آخر الأخبار

فكرة (فتح) تكبر وتتوسع في السبعينات



فكرة (فتح) تكبر وتتوسع في السبعينات
فكرة تبدع في كل اتجاه
فتح الفلسطينية اللبنانية




في السبعينات كان العطاء المتنوع في أكثر من اتجاه الأمر الذي وضح للجميع أن هناك شعب اجتاز عملية الإبادة والتشتيت وأصبح الرقم الصعب كما كان يحلو لياسر عرفات أن يقول.. كان ياسر عرفات يكرر ألان دلاس وزير خارجية بريطانيا في 1956 قال أن الشعب الفلسطيني وقع تحت أقدام الفيلة كبيرة يموت وصغيرة ينسى.. وكان يرد عليه أن شعبنا لايموت بل يصنع أعظم ثورة..
لقد وجهت ضربات قاسية للثورة في السبعينات كان مقتل القادة الثلاثة كمال عدوان وكمال ناصر وابويوسف النجار محاولة للمساس بنواة الثورة ورجالاتها الأساسيين وبعد سنة واحدة فتحوا عليها جبهة جهنم الحرب الأهلية اللبنانية عامين 1975-1976 وتدخل الجيش السوري لتحجيم وجود الثورة الفلسطينية وما رافق ذلك من مجازر لحقت بالمخيمات الفلسطينية..رغم ذلك إلا أن الثورة استطاعت أن تنجز انجازات إستراتيجية
إبداعات الفكرة في أربع اتجاهات:
الأول:  العلاقة المثالية مع الشعب اللبناني.. أن سعة الفكرة وحيويتها جعلها تصبح حركة فلسطينية لبنانية ولم يتأخر الشعب اللبناني بطلائعه الرائعة عن الانخراط في صفوف المقاومة وكان الجنوب والبقاع والشمال والجبل وبيروت محتضنا للثورة وضاخا فيها خيرة شبابه وكانت بيوت الجنوبيين مفتوحة للفدائيين لقد كان الشعب اللبناني في الجنوب مثالا للعرب في عطاء غير محدود ذاب الجميع في فكرة فتح بلا مذاهب ولا طوائف ولا جهويات ولا أيديولوجيات تكفيهم الثقافة الثورية ضد الصهاينة والمشروع الاستعماري فكان عالم الدين الشيعي والسني والماركسي والوطني والقومي جميعا في صفوف الثورة الفلسطينية.. وكانت فتح قادرة بإتقان ان تفتح ذراعيها لكل من يريد أن يقاتل من اجل الكرامة والحرية والاستقلال.
الاتجاه الثاني:  تنوع العمل الفدائي فلئن قصرت القذائف أن تصل إلى أهداف بعيدة حيث لم تتمكن الثورة من جلب ما يكفي من سلاح يمكن ان يحدد مستوى معين من المواجهة إلا أنها استعاضت عن ذلك بتفعيل علميات فدائية نوعية كعملية دلال المغربي في تل أبيب وعملية ايلات وعملية نهاريا وسواها والعمليات النوعية التي قام بها ماهر البورنو ورفيق السالمي.. كان العمل الفدائي داخل الأرض المحتلة وفي اتجاهها شغل شاغل لقيادة فتح والمنظمة وكان ابوجهاد زعيم الخيار العسكري لايترك فرصة إلا ويستثمرها في هذا الاتجاه..كما واجهت المقاومة أكثر من اجتياح في جنوب لبنان اشتركت فيه قوات الثورة مع قوات الحركة الوطنية اللبنانية.
