بهاء الصالحى
الأزهر هو الرقم
الصعب في السياسة المصرية منذ تأسيسه حتي الآن، ولكننا لن نبحر في التاريخ لان
الجميع يعلمه ولكن المعضلة لها بعدان رئيسيان :
داخلي حيث مشكلة التوفيقية القائمة علي الجمع بين المذاهب الأربعة
وكذلك الجعفرية الذي أضافه شيخ نابغة مثل شلتوت في فتواه ستينيات القرن الماضي
،وذلك كله وفقا المذهب الأشعري كطريقة تفكير أكثر منها مذهبا ،بالتالي لم تبذل
البنية الفكرية للأزهر نوعا من التوحد الفكري في مواجهة أطروحات العصر من خلال
آلية المفضل فالأفضل وبالتالي مسألة الحزم المنهجي كرأي موحد يجمع بين الاختلافات
المذهبية وهو منهج غائب بحكم تاريخ الإفتاء ومرارة المحن الناتجة عن إلزام الدول
الإسلامية محكوميها بمذهب واحد كما حدث في تراث الفتن المذهبية التي يدركها كثيرا
من دارسي التاريخ وعلي من أراد الاستزادة العودة الي الجبرتي .
ولب تلك المعضلة هو
تجاوز حركة المجتمع والواقع الإنساني للفتاوي التاريخية التي جاءت استجابة لمعضلات
مجتمعية في زمن اخر ،علاوة علي التراجع الطبيعي للفقه السياسي بحكم سيطرة فكرة ان
ولي الأمر خليفة الله في أرضه مخالفا للبناء اللغوي لأية الطاعة ،وبالتالي ندرة
المحاولات الفقهية التي تعرضت للبناء السياسي للدولة الإسلامية عبر تاريخها حيث
تعرض أرباب تلك المحاولات للقتل والإهمال من قبل الخلفاء ،
وبالتالي غابت عن
الفتاوي الحالية حساسية الواقع بطريقة اكبر في مذهب الشافعية ومتأخري الحنابلة ،
وهنا المعضلة الحالية متعلقة بتجاوز الواقع لفكرة الفتاوي التاريخية .
اما البعد الخارجي
يتمثل في عنصرين :
-1المفارقة الواضحة بين حجم تأثير الأزهر علي
مستوي دولي عبر الدول الإسلامية في شقها الافريقي والاسيوي من خلال تأثير خريجيه
الذين شكلوا قيادات تلك الدول تاريخيا ،وتضاؤل الدور السياسي للأزهر داخليا من
خلال اقتصاص عدد من الأدوار لصالح هيئات إسلامية اخري داخل مصر حيث تم سحب اختصاص
المساجد منه للأوقاف وهي وزارة دولة أقيمت خصيصا بعد ٥٢ بعدما كانت أهلية في
طابعها العام ،تحولت بعد ذلك الي فرع لوزارة المالية ولكن يدار في النفع العام مع
ضعف الرقابة وسوء الإدارة ولم يلتفت إليها إلا بعد مؤشر تعظيم موارد الدولة ،
علاوة علي حرص الدولة علي شكلنة وجود الأزهر كنوع من الشرعية الدينية للدولة .
مما أضر بالصورة
الذهنية للأزهر لدي الرأي العام مما ترك في وعي البعض اعتبار الأزهر مؤسسة دولة
مما خلق فراغات ملأها الإسلام السياسي ،ففقد الأزهر سيطرته علي الارض لصالح جهات
دعوية بعيدة عن الدولة حتي اضطرت الدولة في عهد مبارك ان تعقد اتفاقية معهم بأن
تترك لهم المنابر ويتركون لها السياسة ،حتي اختلت تلك المعادلة بعد ٢٠٠٨ لأسباب
سنعود إليها.
المشكلة هنا أن
الحرية المفترض كفالتها للأزهر ستتيح له القدرة علي إصلاحه من الداخل وتوحيد خطابه
الديني وكذلك سد الذرائع التي أدت لسيطرة خطابات أخري علي ارض الواقع، ولكن تبقي
الصفة المؤسسية للأزهر مع مساهماتها التاريخية أمر عصي علي التطويع ،وذلك لان
الواقع التاريخي اذا سيسته قتلته
.
0 تعليقات