آخر الأخبار

الجزء السادس قراءة شاملة فى النهضة الفاطمية عند اليعقوبى " ناصر الزهراء"

الجزء السادس


قراءة شاملة فى النهضة الفاطمية عند اليعقوبى
" ناصر الزهراء"





 بقلم / محمود جابر


فاطمة: يغضب الله لغضبها





فى بداية هذه الحلقة نحتاج لسؤال دقيق ولازم :

هل الله تعالى يغضب لغضب من يغضب لفقدان شىء من متاع الدنيا ؟

الله تعالى لم يسعه الأرض ولا السماء ولكن وسعه قلب عبده المؤمن!!

والدنيا عند الله تعالى لا تسوى جناح بعوضه.. وحرى بالمؤمن أن يفرح برضا الله ويغضب إذا عصى الله ... وهذا هو المؤمن الحق ...

والمؤمن له فى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسوة حسنة، لقد كان النبي يُؤذى فلا يَغضب، ويُنتقص فلا ينتقم، ويُشتم فلا يرد، ويُساء إليه فيدفع الإساءة بالإحسان، وما انتصر لنفسه أبدا، ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يغضب غضبا شديدا إذا انتهكت لله تعالى حرمة، أو عطلت له فريضة؛ فيتغير لونه، ويتمعَّرُ وجهه، ويعلو صوته؛ محذرا منذرا، آمرا ناهيا، ما انْتَقَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ قَطُّ إلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله فَيَنْتَقِمَ بها لله ..

وفي رواية ما رأيت رسول الله صلى الله  وآله عليه وسلم منتصرا من مظلمة ظُلمها قطُّ ما لم يُنتهك من محارم الله شيء فإذا انتُهك من محارم الله شيء كان أشدَّهم في ذلك غضبا...

وأما غضبه إذا انتُهكت محارم الله تعالى فشيء عجيب، تكرر في حياته كثيرا، وقد حكت الآثار عن  غضبه وتغيِّر حاله، وشدةِ نكيره أخبارا كثيرة جدا، فمن ذلك ما ذكروه من تغير لونه، وتمعر وجهه صلى الله عليه وآله وسلم ومن ذلك: ((فَتَمَعَّرَ وَجْهُ)) وفي حديث آخر: ((فتمعر وجهه تمعرا ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي)) وفي ثالث: ((فتغير وجه)) وفي رابع: ((فعرفت في وجهه الكراهية)) وفي خامس: ((فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)).

فالغضب لله مبعثه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى هو أعظم القربات إلى الله تعالى، وأرفع المنازل، وفي مقابل هذا، فإن عواقب مخالفة هذا الأمر وخيمة تنزل بمن تقاعست وتخاذلت، روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ((لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نُزعت منهم البركات وسُلّط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء)).

فإذا كان النبى حاله هكذا، والمؤمن حاله من حال النبى، فأهل البيت هم ألزم حالا بالنبي، ولا سيما الصديقة المعصومة فاطمة الزهراء (سلام الله تعالى عليها)، ومما تقدم نصل إلى بداية الجواب عن السؤال الذى يخص هذه الحلقة من خطبة سماحة المرجع الدينى محمد اليعقوبى فى خطابة الفاطمية الذي ألقاه سماحة على الآلاف الذين تجمعوا في ساحة ثورة العشرين في النجف الأشرف قبل الانطلاق في التشييع الرمزي للزهراء فاطمة (عليها السلام) في ذكرى استشهادها يوم 3 جمادى الثانية 1430 المصادف 28/5/2009، فى السنة الثالثة على التوالى .

والتى جاءت بعنوان "فاطمة: يغضب الله لغضبها" ...

وبما أن مهمة الأنبياء والأوصياء والأئمة هى قضية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فإن نهضة الزهراء وقيامها، ثم غضبها ما كان لنخيل فدك، ولا أرضها، ولا لحق بعلها باعتباره بعلها، ولكن هذه الغضب منبعه ما يصدقه قول أبي عبد الله الحسين (عليه السلام): ((لا يحلّ لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيّره)).