الاتجاه الثالث: تنوع العمل الإعلامي والأدبي والفني والفكري فكانت فرقة أناشيد الثورة مبدعة تواكب المسيرة بإتقان وروح منتصرة متفائلة كانت أناشيدها عبارة عن بيانات ثورية وتميز في هذه المرحلة ثلاثة رجال مبدعين ابوالصادق وابوعلاء وابوعرب زجالين فلسطينيين يثيرون النخوة ويعممون التفاؤل ويبشرون بالنصر ويحيون القيم.. كما كان للإعلام دوره الأساس فكانت مجلة فلسطين الثورة وفلسطين المحتلة وصوت العاصفة ومعها صحف الفصائل الفلسطينية الهدف والحرية فكان الإعلام الفلسطيني في تلك المرحلة متفوق على إعلام المنطقة بالإضافة لامتدادات فتح في الإعلام المحلي وتحول كثير من الصحف الوطنية المحلية إلى مساند حقيقي للثورة كصحيفة السفير وسواها.. وتعززت قدرة مركز الأبحاث الفلسطيني الذي أصبح مفخرة فلسطينية بما يحوي من أبحاث ودراسات وما ينظم من حلقات نقاش وما يصدر عنه من تقارير ودراسات كما كان يقوم مركز التخطيط والأبحاث بدور ريادي في متابعة يوميات الصراع ويقدم تقديرات للموقف.. كما كان أنتاج مجلة شئون فلسطينية مفخرة للثقافة الفلسطينية والعربية وكانت الساحة الواسعة للكتاب الفلسطينيين والعرب الذين كانوا معارضة في دولهم أو ملتحقين بالثورة الفلسطينية بشتى اتجاهاتهم وقد رأس المجلة المفكر الفلسطيني الصابغ وبعده الأديب الشاعر الفلسطيني محمود درويش وبجانب ذلك كانت نشرية دراسات فلسطينية التي تتابع كل ماله علاقة بالعدو وأدواته وخططه وإستراتيجيته..
وكانت جامعة بيروت العربية بزخمها موئلا حقيقيا لنشاطات الإعلام الفلسطيني والحضور الطلابي الرافد للثورة وفيه كان ياسر عرفات يدفع لمهرجانات متنوعة كان تأبين علي شريعتي المفكر الإيراني المعارض للشاه أبرزها.. جملة لم يترك العقل الفلسطيني فرصة إلا واستفاد منها لمواجهة الدعاية الصهيونية ولإنشاء حالة معنوية واعية تتصدى للهجوم النفسي الإعلامي المعادي..
الاتجاه الرابع:  بناء المؤسسات الحامية للثورة والمفسرة حقيقة فكرة فتح أنها أم الجماهير .. فكانت مؤسسة الشهداء والأسرى من المؤسسات العملاقة التي كفلت اسر الشهداء والأسرى أيا كانت تنظيماتهم وتميزت المؤسسة بفعالية كبيرة في الوطن والشتات ولازالت بمثابة قلعة من قلاع المنجزات الرائعة للثورة الفلسطينية.. وكذلك مؤسسة صامد التي اعتمدت أسلوب الاستثمار وتشغيل آلاف العمل والموظفين وكان لها انتشار واسع في الوطن العربي وأفريقيا وهي تعبر عن ما أثارته الفكرة في عقول الرواد من قادتها وكذلك مؤسسة الضمان الصحة وما تكفله لكل الفلسطينيين في لبنان وكل اللبنانيين ذي الصلة بالثورة الفلسطينية..
هذه الاتجاهات الأربعة هي ارقي تجليات عطاء الفكرة جنبا إلى جنب المؤسسات المدنية وشبه المدنية التعليمية والإنشائية التي أسستها الثورة الفلسطينية في لبنان لحماية الشعب الفلسطيني واللبناني..
اجل كانت السبعينات الامتحان الكبير للفكرة هل هي فكرة فئوية أو إيديولوجية أو حزبية ؟ فكانت الفكرة بمستوى الأمة في مواجهة التحدي الحضاري تفتح أبوابها لكل أبناء الأمة وتفتح جبهات المواجهة مع العدو في كل أشكالها فكانت ثورة فلسطينية بعمق عربي وإنساني وكانت فكرة بمستوى الأمة.. وفي هذا لم تسبقها فكرة ولم تلحقها في حالات المقاومة في المنطقة.
ونواصل المشوار مع فكرة فتح بعد حرب 1982 حيث تبدأ مرحلة أخرى بمواصفات أخرى ونرى هل استطاعت فكرة فتح أن تقاوم وتستمر وما هو الجديد في عطاءاتها؟




إرسال تعليق

0 تعليقات