آخر الأخبار

أكاذيب نتنياهو لا تنتهي

  

 


 

عمر حلمي الغول

 

في لقائه على "فضائية العربية" للمرة الأولى يوم الخميس الماضي الموافق 15/ 12 الحالي جال رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف على عدد من الملفات، وركز على ملفين أساسيين سيعمل على تحقيقهما في حكومته السادسة القادمة، هما ملف إدماج العربية السعودية في عملية الاستسلام، التي أطلق عليها "السلام الإبراهيمي"، ودشنت في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب عام 2020، والملف الإيراني، الذي أكد، انه القادر على إنهائه بالتحالف مع الأنظمة العربية الخليجية. فضلا عن الملف الفلسطيني، الذي جاء لماما بين الملفين المذكورين.

 

وأود هنا ان أعيد تأكيد مواقف القيادة السعودية، التي أعلنتها القيادات بمستوياتها المختلفة، من خادم الحرمين الى ولي العهد، الى وزير الخارجية وسفراء المملكة، وأهمها، أولا التمسك بمبادرة السلام العربية بأولوياتها الأربعة؛ ثانيا حل المسألة الفلسطينية وفقها، ثالثا تخلي إسرائيل عن سياسة الغطرسة والاستيطان الاستعماري، والانتهاكات الاجرامية التي يتعرض لها الشعب العربي الفلسطيني. وهذه المواقف تبنتها المملكة بالأمس القريب في القمة العربية الصينية، وتضمنها البيان الختامي، وقبل ذلك في القمة العربية في الجزائر مطلع نوفمبر الماضي وفي بياناتها وتصريحات قياداتها المختلفة.

 

ولم يتراجع صانع القرار السعودي عن محدداته تجاه العلاقة مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، رغم المرونة التي أبداها في بعض الملفات التفصيلية لدفع القيادات الإسرائيلية لاغتنام الفرصة والاندفاع نحو مربع السلام الممكن والمقبول. وبالتالي دعوة نتنياهو القيادة السعودية لطرح مبادرة "سلام جديدة" ستبوء بالفشل. لان المبادرة العربية التي أقرت عام 2002 في القمة العربية في بيروت، هي مبادرة الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولا يمكن للعربية السعودية الانقلاب على مبادرتها، التي تبنتها القمة العربية، وتبنتها القمة الإسلامية أيضا بدولها ال57. والذي رفضها، ومازال يرفضها، هي حكومات إسرائيل المتعاقبة، والتي تناور لقلب الأمور والوقائع، واسقاط محددات المبادرة العربية للسلام، التي تبنتها القرارات الأممية، واعتمدتها كأساس لبلوغ خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.

 

ولمست القيادة السعودية بالشواهد الماثلة على الأرض، انه كلما تقدم العرب خطوة نحو السلام، تراجعت دولة الإرهاب المنظم عشرات الخطوات للوراء، ونكثت بعملية السلام، وضربت بعرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، وتعمق إرهابها وتنكيلها وفاشيتها ضد الشعب العربي الفلسطيني، واستقوت بما تم توقيعه من اتفاقات تتناقض مع مبادرة السلام العربية وأولوياتها مع العرب وعلى حساب الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية. وبالتالي سيكون من الصعب على السعودية تصديق أي من أكاذيب زعيم الليكود التي لا تنتهي.

 

وأما الحديث عن استعداده للوساطة بين السعودية والإدارة الأميركية الحالية، فاعتقد انها بعيدة عليه، لان بايدن رغم دعمه الكامل لإسرائيل، لكنه لا يقبل القسمة على نتنياهو بالذات، لاسيما وان الحسابات الشخصية طغت على الحسابات الأخرى.

 

وعلى الصعيد الفلسطيني، أشار ملك الفساد الإسرائيلي، انه سيعمل على تحسين مستوى المعيشة، أي الحل الاقتصادي، ويوسع نطاق الحكم الذاتي دون الأمن، الذي سيبقى باليد الإسرائيلية. وهنا أيضا سرح في أكاذيبه، لان من يكلف زعران النازية الإسرائيلية الجدد أمثال سموتيرش وبن غفير وماعوز في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، ويوسع صلاحياتهم في حقل الاستيطان الاستعماري، وينفي صفة الاستعمار عن الأراضي الفلسطينية، ويدعون صراحة لتعميق عمليات التطهير العرقي في القدس العاصمة وعموم الأراضي المحتلة عام 1967، وتصفية ما تبقى من ركائز السلطة الوطنية الفلسطينية، لا يمكن ان يكون شريكا للسلام، ولا يؤمن من حيث المبدأ باي خيار من خيارات التسوية السياسية، ومخططاته وأهدافه واضحة وضوح الشمس تطهير عرقي للشعب العربي الفلسطيني بشكل متسارع، ليس هذا فحسب، وانما الذهاب لابعد من ذلك، بالانقضاض على الأردن الشقيق، الذي يعتبرونه جزءا من ارض إسرائيل الكاملة.

 

أضف الى ان القيادة الفلسطينية أعلنت، وتعلن رفضها لاي خيار دون تحقيق السلام وفق قرارات الشرعية الدولية وعنوانها استقلال دولة فلسطين على الأراضي المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، والقدس الشرقية عاصمة ابدية لفلسطين وسيادة كاملة للدولة على أراضيها، وضمان حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، وبالتالي لن تنطلي عليها فقاعة الحلول الاقتصادية التي تروج لها أيضا إدارة بايدن الأميركية، لانها تؤمن وتعمل بقوة على انتزاع حقوق واهداف وثوابت الشعب السياسية والقانونية والإنسانية بتعزيز نضالها السياسي والديبلوماسي وبالمقاومة الشعبية وبوحدة الشعب تحت راية منظمة التحرير.

 

وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، أكدت الأحداث طيلة الأعوام الماضية من 2015 الى الآن استخدام حكومات نتنياهو السابقة والقادمة بالتعاون مع إدارتي ترامب المشؤومة وادارة بايدن الحالية فزاعة الملف النووي لترهيب العرب، واستغلال هذا البعبع لدفعهم لتوقيع اتفاقات استسلام لا تتوافق مع ركائز مبادرة السلام العربية، ولا مع قرارات الشرعية الدولية. وبالتالي لعبة الملف النووي الإيراني باتت ممجوجة، ليس هذا فحسب، لا بل هناك تكامل بين الجميع بين إسرائيل وايران بقيادة الولايات المتحدة لتحطيم قدرات وطاقات ووحدة الشعوب العربية، وإبقاء أنظمتها تدور في دوامة النزاعات والحروب البينية، والعيش في حلقة مفرغة،  بهدف تقاسم مواردهم واموالهم وثرواتهم، واستباحة حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، ولتأكلهم نظاما نظاما دون استثناء.

 

النتيجة ما جاء في مقابلة بنيامين نتنياهو مع قناة "العربية" حملة أكاذيب وفبركات لا أساس لها في الواقع. وقادم الأيام سيكشف اكثر فاكثر الحكومة الأكثر فاشية ووحشية في تاريخ الدولة الصهيونية وجرائمها وارهابها على فلسطين والأمة العربية من محيطها لخليجها.

إرسال تعليق

0 تعليقات