الجدران العازلة مرة أخري
د.
محمد إبراهيم بسيونى
تقيم
الجدران العازلة حصونا وهمية، وهى نقيض لفكرة ومفهوم المدينة تاريخيا وحضاريا،
فالأصل فى المدينة أنها ساحة مفتوحة للتفاعل الاجتماعي والثقافي بين مجموعات
سكانية مختلفة تتحول عبر التفاعل إلى نسيج متجانس ومتكامل، وهذا ما لا تحققه سياسة
المعازل أو “الكومبوندز”، فالأصل فى كل المجتمعات الإنسانية أنها نسيج من مجموعات
متنوعة اجتماعيا وثقافيا وإنسانيا متناغمة ومتعايشة معا لكن ما يجرى عندنا اليوم
أشبه بالمغازل السكانية للفصل العنصرى كما كان فى جنوب أفريقيا قبل مانديلا
والمصالحة.
كنت أتكلم مع احد أصدقائي عما طرأ على مجتمعنا، متأثرا بالمجتمعات الخليجية، وكانت الأحياء الراقية زمان دون أسوار، إذ يكفى أن يعبر الشخص ماشيا على رجليه كوبرى أبو العلا حتى ينتقل من بولاق للزمالك، ويذهب الشخص إلى جاردن سيتى، والعائلات تشم الهواء على كورنيش المعادى وحديقة الأندلس أو الأسماك..الآن صرنا نسكن فى أحياء ذات أسوار عالية، ونتنزه داخل المراكز التجارية “المولات” والشواطئ الخاصة.. لقد تغيرت مصر بشدة، وكل فئة تغلق على نفسها الأبواب.
0 تعليقات