عز الدين البغدادي
الاستعجال والتحامل،
وتكرار بعض الكلمات التي تشتهر على ألسن الخطباء الذين سمعوها من غيرهم دون وعي او
فهم ينتقص من الفهم الموضوعي للنص. وحقيقة فإنك سوف تستغرب من وجود قراءات موضوعية
بعيدة عن الاثارة العاطفية فيما يتعلق بسيدة النساء فاطمة (ع). وحقيقة فإنك ربما
تستغرب من مستوى الموضوعية التي وصل إليها
السيد الخوئي في قراءتها لحديث "يؤذيني ما يؤذيها"، حيث أن الخوئي في
كتابه "المباني في شرح العروة الوثقى" من تقرير ولده المرحوم محمد تقي
الخوئي / كتاب النكاح وهو الجزء 32 من موسوعة الإمام الخوئي ذهب إلى أن المحرم ليس
الأذى بل الإيذاء.
والفرق بينهما هو أن
الإيذاء فعل مقصود يهدف إلى إيقاع الأذى بشخص ما، أما حدوث الأذى فليس مشمولا
بالتحريم لكونه نتيجة عرضية. فكون هذا الفعل صدر من هذا الشخص أو ذاك وكان مؤذيا
للزهراء (ع) لا يجعله محرما بالضرورة وإنما يكون حراما إذا قصد به الإيذاء.
طبعا الحديث جاء في
مقام الرد على مسألة عدم جواز التزوج من فاطميتين، حيث قيل بكراهة ذلك، وقيل
بحرمته وهو رأي المحدث البحراني وذلك عملا برواية وردت عن الإمام الصادق (ع) جاء
فيها: لا يحل لأحد أن يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة (ع). إن ذلك يبلغها، فيشق عليها.
قال الراوي: قلت: يبلغها؟! قال: إي والله.
وحسب رأي الخوئي الذي
رد هذا الخبر، فيمكن القول على سبيل المثال والتوضيح: إن زواج رجل من امرأة ما على
زوجته وإن كان مؤذيا لها إلا أن هذا ليس مشمولا بالتحريم، وإنما المحرم فعل أمر ما
يؤدي بنفسه إلى إيذائها بشكل مقصودا. وللتقريب أكثر فإن سب إنسان ما أو ضربه أو
تخريب أمواله هو أذى محرم، أما إذا قمت بفعل من قبيل تحقيق ربح مثلا، وكان هناك
شخص يؤلمه ذلك فإن هذا الفعل لا يكون حراما وإن كان فيه أذى عرضي لكون الاذى ليس
مقصودا.
وهذا الكلام يترتب عليه أمور هامة في فهم موقف الشيخين من فاطمة (ع) والتوصيف
الشرعي لفعلهما. ولهذا فإن هناك من شكك في كلام الخوئي بدعوى انه يحتمل جدا ان
يكون هذا ليس كلامه بل من كلام مقرر درسه، وهذا غريب فإن معظم كتب السيد الخوئي في
حقيقتها هي تقريرات كتبها طلبته؛ ولم نسمع أن أحدا شكك في نسبة كتاب الى كاتبه
لكونه هذا الكتاب هو تقرير كتبه احد طلبته.
0 تعليقات