آخر الأخبار

مستقبل العرب في يدهم

 




عمر حلمي الغول

 

مع نهاية العام 2022 ومطلع العام 2023 هناك حاجة لمراجعة مبدئية وسريعة لواقع العالم العربي، بهدف دعوة الأجيال الجديدة لتحمل مسؤولياتها تجاه نفسها، ومستقبلها، ومستقبل الامة ككل، من خلال استنهاض واقع مجتمعاتها الوطنية والقومية، والخروج من نفق الهزيمة وحالة التردي السائدة، وتجاوز الانقسام العميق بين اهل النظام الرسمي، والبحث عن القواسم المشتركة داخل البيت الوطني، ومع الاشقاء على المستوى القومي، والانطلاق بقوة وإرادة وتصميم نحو عالم مغاير، عالم يرتكز على بناء الذات الشخصية والمؤسساتية والوطنية العامة، والخروج من جلباب عقود الهزيمة السابقة، التي تعمقت فيها ازمة حركة التحرر الوطني العربية، بالتلازم مع تراجع وانكفاء مرحلة حركة التحرر العالمية.

 

وفي هذه العجالة لا داعي للتذكير مجددا بما يملكه العرب مجتمعين من طاقات وإمكانات وثروات وموارد وكفاءات ومساحات مهدورة في الجغرافيا والديمغرافيا والاقتصاد والمال والثروات والسلاح، لانها متوفرة بتفاصيل التفاصيل على غوغل، وكل مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الوثائق والمعاهد ومراكز الدراسات المختلفة، ويعرفها الأعداء قبل الأصدقاء، وأكثر من الأجيال القديمة والجديدة، باستثناء أهل الاختصاص، وبالتالي لن الجأ الى إيرادها. ولكن أود التأكيد ان الشعوب العربية تملك من الثروات والطاقات والكفاءات، اذا أُحسن استخدامها، فإنهم  سيتأهلون لان يتبوأوا مركزا متقدما في التقرير في السياسة الإقليمية والدولية، ويستعيدون مكانتهم كقطب مركزي بين أقطاب الإقليم.

بيد ان استخدام أوراق القوة المختلفة مرهونة بعدد من العوامل، أولا إجراء مصالحات بينية حقيقية بين الكل العربي؛ ثانيا الاتفاق على التكامل فيما بينهم، وليس التنافس أو التنافر، وان وجد تنافس في ميدان ما، يكون لتعظيم هذا المنتج أو ذاك؛ ثالثا امتلاك الإرادة الشخصية والوطنية والقومية، والاندفاع الحقيقي في طريق تحرير الذات الوطنية من القيود المعيقة كافة؛ رابعا الخروج من نفق التبعية لسوق الغرب الرأسمالي، او أي سوق عالمي آخر، دون ان يلغي ذلك التعاون مع الدول والشعوب المختلفة، والابتعاد الكلي عن النفق الأسوأ، وهو الانعزال والتقوقع على الذات؛ خامسا اعتماد استراتيجيات متعددة الإبعاد على المستويات القطاعية والوطنية والقومية قابلة للتنفيذ الفوري، والانطلاق من أرضية أساسية، أو شعار مركزي ناظم: الذات جزء من الكل، والكل في خدمة الذات؛ سادسا اعتماد سياسة التنمية المستدامة على المستويين الوطني والقومي؛ سابعا التخلي الكلي عن فلسفة الاستهلاك، والعمل على تأصيل الإنتاج، والمنافسة للسلع العالمية ذات الصلة بهذا المنتج أو تلك البضاعة؛ ثامنا اعتماد الاستراتيجيات المذكورة على ركائز تربوية وإعلامية وثقافية عامة، مع أخذها بعين الاعتبار سمات وخصائص كل نظام عربي، بما لا يتعارض مع الأهداف العامة لعملية التكامل والتساند؛ تاسعا تلتزم الدول الغنية على تقديم القروض الميسرة للدول الفقيرة، وتقديم يد الدعم لها، لاعفائها من الاستدانة واللجوء لقروض البنك وصندوق النقد الدوليين؛ عاشرا قطع العلاقات بكل إشكالها مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية حتى تقر وتقبل وتنسحب كليا من الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي اعقاب تمكن الدولة الفلسطينية من الاستقلال والسيادة التامة وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم المغتصبة؛ حادي عشر التأكيد في الإستراتيجية القومية، على ان المشروع القومي العربي، هو احد اهم ركائز الإقليم، وليس تابعا او خاضعا لاي دولة إقليمية او عالمية مهما كانت قوتها؛ ثاني عشر التكامل في مجال الأمن القومي العسكري والاقتصادي والصحي التربوي والثقافي وبالضرورة السياسي والدبلوماسي؛ ثالث عشر إعادة نظر جدية في منظومة جامعة الدول العربية بما يؤهلها لان تكون منظومة فاعلة، ومؤثرة في النطاق القومي، وتجاوز مؤسسة الجامعة تأثيرات الجيوبوليتك في قراراتها، واعتماد الموضوعية والأهلية في رسم السياسيات القومية؛ رابع عشر وضع الخطط لاستعادة كل ارض محتلة من قبل دول الإقليم بالطرق السلمية ووفق قرارات الشرعية الدولية، وان لم تنفع الوسيلة الأممية تلجأ الدول العربية لخيارات أخرى. وفي ذات الوقت، طرد القواعد الأجنبية من كل الدول العربية؛ خامس عشر بناء دولة المواطنة والديمقراطية، واسقاط الدساتير الشكلية، ووضع دساتير تتناسب مع روح العصر.

 

وهناك مبادئ عديدة يمكن إضافتها بما يخدم نهوض الأمة وشعوبها وأنظمتها السياسية، والباب مفتوح للإضافات والاغناء ولكن يبقى الأساس للنهوض متمثلا في امتلاك زمام الأمور باليد العربية، وبالتالي ما لم تتحرر الأنظمة السياسية من قيود القطرية الضيقة والانانية، وتحرير فلسطين من الاستعمار الإسرائيلي، وتحرير الإرادة العربية الوطنية والقومية الناتجة بالأساس عن التبعية لسوق الغرب الرأسمالي وخاصة الولايات المتحدة وأدواتها القهرية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، فإن واقع الحال سيزداد سوءا وتعقيدا اكبر، وتأبيد السقوط في متاهات لاتحمد عقباها وبما يتناقض مع مصالح الأنظمة ذاتها، ومصالح الشعوب العربية وقضاياها القومية المختلفة.

 

في مطلق الأحوال على شباب الأمة من الأجيال الجديدة، التمرد على الذات العربية السائدة، وخلع كل القيود والمعيقات أي كان نوعها ومحتواها للتمكن من استنهاض واقع الأمة العربية وشعوبها المختلفة، ووضعها تحت الشمس للإسهام في صناعة التاريخ العربي الجديد والإنساني بالتكامل والتعاون مع شعوب العالم قاطبة.

إرسال تعليق

0 تعليقات