أساسيات المذهب الشيعي (5)
صالح الوردانى
الخمس
يتبنى المذهب الشيعي فكرة
الخمس ويعدها من الفرائض الشرعية الواجب على المسلم الالتزام بها..
وهو ما يميزه عن الخطاب السني
الذي ربط هذه الفريضة بالغزوات والحكام..
إلا أنه قد وقع الخلاف بين
فقهاء الشيعة من قديم حول تطبيق هذه الفريضة والمستحقين لها..
وأساس هذه الفريضة هو قوله
تعالى : (واعلموا أنما غنمتم من شئ فان الله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى
المساكين وابن السبيل ) الأنفال/41
والغنيمة ما اخذ من أموال أهل
الحرب من الكفار بقتال..
والفئ ما اخذ بغير قتال..
فال الطبرسي في التبيان في
تفسير القرآن سورة الأنفال.. : وعند أصحابنا أن مال الفئ للإمام خاصة يفرقه فيمن
شاء بعضه في مؤنة نفسه وذوي قرابته، واليتامى والمساكين وابن السبيل من أهل بيت
رسول الله ليس لسائر الناس فيه شئ..
والخمس يجب في كل فائدة تحصل للإنسان
من المكاسب وأرباح التجارات والكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مما ذكرناه في كتب
الفقه..
وقال الطوسي في مجمع البيان في
تفسير القرآن..: اختلف العلماء في كيفية قسمة الخمس و من يستحقه على أقوال:
أحدها
ما ذهب إليه أصحابنا ،و هو أن الخمس يقسم على ستة أسهم فسهم لله و سهم للرسول و
هذان السهمان مع سهم ذي القربى للإمام القائم مقام الرسول (ص)..
و سهم ليتامى آل محمد و سهم
لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم لا يشركهم في ذلك غيرهم، لأن الله سبحانه حرم عليهم
الصدقات لكونها أوساخ الناس و عوضهم من ذلك الخمس..
وقال الطباطبائي في الميزان في
تفسير القرآن قوله: (قل الأنفال لله و الرسول) حكم عام يشمل بعمومه الغنيمة و سائر
الأموال الزائدة في المجتمع نظير الديار الخالية و القرى البائدة و رءوس الجبال و
بطون الأودية و قطائع الملوك و تركة من لا وارث له، أما الأنفال بمعنى الغنائم فهي
متعلقة بالمقاتلين من المسلمين بعمل النبي (ص)، و بقي الباقي تحت ملك الله و
رسوله..
وجاء في الروايات:
قال الصادق : إن الله لا إله
إلا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس ، فالصدقة علينا حرام ، والخمس لنا
فريضة ، والكرامة لنا حلال ..
وعن موسى بن جعفر قال : قرأت
عليه آية الخمس فقال : ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسوله فهو لنا..
وعن أبي عبد الله قال : لما
ولي علي صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أما اني والله ما أرزأكم من
فيئكم هذا درهما ما قام لي عذق بيثرب ، فلتصدقكم أنفسكم ، أفتروني مانعا نفسي
ومعطيكم ؟
قال : فقام إليه عقيل فقال :
فتجعلني وأسود في المدينة سواء ؟
فقال : اجلس ما كان ههنا أحد
يتكلم غيرك ، وما فضلك عليه إلا بسابقة أو تقوى ..
انظر وسائل الشيعة ج 9كتابي
الزكاة والخمس أبواب ما يجب فيه الخمس ، وانظر التهذيب ج 4 : 125 : 360 والكافي ج
8 : 182 : 204..
ويظهر لنا من الروايات أن
تطبيق الإمام علي للخمس يقوم على المساواة بين الناس وليس على أساس التصنيف وتمييز
بني هاشم عن غيرهم..
وهو ما دفع ببعض الفقهاء إلى
ربط الخمس بالإمام فقط، والقول بسقوطه في زمن الغيبة..
قال المفيد: قد اختلف أصحابنا
في حديث الخمس عند الغيبة ، وذهب كل فريق منهم فيه إلى مقال : فمنهم من يسقط فرض
إخراجه لغيبة الإمام..
وبعضهم يذهب إلى كنزه ويتأول
خيراً وارداً ( إن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام ، وأنه إذا قام دله الله على
الكنوز فيأخذها من كل مكان وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق
الاستحباب..
وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر ،
فإن خشى إدراك المنية قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته ..
انظر المقنعة ضمن مجموعة فقهية
باسم المجاميع الفقهية وانظر ذخيرة المعاد فى شرح الإرشاد للمحقق السبزوارى ج5/330
والحدائق الناضرة للمحقق البحراني ج 18/448
وقال الطوسي : وما يستحقونه من
الأخماس في الكنوز وغيرها في حال الغيبة فقد اختلف قول أصحابنا فيه ، وليس فيه نص
معين..
انظر النهاية باب قسمة الغنائم
والاخماسة، وانظر ذخيرة المعاد ج6/333 والحدائق الناضرة ج 18/450
وقال الشيخ حمزة الزبيدي : لما
ثبت سقوط الخمس في زمن الغيبة عندنا أصبح السادة مضطرين لتناول الزكاة أو قل فقراء
، فيدخلون تحت عنوان الفقراء في الآية المباركة بعد أن سقط ما عوضوا عنه بدلاً من
الزكاة ، اعني الخمس..
انظر سقوط الخمس في زمن الغيبة
، وقد نقض صاحب الكتاب أدلة القائلين باستمرار وجوب الخمس في عصر الغيبة ..
وما ساد هو القول بوجوب الخمس
واستمراره على المكلفين من الشيعة وضرب الرأي الآخر..
من هنا أصبحت الأخماس تتواتر
على المراجع بصفتهم نواباً للإمام الغائب..
وإذا كانت الأخماس هى نتاج
الحروب ، فأي حرب خاضها الشيعة حتى يستحقون أخماسها..؟
وهل الحروب التي خاضها الخلفاء
وطبق على أساسها الخمس هى حروب مشروعة..؟
وهل تولى أئمة أهل البيت سلطة
الحكم حتى يتولوا توزيع الأخماس..؟
إن الإمام الوحيد الذي حكم
وباشر تطبيق الخمس هو الإمام علي ، وقد طبقه بصورة تختلف عن تلك الصورة التي
تبناها الفقهاء وروجوها ..؟
وكيف للفقهاء أن ينحرفوا
بمفهوم الخمس ويلحقوا به مكاسب الناس..؟
وأن يخلطوا الغنيمة بالفئ..؟
وهل ينفق أصحاب العمائم
السوداء ما يحصلون من الخمس في دعم دعوة أهل البيت ، أم ينفقونه في الملذات..؟
إن الناظر للواقع الشيعي
وتطبيقات الخمس يرى عشوائية في تطبيقه وصرفه على وجهه الصحيح, وهو في الأغلب يذهب
لغير المستحقين من أصحاب العمائم السوداء ، وفي الدعاية للمراجع وخدمة مذاهبهم ،
والإنفاق على الحوزات التي تسمى بالعلمية والمبلغين الأغبياء،وفي تمويل أنشطة
مذهبية حادة توطن الطائفية، وتبقي على الصورة المشوهة لأهل البيت المدعومة من قبل
المراجع والمؤسسات..
0 تعليقات