آخر الأخبار

"بنات للألم " صرخة الذات في مواجهة التموضع. .قراءة لشعر أمينة عبدالله

 




بهاء الصالحى

 

قليل من المبدعين لديهم القدرة علي تجاوز أسر المجاز للعب علي عاطفة المتلقي ولكن عقل المتلقي يتأكد وفق القصيدة الرؤيوية التي تسلك اما التمترس خلف القدرة الإيحائية لمفردات الأسطورة المتوارثة عبر العقل الجمعي ، وأما المواجهة المباشرة من خلال القدرة علي صياغة الأسئلة، وكذلك بلاغة وحدة الموضوع التي حلت محل وحدة البيت الشعري في الشعر الفصيح ، وقدر الأسئلة الكامنة خلف الصياغة النحوية للجملة ، وما يزيد شعر أمينة عبدالله انه قد طرح عدد من الأسئلة الوجودية التي نقضت عدد من المسلمات التي اقرها التدين الشعبي الناتج عن الفهم الإقطاعي للدين والذي حول المرأة من ذات كرمها البناء الحقيقي فاعتبرها ذاتا تخاطب حتي في مسائل العقيدة ولكن كم العادات التي تمسحت بالدين كنوع من تداعيات ضعف دور المرأة في لحظات السقوط مما طبع النظرة للمرأة بكونها موضوعا للذة بحكم الإزاحة التي مارسها الرجل المهزوم علي السند الأضعف وهو المرأة .

 

وهنا لابد أن نؤصل لنوع التمرد الذي تمارسه أمينة عبدالله وهو تمرد التساؤل وفق التقسيم الذي ارتضاه د محمد احمد العزب في كتابه ظواهر التمرد الفني في الشعر المعاصر في صفحة ٧٦حيث قسم التمرد الفني إلي ثلاثة أشكال .

 

تمرد التساؤل الذي يواجه الظواهر الإنسانية والوجودية والميتافيزيقية أو بنوع من اللا ادرية مثل من أين ؟ والي أين؟ ولماذا وكيف ، تمرد الرفض الذي يواجه مجموع من الظواهر بالمصادرة الكاملة من اول الأمر أي انه يضع رفضه وتمرده في مواجهة المنبع والقاعدة .

 

تمرد المواقف وهو الذي يواجه مناطق معينة من هذه الظواهر الإنسانية والوجودية وهو لايتمرد علي الظاهرة كلها ولكن علي بعض جوانبها .

 

من هنا جاءت دسامة الجرعة الفنية التي قدمتها أمينة عبدالله في ديوانها "بنات للألم" ولكن يبقي السؤال المهم في تلك القراءة هل ارتقت اللغة الفنية لمستوى الطرح المعنوي الذي تقدمه الشاعرة ؟

 

من هنا نبدأ حيث البناء اللغوي للديوان حيث كثافة اللغة والصورة الشعرية حيث يترك للقارئ فكرة المطابقة مع الحالة القياسية وبذلك يضمن فكرة التفاعل من خلال حدود المكان لطرح حدود الحركة المتوقعة داخل الذات فتعنون القصيدة الأولي ( أنا ووحدتي أسدان في قفص ) حيث تساوت القوي الفاعلة في المشهد إذ استطاعت مفردات العزلة أن تكون موازيا للذات بما يعكس عدم التحقق في الواقع بما يطرح أول الأسئلة الضمنية التي يطرحها الشاعر ولاتعني الوحدة هنا ضعفا بل قوة مخزونة قادرة علي تجاوز حدود القفص الذي تتبدي ملامحه من خلال سجن المرأة كموضوع وسحق الذات التي تفترض الحرية والقدرة علي الخيار ، ولكن ماهي حدود مهارة الشاعرة علي الإفلات من غواية السرد .

 

الإهداء جاء لشيماء الصباغ تلك الأيقونة التي ماتت شهيدة حريتها لتخلد في ذاكرة مصر وهنا مؤشر لروح التمرد المستمدة من روح تلك الأيقونة الخالدة .

 

الجمل التقريرية التي تختزل حركة مجتمع في صيغة أسئلة تعكس مساحة الخلط التي افرزها الفهم الاقطاعي للدين ولكن فكرة الاصطدام ادي لتحفيز مبدئي تجاه الشاعرة وهنا الأمر ليس متعلقا بالذات الإلهية ولكن تسويق الذات الإلهية كمسوغ للسيطرة وسطوة الغريزة كمنزع يبرر القسوة وكذلك ارتباط طردي بين المرأة والدم عبر تاريخ البشرية :
سلام علينا / طوبي لجروحنا / من ثقب الأذن .../ الختان .../ غشاء البكارة / الحمل .../ الولادة .../ والرضاعة/ سلام علينا بحجم الألم.

 

يتبع

إرسال تعليق

0 تعليقات