانتخابات الإسرائيلية أول أمس للكنيست ال25، وهي تشابه وتطابق نتائج الانتخابات مع طبيعة المجتمع الإسرائيلي، وخروج الصورة متماثلة مع كينونة ومركبات وأهداف دولة المشروع الصهيوني الكولونيالي، بتصويت الشارع الإسرائيلي للفساد والفاشية تماهى تماما مع الحقيقة الصهيونية ودولتها غير الشرعية والقائمة على التزوير والنهب والتهويد والمصادرة والكراهية والعنصرية والإرهاب المنظم. لان صوت وصدى الشارع الصهيوني هو الانعكاس الطبيعي للنخب الحزبية والسياسية والدينية في دولة التطهير العرقي.

 

أي كانت النتائج الانتخابية النهائية، ومهما كانت التغييرات النسبية في حال تجاوز حزب "ميرتس" نسبة الحسم، فإنها لن تغير من الحقيقة الماثلة لدولة قراصنة العصر الحديث، دولة الخليط من الفساد الديني والسياسي والقانوني والأخلاقي والقيمي، ودولة الشريعة للإخوان اليهود الصهاينة. كما وتؤكد نتائج الانتخابات، التي منحت الملك الفاسد العودة لسدة الحكم، الملاحق بأربع قضايا فساد في المحاكم الإسرائيلية، ولأقرانه من الصهيونية الدينية الفاشيين بن غفير وسموتيريش، أحفاد الحاخام كهانا ليصبحوا الكتلة الثالثة في الكنيست بحصولهم على خمسة عشر مقعدا، وليكونوا المقرر في التشريع لعملية التطهير العرقي في الكنيست ال25 ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ليس في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة فقط، بل ضد عموم أبناء الشعب في فلسطين التاريخية من النهر الى البحر، خاصة وان الغلبة الآن في البرلمان للاتجاهات الصهيونية الدينية، ومنها حزبي شاس ويهوديت هتوراة، والليكود بقيادة بنيامين نتنياهو غادر "العلمانية" منذ زمن، واقترب حتى التماثل مع تلك القوى الحريدية المتطرفة.

 

وحقيقة هامة على كل مراقب إدراكها، حتى القوى الصهيونية، التي تدعي انها خارج التوجهات الدينية، وتتصف بالعلمانية، هي أسيرة حاخامات الدولة من الاشكناز والسفرديم، ولا تخرج عن مشيئتهم وتوجهاتهم، والاندماج ما بين الديني والسياسي. (لان البعد الأيديولوجي الشكلي، الذي كان الصهاينة يدعونه فيما مضى، تبين انه ليس سوى بدعة كبيرة لا أساس له في الواقع، لا سيما وان التمايز بين القوى يكمن في الاجتهادات في بلوغ الهدف الاستراتيجي للدولة المارقة والخارجة على القانون، وهذا موجود داخل الحزب الواحد) والخلط والاختلاط فيما بينهم ينسجم مع الأساس الناظم لوجود وبناء دولة النبت الشيطاني الصهيونية.

 

نعم الناخب الصهيوني كان منسجما ومتصالحا مع نفسه، ومع هويته كمرتزق، ومع ثقافته وقيمه الاجتماعية والسياسية والدينية، حينما صوت لقوى اليمين والحريديم المتطرف والفاشية، فأعاد بيبي وسارة ويئير لشارع بلفور، وكرس بن غفير وسموتيريش في مقاعد الكنيست مع أقرانهم الفاشيين، جميعهم محمولين على نعش الدولة الصهيونية، وان بدا لهم أنهم باتوا يسيطرون على مقدرات الدولة الاستعمارية. بيد أن الحقيقة الماثلة من نتائج الانتخابات أول أمس الثلاثاء الأول من نوفمبر الحالي تشي ان هذا الصعود لقمة الهرم في الدولة الإسرائيلية لقوى النازية والمحرقة، هو بالضبط نقطة الذروة في المشروع الصهيوني، واحد ابرز معالم الأزمة العميقة للمشروع ودولته.

 

كما ان المفارقة الهامة، التي حملتها الانتخابات الأخيرة، لا تقتصر على ما تقدم، إنما أسقطت هيبة ومكانة جنرالات الحرب الصهاينة، الذين لم يحظوا باهتمام الجمهور اليميني والحريديمي، ولا حتى بالنخب الإسرائيلية من التيارات الأخرى. مع ان حصة الجنرالات تاريخيا منذ تأسيس الدولة حتى الأمس القريب كانت عالية، ولهم سطوة في أوساط المجتمع الاستعماري. لكن هذه السمة آخذة في التراجع والاضمحلال، وسقطت هيبة قادة الجيش أمام الفاشيين واضرابهم.

 

أيضا انكشف المستور وسقط خيار "الديمقراطية" في الانتخابات الأخيرة، (مع انه لا ديمقراطية في المجتمع الكولونيالي، حتى لو كل يوم أجرى انتخابات، لان المجتمع الإسرائيلي يقوم ويرتكز على استعباد واستعمار شعب آخر) وان كانت قوى اليمين الفاشي والحريديم وصلت عبر صناديق الاقتراع، لكن قد تكون الانتخابات النهائية، أسوة بمدرسة الإخوان المسلمين. لان الفاشيين حسب سموتيريش فازوا بمباركة الرب، أسوة بالحكومة الربانية. وبالتالي لم يعد لأدعياء الغرب الرأسمالي المتفاخرين بالدولة التي أسسوها على أنقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني في 1948، وأَصلوا لها من بداية القرن العشرين، واعتبروها "أيقونة الديمقراطية في الشرق الأوسط" ما يغطون به رؤوسهم من عار صعود الفاشية وعودة الملك الحاوي والفاسد بامتياز لسدة الحكم.

 

انتخابات إسرائيل للكنيست ال25 خطوة إضافية للأمام نحو الحرب الأهلية في دولة الجريمة والإرهاب المنظم الصهيونية. وان لغد لناظره قريب.

إرسال تعليق

0 تعليقات