آخر الأخبار

زواج الجرحى

 




بهاء الصالحى

 

عم الفرح بعودة العلاقات مابين إيران والسعودية وكأنه انجاز تاريخي ، في حين ان ذلك ليس جديدا في إطار التاريخ القريب حيث كانت الإعلام الإيرانية تظلل السفارات المتبادلة عام ٢٠١٦ حيث ساد وقتذاك فكرة الاحتواء المزدوج كخط استراتيجي أمريكي وهي عقيدة دائمة في العمل السياسي الأمريكي حيث أقامت علاقة مع الصين بعد عام ١٩٧٢ في الوقت ذاته قامت برعاية تايوان واعتبارها ظهير أمريكي من خلال تنمية صناعة أشباه الموصلات هناك ، حيث حلت الصين عضو دائم في مجلس الأمن مقابل التسكين للصناعة في تايوان ومن هنا تصبح القوة الاقتصادية والرفاهية مقابل التمدد السياسي الذي لايحقق أي فائدة مادية ، وهكذا سارت الأمور مابين السعودية وإيران فقد احتوتها بالاتفاقية مع رعاية سياسية للسعودية .

 

ولكن الديموغرافيا السعودية كانت حاكمة في حالة الاحتواء المزدوج وقتذاك حيث تقع الكتلة السنية مابين كتلتين شيعيتين في الدمام وشمال اليمن المجاورة للجنوب السعودي والمستأجر من اليمن، وبالتالي فكرة ترسيخ حقوق تاريخية مع تجاهل الوضع التوافقي المفترض مراعاته خاصة مع حساسية الأزمة السسيولوجية في الخليج العربي حيث تمثل اليمن الأساس الحضاري للجزيرة العربية ولكن مع تداعيات البارانويا العربية المترتبة علي طوفان الزيت العربي وغطاؤه الدولاري المقدس .

 

تبقي القضية الأهم وهي الأساس الثقافي للخلاف السعودي الإيراني وهي القطيعة حيث يكفر السنة الشيعة والشيعة السنة ، ومن هنا تمأسست أطياف من التراتبات والمؤسسات الدينية ومن هنا جبال من المصالح والمتناقضات السياسية يلعب عليها أطياف خفية .

 

وهنا يكون دور المؤسسات الفقهية الحالية وكم الفضائيات التي ترتزق من تلك الثنائية المقيتة، ولعل ذلك يردنا الي تجربة التقريب بين المذاهب في مصر خلال أربعينيات القرن الماضي وهي تجربة لم تتم بسبب سعي اتجاهات الأصولية الزاحفة علي مصر كدبيب النمل من خلال محمد رشيد رضا ومحب الدين الخطيب ومطابعهم وهى تجربة جديرة بالدراسة .

 

وبالتالي فأن ذلك التقارب السياسي عن طريق الصين ليس فعلا دائما بل هو إعادة إنتاج لظروف سابقة وتبقي المرجعية القاعدة واحدة وقابلة للانفجار في أقرب وقت ممكن ، ولايعد ذلك نصرا علي أمريكا فقواعد التعامل الخفية مابين الثلاثة وأمريكا قائمة.

 

الثقافة هي الصانع الحقيقي للتقارب وليست المصالح السياسية التي تحاك خيوطها في معامل المخابرات العالمية.

إرسال تعليق

0 تعليقات