آخر الأخبار

بطل مصري جديد

  

 


عمر حلمي الغول

 

بطل مصري جديد يسطر ملحمة وطنية وقومية في مهاجمة الجنود الإسرائيليين في كمائنهم بالقرب من معبر العوجة فجر السبت الماضي الموافق الثالث من حزيران/ يونيو الحالي، وكأنه أراد الرد على هزيمة حزيران 1967 بطريقته، كما أراد استحضار تجربة الشهيد البطل سليمان خاطر، الذي نفذ عملية فدائية في تشرين أول / أكتوبر 1985 وقتل فيها آنذاك خمسة من الإسرائيليين وأصاب سبعة آخرين، كما شاء إحياء ذكرى الشهيد الجندي البطل ايمن محمد حسن، الذي نفذ هجومه الفدائي في تشرين ثاني / نوفمبر 1990 وحرق عددا من المركبات العسكرية وقتل أربعة جنود إسرائيليين، كما ان الشهيد تمثل روح ونبض معايير النظرية الأمنية القومية، التي تشربها، وتتلمذ على هداها في وحدات الجيش وأجهزة الأمن المصرية، وتمكن الشهيد البطل محمد صلاح حسب المعلومات الأولية من المصادر المصرية، من قتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة رابع، وسيطر على المنطقة التي دخل اليها من السادسة فجرا حتى الحادية عشر قبل الظهر متوغلا مسافة كيلو ونصف في الأراضي المحتلة عام 1948، وهو من بادر لمهاجمة القوى الإسرائيلية التي استنفرت قواتها بعدما علموا بمقتل جنديين بعد ساعات طوال، وتمكن من قتل جندي ثالث وإصابة جندي آخر.

أربكت العملية البطولية من المجند المصري الشهيد صلاح القيادات الإسرائيلية الأمنية والعسكرية والسياسية، لانها جاءتهم من حيث لا يحتسبوا، ولا يتوقعوا، او بالأحرى، لم تكن مدرجة في حساباتهم الأمنية المتواترة، والتي تجعجع على مدار الشهور الماضي عن حرب إسرائيلية متعددة الجبهات، باعتبار ان الجبهة المصرية "أمست مضمونة، وفي الجيب الإسرائيلية!". لكن أبطال مصر الاشاوس لم ينسوا يوما مجازر إسرائيل ضد اشقائهم في فلسطين، ولا في بحر البقر، ولا في سيناء عندما دفنوا الجنود الاسرى احياء تحت التراب، ولم ينسوا يوما ان الصراع كان ومازال عربيا صهيونيا وغربيا راسماليا بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

 

وعكست العملية الفدائية المصرية عظمة الروح القتالية لدى الجنود وصف الضباط والضباط المصريين بكل مستوياتهم ومراتبهم القيادية، واكد من خلالها، ان مصر المحروسة ستبقى وفية لفلسطين ولكل ارض عربية محتلة، ولن تنحي مصر الشامخة الا لله ولارادة الشعب المصري العظيم والأمة العربية، كما جاءت عملية الشهيد صلاح لترد على اتفاقيات التطبيع الاستسلامية الجبانة، ولتقول بصوت واحد، وباسم جموع شعوب الامة، لا للتطبيع، ولا للاستسلام، ولا للرضوخ لمشيئة أعداء مصر والأمة، واراد صلاح الإعلان، ان أنظمة التهافت الراكضة في متاهة التطبيع الاسنة لن تتمكن من فرض تطبيعها على الجماهير العربية لا في الامارات ولا في البحرين ولا في الأردن ولا في مصر ولا المغرب ولا السودان ولا في فلسطين الخاضة للاستعمار الاجلائي الاحلالي منذ 75 عاما، ولا في أي مكان من دنيا العرب.

 

ومن الجلي ان العملية البطولية لم تكن انفعالية، او ردة فعل آنية، وانما هي عملية مخطط لها، ومعد لها جيدا، ولدى الشهيد صلاح هدف نصب عينية، وبسلاحه الفردي البسيط الكلاشنكوف نصف الالي تمكن لوحدة من السيطرة على مركز قيادة الفرقة الإسرائيلية 80، وتجول بهدوء تام لمدة خمس ساعات طوال قضاها مسيطرا على المنطقة. وهو ما يكشف، ان هناك ثغرات امنية كبيرة يعاني منها الجيش الإسرائيلي، ثغرات امنية على الحدود، وثغرات في الجاهزية، وثغرات في الاحتياطات الأمنية اللوجستية الرابطة بين المواقع الإسرائيلية، بين النقاط ومراكز الكتائب والسرايا والالوية والفرق، وكشفت عن هشاشة الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية.

 

وهذا ما اكد عليه كل من هرتسي هليفي، رئيس الأركان، ووزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالنت، وكل المراسلين العسكريين لوسائل الاعلام الإسرائيلية، هناك اجماع على فشل امني فاضح، فضلا عن حالة من الترهل، وغياب المسؤولية، وبالنتيجة سقوط النظرية الأمنية الإسرائيلية. نعم اكدت العملية الفدائية المصرية اول امس عن انكسار للنظرية الأمنية، لاسيما وان هناك مبالغة في قوة إسرائيل، وللأسف الشديد تكمن قوة إسرائيل في حالة الضعف والافلاس العربية الرسمية، وفي الدعم اللا مشروط من الولايات المتحدة ودول الغرب الرأسمالي، ومن خضوع الأنظمة العربية الرسمية لأجهزة الامن الأميركية والأوروبية والان للاسرائيلية أيضا.

 

مع ذلك الشهيد محمد صلاح رفيق سليمان خاطر وايمن محمد حسن والامتداد الطبيعي للشهيد البطل احمد عبد العزيز وللشهيد البطل مصطفى حافظ ورفاقه الفدائيين وابطال حرب تشرين والعدوان الثلاثي في العام 1956 وغيرها من معارك الشرف، اكد ان مصر البطلة باقية في خندق الوفاء والكرامة والدفاع عن مصالح الشعب المصري والأمة العربية وشعب فلسطين في المقدمة، لان الدفاع عن فلسطين، هو الدفاع عن الامن الوطني والقومي المصري.

إرسال تعليق

0 تعليقات