علي الأصولي
في سيّاق العرض
البيّانيّ يتعرض الفقهاء عادة لكبرى كلية ضمن الأصول الموضوعيّة أو قل كأصل
موضوعيّ. ثم يختار بالنتيجة صغريّات هذه الكبرى لتطبيق جملة من الجزئيات بحسب لسان
الدليّل.
مثلا : عندما سئل
المحقق الخوئي عن : من قلّد مجتهداً يُفتي بإجزاء الأغسال المستحبّة عن الوضوء،
ثمّ مات هذا المجتهد، فقلّد المكلَّف مجتهداً حيّاً يُفتي بعدم إجزاء الأغسال
المستحبّة عن الوضوء، فما هو حكم صلاته التي صلّاها سابقاً، وهل يجب عليه إعادتها
باعتبار وقوعها بلا طهور وفقاً لفتوى مرجعه الجديد؟!
أجاب : عن كبرى الأصل
الموضوعيّ [بصرف النظر عن رأيه الشخصي] إذ قال : يجب عليه إعادة جميع الصلوات التي
صلّاها بذلك الغسل المستحب. إن لم يبق على تقليد ذلك المرجع الميّت في هذا المسألة
بفتوى المرجع الحيّ، والله العالم [صراط النجاة: ج3، ص49].
ولنا هنا أن نسأل
السيد الخوئي عن رأيه الشخصيّ وقناعته بالجواب [جواب إعادة الصلوات التي صلاها
المكلّف بهذه الأغسال المستحبة]
سيدنا الخوئي ما هو
رأيك هل جميع اغسالنا باطلة ام لا ؟!
فسوف يجيب [كما في
صراط النجاة ج٣] بما نصه : لم نمنع الإجزاء بالأغسال المندوبة فهو ثابت منا. وإنما
منعنا إستحباب غسل الزيارة خاصة بالصورة الدارجة. التي كنا نقول فيها. فمنعنا
الإكتفاء والإجزاء فيه على الأحوط اللازم والله العالم. أنتهى".
وبيان ما ذكرى المحقق
الخوئي ببساطة : هو أن السيد المحقق مع ثبوت كبرى إجزاء الغسل المندوب إلا أن
الصغرى [غسل الزيارة] مشكل. وهذا الإشكال سجله المحقق الخوئي بعد سنوات من فتواه
الناصة على إستحباب الغسل للزيارة وبالتالي إجزاء هذا الغسل عن الوضوء. وحينما سئل
المحقق الخوئي في [صراط النجاة] عن الصلوات التي مضت وفق ذلك الغسل؟!
قدم المحقق الخوئي
حلّاً في سبيل تخليص نفسه ومقلديه من هذا المطب الكبير فقال : يمكن الرجوع لأي
فقيه عنده فتوى بإستحباب الغسل. وبعد ذلك أرجعوا إليّ في مسألة إجزاء الغسل
المستحب عن الوضوء للصلاة، وعليه: فلا يجب عليكم قضاء الصلوات السابقة!!
ومن هنا انصح بمطالعة
فتوى الفقيه اليزدي السيد كاظم في [العروة الوثقى] باب الإجتهاد والتقليد والتي نص
فيها كما في مسألة (٥٣) إذا قلد من يكتفي بالمرة - مثلا - في التسبيحات الأربع
واكتفى بها. أو قلّد من يكتفي في التيمم بضربة واحدة. ثم مات ذلك المجتهد فقلّد من
يقول بوجوب التعدد .. إلى أن قال .. وكذا لو أوقع عقداً أو إيقاعا
بتقليد مجتهد يحكم بالصحّة. ثم مات وقلّد من يقول بالبطلان .. الخ .. وبغض النظر
عن رأي نفس السيد كاظم اليزدي الذي ذهب لعدم إعادة الأعمال السابقة والبناء على
صحة ما وقع. أقول بصرف النظر عن رأي السيد الفقيه اليزدي. أنصح بمطالعة هذه
المسألة التي عبر عنها شراح [العروة الوثقى] بالمثيرة بلحاظ اختلاف الآراء حولها
بل هي معركة الآراء على حدّ تعبير بعضهم. حتى وصلت بينهم لعشرة آراء متباينة. ما
بين عدم وجوب التدارك للأعمال السابقة إلا ما خرج بدليل. وما بين وجوب التدارك
مطلقا. وما بين التفصيل. وحتى هذا التفصيل فيه تفرعات وشروط ذكرت في محلها بما لا
مزيد عليه لقطع الطريق على هواة طلبة العلم وأنصافهم وأرباعهم وإلى الله تصير
الأمور ..
0 تعليقات