وهذا ما تعلمناه من أمير المؤمنين (عليه السلام) حين قال: ((أما بعد فإنه إنما هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك، وأنهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فأْمُـرُوا بالمعروف وانهَوا عن المنكر واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن يقرّبا أجلاً ولن يقطعا رزقاً)).

ومصاديق هذا قول الله تعالى وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)آل عمران:104. وقال عز من قائل(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)آل عمران:110. وقال تعالى(وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)المائدة:62-63.

هنا يقول ناصر الزهراء اليعقوبى .. " ويكون المنكر أفظع والغضب الدافع لتغييره أشد إذا أُعطي مشروعية ممن يتزيى بزيّ الدين ويلبس لباس الإسلام وحينئذٍ يختلط الحق بالباطل وتعصف الفتن والشبهات بالأمة ويصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ويقوم علماء السوء هؤلاء بتزييف الأحكام وإفراغها من محتواها لتخدم مصالحهم وأغراضهم الدنيوية، ويعود الإسلام النقي الأصيل غريباً مستضعفاً تحوم حوله الشكوك".

ويستكمل سماحته شارحا وموضحا للسامعين الحاضرين الشاهدين، وليبلغ الحاضر الشاهد الغائب أن .. أعظم قضية فى الإسلام هي إمامة الأمة وخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي أمر الله تبارك وتعالى نبيه إعلانها بأشد لهجة بقوله تعالى(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة:67...  لأن بها عصمة الناس من الانحراف والأخذ بأيديهم نحو السعادة والكمال وإرشادهم إلى الصواب، وقد أولى الله تبارك وتعالى الدفاع عن هذه القضية كل اهتمام بحيث أن مجرد الجلوس في مجلس ينتقص فيه من أئمة الإسلام فإنه يعرّض صاحبه لعذاب الله تبارك وتعالى، عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (من قعد في مجلس يسَبّ فيه إمام من الأئمة يَقدِر على الانتصاف فلم يفعل ألبسه الله الذل في الدنيا وعذّبه في الآخرة، وسلبه صالح ما منَّ به عليه من معرفتنا).

الناصر الناهض لحق الزهراء يقول ويعلم ويوضح ويشرح … من أجل مواجهة هذه الفتن والانحرافات، وللنهوض بهذا الواجب العظيم ولإحياء هذه الفريضة المباركة ولنصرة إمامها الحق أمير المؤمنين (عليه السلام) خرجت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) حين خرجت (في لُمَّةٍ من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى دخلت على حشد المهاجرين والأنصار وغيرهم) في مسجد أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكن خروجها للمطالبة بنخيلات فدك، وقد كانت فدك تحت يدها في حياة أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من ثلاث سنين وما سمعنا أنها تنعمت بشيء من حطام الدنيا وإنما وجدناها كما وصفها زوجها أمير المؤمنين (عليه السلام): (أنها استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد).

ففاطمة التى كانت تملك فدك هى التى استقامت مع قول الله تعالى (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر 9.

وحينما استقامت مع الكتاب الكريم لم تشح نفوسهم إثارا بما فى أيديهم وناموا جياعا هى وزوجها وولديها ( سلام الله عليهم) فكان هذا مصدقا قول الله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) الإنسان 8- 9.

ففاطمة الزهراء التى تعلم علم اليقين أن الدنيا لا تساوى عند الله تعالى جناح بعوضه، ومصداق إيمانها ويقينها بذلك أن الله تعالى تصدق عليها بنعمته وجعل حبه تعالى لحبها وغضبه تعالى لغضبها … فالإنسان الذى بلغ هذه المرتبة من الشرف والنعمة هو فى مرتبة وسر مع الله تعالى لا يسبر غوره أحد من الخلق… فهل ترى من كان فى حالها يغضب لنخيلات أو بساتين الدنيا كلها ؟!!

