حظر ذبح " إناث العرس والسحالي " ..!

حظر ذبح " إناث العرس والسحالي " ..!

عبد العظيم درويش 

بداية أعترف بأنني حتي صباح أحد أيام الأسبوع قبل الماضي لم أكن أدرك تلك الحكمة التي دفعت ـ ولاتزال ـ المسئولين بالأحياء في مختلف المحافظات إلي ترك جبال القمامة في مختلف الشوارع , إذ كنت أظن – وكل ظني إثم في هذه الحالة – أن تلال القمامة التي أصبحت من معالم الشارع المصري , حتى في المناطق التي يعتبرها البعض راقية , هي النتيجة الطبيعية لإهمال ولا مبالاة مسئولي الهيئة العامة للنظافة والمجالس المحلية وبالتبعية السادة المحافظين علي الرغم من إصرار الحكومة علي جباية رسوم للنظافة المربوطة علي فواتير الكهرباء !‏ .. غير إنني اكتشفت مدى ظلمي لهم , إذ أن تراكم هذه التلال – التي أصبحت مرشدًا للوصول إلى عناوين مساكن المواطنين والجهات التنفيذية – هي في حقيقتها نتيجة تفكير للاستثمار الراقي ..! نعم الاستثمار الراقي ..!

يا سادة : هناك اتفاق بين المحليات وهيئة النظافة ووزارة الزراعة بالإبقاء على أكوام القمامة للبدء في تنفيذ " المشروع القومي لتربية وتسمين العرس والسحالي " لفتح باب جديد للصادرات المصرية من الزواحف السامة وغير السامة إلي مختلف دول العالم‏ !‏ , مثلما كانت الوزارة قد بدأت قبل سنوات عدة مشروعا قوميا لتربية البتلو .. ومثلما كان الرئيس السادات قد أصدر قرارا في السبعينيات بحظر ذبح إناث الماشية لتوفير اللحوم للمواطنين , فإنني على ثقة تامة بأن يصدر وزير الزراعة قرارا بحظر ذبح إناث السحالي لتوفير كمية وفيرة لتصديرها للخارج حال نجاح هذا المشروع ..!

النائبة شادية ثابت عضو مجلس النواب، كشفت في بيان عاجل موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة عن كوميديا غير معقولة عن جود ثعابين في مبنى وزارة الزراعة بمنقطة الدقي بالجيزة، وما أسمته تفاهة ردود فعل مسئولي الوزارة .

النائبة أشارت إلى أن كاميرات مراقبة وتأمين مبنى الوزارة ، رصدت وجود 3 ثعابين تلهو بين أروقة وممرات مكاتب وإدارات المعمل المركزى للمبيدات، الذي يقع بين أروقة مبانيها ، وذلك عقب خروج الموظفين من المبنى، مما يتطلب تدخل مباشر لحل ذلك حفاظا على العاملين.

" الكوميديا المأساوية " لا تتوقف فقط عند تواجد هذه الثعابين بل تنصب على تلك التبريرات والتصريحات الغريبة من جانب مسئولي الوزارة للرد على هذه الكارثة، حيث أكد الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة، أن وجود الثعابين بوزارة الزراعة هو نوع من " التوازن البيولوجى بين الكائنات " ، وأن الثعابين التي تم العثور عليها غير شديدة السمية وغير قاتلة ومستأنسة، ولا تهاجم العاملين بالوزارة إلا في الحالات القصوى عند مهاجمتها.

بينما كشف الدكتور أشرف المصرفي، المديرالتنفيذي للمعمل، عن أنه تم الاستعانة بصيادين للتعامل مع الثعابين فورًا واصطيادها، وفحص باقي أماكن المعمل للتأكد من عدم وجود ثعابين أخرى بداخله موضحا أن الدور الأرضي بمبنى المعامل كان يحوي جحرًا به ثعبانين كبيرين وأخر صغير، ويبدو أن موجة الحر الشديدة قد دفعت هذه الثعابين من جحرها .. غير أنه لم يفته أيضا أن يؤكد " أن الإدارة تولي أهمية كبرى بسلامة وآمان العاملين ".. هكذا قالوا ..!

يبدو أن ردود مسئولي وزارة الزراعة تكشف عن اعتزامهم استثمار هذه الثعابين وما سيظهر منها مستقبلا في تقديم فقرة استعراضية في السيرك أو الموالد في القرى باعتبار أن الوزارة ترتبط ارتباطا وثيقا بها وذلك لزيادة ميزانية الوزارة , مثلما استغل الراحل المبدع احمد ذكي في فيلمه الكوميدي4 في مهمة رسمية " شمبانزي وجحش وماعز " في تقديم فقرة استعراضية من فقرات السيرك بعد إخفاقة في إهدائها إلى حديقة الحيوان أو بيعها .!

من جانب آخر تعرضت مجموعة من الأهالي بمحافظة المنوفية للعقر من فئران ونقلوا للمستشفيات وتناولوا الجرعات اللازمة لذلك وتماثلوا للشفاء تمامًا وعادوا إلى منازلهم إذ دونت السجلات الرسمية أن759 مواطنا قد وقعوا ضحية لعقر الفأر بكافة مراكز المحافظة منذ مطلع العام الجارى وحتى شهر أبريل الماضي، وبلغت ذروة العقر خلال شهر فبراير بـ 212 حالة، تلاه أبريل 194 حالة، ثم مارس 180 حالة، وأخيرًا يناير 137 حالة.

ولأن مسئولي الأحياء علي يقين من أن تصدير القوارض والزواحف سيصبح علي جدول صادراتنا ـ في ضوء تصرفات الوزارة - فإن ما كان غامضا بالنسبة لي علي الأقل حول أسباب وحكمة تركهم أكوام القمامة في الشوارع ‏,‏ قد أصبح واضحا الآن إذ أن تحويل الشوارع إلى مزارع لتربية هذه الزواحف والقوارض سيتيح الفرصة أيضا أمام سكان معظم المناطق لتنمية دخولهم ورفع مستواهم الاقتصادي‏!!‏

في النهاية ندعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق مسئولي الزراعة في مشروعهم الجديد ليصبح الأمل .. كل الأمل في أن ينجح مشروع تربية السحالي بعد تأكيد حظر ذبح الإناث منها حفاظا علي ثروتنا القومية الجديدة !‏