هادي جلو مرعي
متطرف صهيوني يقتحم كنيسة في القدس، ويهشم
مجسما ليسوع، ويتبول عليه، ولولا حارس الكنيسة لفعل المزيد في وقت يعاني مسيحيو
القدس مصاعب شتى، ويحاصرهم الخوف من المستقبل، وهم يبعثون بإشارات قلق متعاظم على
ظروف وجودهم القاسية، ويتشاركون المسلمين في مواجهة رغبة الإقصاء والتهميش
الكاملة، فكما يحاول كيان الإحتلال طمس معالم القدس الإسلامية، يفعل ذلك مع
معالمهما ومقدساتها المسيحية بعد أن فشل في العثور على مايزعم وجوده فيها، وفي
غيرها من مدن فلسطين من ٱثار ودلائل على الهيكل المزعوم، والحق اليهودي في
الإستئثار بكل شيء،، والسيطرة على كل شيء في أرض الميعاد المتخيلة.
يتناقص عدد المسيحيين في القدس الى مستوى
غير مسبوق في وقت لايتجاسر زعماء الغرب والولايات المتحدة على سؤال قادة الكيان
المحتل عما يقومون به تجاه السكان الذين عاشوا على هذه الأرض المقدسة، وأسسوا
وجودا حضاربا وعقائديا إنتشر في أرجاء المعمورة من القدس، كما إنتشر الإسلام من
مكة الى سواها من البلدان والقارات حتى علا صوت السماء في كل مكان، وإذا كان
الفادة الغربيون لايهتمون للمسيحيين في فلسطين، فمن المؤكد إنهم سيتهاونون في
التعاطي مع الأحداث التي تصيب وتستهدف المسلمين، وكأنه نوع من التٱمر على
المسيحيين والمسلمين معا، لتخلو تلك الأرض من أي وجود ٱخر، ويتم تكريس الوجود
المعنون بيهودية القدس وفلسطين، ولايحق لأحد بعد ذلك الحديث بغير هذه الفكرة،
والتسامح معها، وإلا ناله مانال الفلسطينيين من الأذى.
تناقص عدد المسيحيين بشكل مثير للقلق منذ
نشوء كيان الاحتلال عام ،1948 بعد أن كانوا أغلبية بين سكان فلسطين، ويبدو أنهم
اخذوا بالرحيل عن الوطن حين تحولت تلك البلاد الى ساحة حرب وقمع، مع تشكيل الكيان
الإسرائيلي الذي أخذ يستولي على الأراضي والعقارات بالقوة، فنسبتهم عام 2016 كانت
أكثر من 3% لكنها اليوم لاتشكل سوى 1% من عدد السكان، ولديهم أحياء سكنية خاصة بهم
غير إنهم يتعايشون مع المسلمين، ولديهم الرغبة في العمل المشترك لحماية المقدسات
المسيحية والإسلامية معا، خاصة وإنهم يؤمنون كما المسلمين إن القدس عاصمة الديانات
الإلهية، وليست العاصمة الأبدية لإسرائيل، واعتقادهم هذا يتيح فرص التعايش، بينما
النظرية الصهيونية فتؤكد يهودية القدس، مايعني إقصاء بقية أتباع الديانات وتهميشهم
وترحيلهم، ولأن الغرب وأميركا متواطئون في ذلك فلامانع لديهم من تفريغ القدس،
وبقية فلسطين من الوجود المسيحي الذي يبحث عن مواضع الإستقرار والهدوء، ويسمح
للكيان بالاستيلاء على ماشاء من أراض ودور وممتلكات، وتخريب للكنائس، والسيطرة على
المؤسسات.
مع هذا الإصرار من الغرب على تجاهل معاناة
المسيحيين، والتواطيء ضدهم، ومع مايواجه المسلمين من تحديات، ومع ميل بعض الحكومات
للتطبيع، فلم يتبق سوى التعويل على وحدة الصف الفلسطيني الداخلي، والتلاحم بين
المسيحيين والمسلمين الذي يتهددهم خطر واحد، ولامناص من الصبر والمواجهة، وتحمل
الصعاب، وإتباع السبل القانونية والسياسية والضغط الإعلامي، والتعاون مع مؤسسات
الحكومة الفلسطينية والمؤسسات الدينية في بلدان العالم المختلفة، ومع هيئة الأمم
ومنظمات حقوق الإنسان، وطرق الأبواب جميعها دون تردد للحصول على الدعم الممكن، وكسب
الوقت في معركة طويلة وقاسية ستنتهي يوما ما بانتصار الحق.
0 تعليقات