وأمير المؤمنين (( بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلّته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسَخَتْ عنها نفوس قومٍ آخرين، ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانُّها في غدٍ جَدَثٌ، تنقطع في ظلمته آثارها، وتغيب أخبارها، وحفرةٌ لو زِيد في فُسحتها وأوسعت يدا حافرها، لأضغطها الحجر والمدر، وسدّ فُرَجَها التراب المتراكم) .

يقول ((ناصر الزهراء)) معلما للجموع المجتمعة لنصرة الزهراء .... – أعلموا أن - وقفت الزهراء الخالدة من اجل أن تعيد الحق إلى نصابه ولتقوّم مسيرة الأمة، وكان غضبها كل غضبها لله تبارك وتعالى ورضاها كل رضاها لله تبارك وتعالى، لذا كان من الطبيعي أن يقلّدها أبوها (صلى الله عليه وآله وسلم) وساماً رفيعاً يعلّم الأجيال إلى يوم القيامة ويأخذون منه الدروس والعبر، وهو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها) لأنها (سلام الله عليها) لم تغضب إلا له تبارك وتعالى ولم ترضَ إلا له سبحانه. وترى كل همّها ومحور خطابها إيصال هذه الرسالة، وأداء هذه الأمانة وهداية الأمة إليها وهي رسالة الأنبياء جميعاً [إِنْ أُرِيدُ إِلا الإصلاح مَا اسْتَطَعْتُ] (هود:88).

ولما وجدت إصرارا على الانقلاب والمعصية، هنا اعتصرت اللوعة كل اللوعة قلبها الرحب الرحيم، لماذا كان قلبها سلام الله عليها يعتصر ؟ لأن الأمة مصرّة على الانقلاب على وصية نبيّها (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدم الاستجابة لما يحييها مخلّفة وراء ظهورها قوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ] (الأنفال: 24).

اللوعة والأسى التى إصابتها من رؤيتها معصية الله تعالى أصابتها بالمرض كما هو حال أبيها ولم تشتكى المرض وله ألم الاحتضار ولكن كانت تقول (ويحهم أنّى زعزعوها! عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة والدلالة، ومهبط الروح الأمين، والطبين بأمور الدنيا والدين؟! ألا ذلك هو الخسران المبين! وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله منه نكير سيفه وقلة مبالاته لحتفه وشدة وطأته ونكال وقعته)...

مما سبق تُعلمنا الزهراء على لسان اليعقوبى أن الأمة التى تُصاب بفقدان القيادة الحقة والصالحة المنصوبة من الله تعالى بمن هم دون ذلك فإنهم سوف يعانون المعاناة والكوارث والأهوال وفى هذا تقول الزهراء (سلام الله عليها): (استبدلوا والله الذنابى بالقوادم، ويحهم أفمن يهدي إلى الحق أحقّ أن يتّبع أم من لا يهدِّي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) فهم بدل أن يحلّقوا نحو الأعلى ونحو الكمال بالقوادم، هبطوا نحو الأسفل بالذنابى.

وعند التفاصيل يقول اليعقوبى مفصلا ... هذا الانحراف الخطير في التفكير الناشئ من حب الدنيا وأتباع الشهوات والجهل والتعصب الذي ابتليت به الأمم عبر التأريخ فاستبدلت معاوية بأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، واستبدلت يزيداً بالحسين (عليه السلام)، واستبدلت الطغاة والجبابرة بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) والعلماء الصالحين، عبّر عنها الله تبارك وتعالى بقوله: [يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ] (يّـس:30).

أيها المومنون، بل أيها المسلمون، بل أيها الناس .. اعلموا أن صرخة الزهراء ..." لم يكن أحدٌ قادراً على إطلاق ذلك الصوت المدويّ في أعماق التأريخ إلا الزهراء (عليها السلام) في طهارتها وشجاعتها وسمو منزلتها وقربها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو كان أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي قالها لقالوا إنه رجل طامع في الخلافة وطامح إلى السلطة أو كما قالوا: إنه يجرُّ النار إلى قرصه.

 فالذين يريدون أن يتعلموا لماذا خرجت الزهراء دون زوجها أو أبنائها عليهم أن يسمعوا لما قاله اليعقوبى حين قال "ولما قام الإمام الحسين (عليه السلام) بعدئذٍ بمواصلة هذا الدور قالوا إنه قُتل بسيف جده. أما الزهراء (عليها السلام) فلم يستطع أحد من الأولين والآخرين أن يرد عليها بكلمة، وغاية ما فعلوه هو التشكيك بوقوع بعض تفاصيل المظالم على الطاهرة الزهراء (عليها السلام). لذا فإن إحياء مواقف الزهراء (عليها السلام) والانتصار لمظلوميتها من أعظم الوسائل لنشر مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وإقناع الناس باستحقاقهم إمامة الأمة وقيادتها".

إن ما تقوم عليه الشواهد في واقع المُسلمين؛ هى الهزائم تلو الهزائم إلى يومنا هذا، فإنَّ الأُمة بعد النبي (صلى الله عليهِ وآلهِ) قد خذلتْ و أُغْضبَت الزهراء، فوقع عليهم الذل والهوان والفتن والتيه والفساد والاستبداد وخرج شامل، وهذا كله قد أشارتْ إليهِ الصديقة الطاهرة المظلومة (عليها السلام) في خطبتها , حيثُ قالتْ : ((أمَا لَعَمْري ! لقد لَقِحَتْ فَنَظِرَةٌ رَيْثَما تُنْتِج ثمّ احْتَلِبوا مِلءُ القَعْبِ دَماً عَبيطاً ، و زَعَافاً مُبِيْداً ، هُنالِكَ يَخْسَرُ المُبْطِلونَ ، و يَعْرِفُ التالُونَ غِبَّ ما أسَّسَ الأوَّلونَ, ثُمَّ طِيْبُوا عَنْ دنْيَاكم أنفساً ، وَ أطَمأْنُّوا لِلْفِتْنَةِ جَأشاً ، و ابْشروا بِسَيْف صارِم , وَ سَطْوَةِ مُعْتَد غاشِم , وهَرَج شامِل ، وَ استِبداد مِنَ الظالمينَ ، يَدَعُ فَيْئَكُم زَهيداً ، وَ زَرْعَكُمْ حَصيداً ،...))

و هنا ينبغي الإلتفات لهذه الحقيقة، فما زالوا هم في تعمد أو في جهل، لإقصاء هذه الحقيقة عن الواقع ، فأبشروا بسيف صارم و سطوة معتدي غاشم ، و خلاف هذا كل المحاولات تبتني على ركن غير وثيق ، و حلقة فارغة و خسارة تجر الخسارة .


حب الزهراء أحياء للواجب الإلهي :

مما سبق من خطبة ودرس وعبرة ألقاها اليعقوبى على الحاضرين المحبين المؤمنين المشيعين المخلصين ... وقد أوصاهم بالتأسى بالزهراء وان نتعلم منها كيف يكون الغضب لله تبارك وتعالى إذا عصي وإنكار المنكر وهذه واحدة .
الثانية : يجب علينا أن  نبذل الوسع لتغيير الواقع الفاسد على جميع الصُعُد ... وبذل الجهد فى التغيير يعنى :
أ‌-       الوقوف في وجه الظلم .
ب - مواجهة الانحراف .
   ج – عدم التقاعس والكسل عن أداء المسؤولية.
وأن الله يتعهد من يفعل ذلك قال تعالى: [إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] (محمد: 7).
 وفى الختام نبه اليعقوبى وقال ... إن تقاعس أحدٌ أو مال إلى الراحة والأنانية وحب الدنيا فسوف يسلبه الله تبارك وتعالى هذه الكرامة: [وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ] (محمد:38) [وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ] (التوبة:46).


وللحديث بقية لمن يريد أن يكون مع الصديقة فاطمة الزهراء ... والسلام





إرسال تعليق

0 تعليقات