الإمام زين العابدين القائد الفكري لخط الوعي الجديد(3)
علاء الموسوي الواسطى
القيادة الروحية: وهنا وذكر
الشيخ المفيد أعلى الله مقامه الشريف في كتابه الإرشاد ما يدل على إمامته عليه
السلام وهي جملة أمور:
انه كان أفضل خلق الله تعالى
بعد أبيه علما وعملا، والإمامة للأفضل دون المفضول بدليل العقول مضافاً انه أولى
الناس بأبيه الحسين عليه السلام وأحق بمقامه من بعده بالفضل والنسب، والأولى
بالإمام الماضي أحق بمقامه من غيره بدلالة آية ذوى الأرحام ووجوب الإمامة عقلا في
كل زمان، وفساد دعوى كل مدع للإمامة في أيام علي بن الحسين عليهما السلام أو مّدعٍ
لها سواه، فثبتت فيه لاستحالة خلو الزمان من الإمام.
ومنها ثبوت الإمامة أيضا في
العترة خاصة، بالنظر والخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وفساد قول من ادعاها
لمحمد بن الحنفية (رضي الله عنه) لتعريه عن النص عليه بها، فثبت إنها في علي بن
الحسين عليهما السلام إذ لا مُدّعي له الإمامة من العترة سوى محمد وخروجه عنها بما
ذكرناه .
أما ودوره في إصلاح الأمة فقد
اعتنى الإمام ع ببناء المجتمع الإسلامي بناء عقائدي وأخلاقي رصين خصوصاً بعد
انهيار المنظومة العقدية والأخلاقية بعد مأساة ألطف والتي أسهمت السياسات الأموية
الضالة المضلة في تحطيمها فانبرى الإمام كما هو أبيه يقوّم اعوجاج المجتمع بفضائل أخلاقه
قولا وعملا, فاستطاع وهو رهين القيود مع نساء الرسالة فضح التيار الأموي وعرض الأهداف
للقيام الحسيني وتمثل ذلك:
أولا:
انقطاعه الى العبادة والمناجاة حتى سمي زين العابدين وذي الثفنات لكثرة عبادته
وسجوده وكان صائم نهاره قائم ليله حتى كان ذلك له خلقا مستمراً طيلة حياته ولذا
عندما سألوا خادمه عنه قال: أوجز أم أطنب قالوا له : أوجز فقال ما فرشت له فراشاً
في ليل ولا وضعت له طعام في نهار، وكان يطوي كثيرا من لياليه في المسجد الحرام
يؤدي نسكه وعباداته، وفي إحدى ليالي مناجاته مع ربه، كثر بكاؤه، وعلا نشيجه، حتى
خر مغشيا عليه. يقول طاووس اليماني الفقيه (فدنوت منه وشلتُ رأسه ووضعته على ركبتي
وبكيت حتى جرت دموعي على خده، فاستوي جالسا وقال: من ذا الذي أشغلني عن ذكر ربي؟
فقلت: أنا طاووس يا ابن رسول الله، ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل
هذا ونحن عاصون جافون. أبوك الحسين بن علي، وأمك فاطمة الزهراء، وجدك رسول الله؟
قال: والتفت إلي وقال: هيهات هيهات يا طاووس، دع عني حديث أبي وأمي وجدي، خلق الله
الجنة لمن أطاعه وأحسن ولو كان حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيدا قرشيا،
أما سمعت قوله تعالى:( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ
يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ). والله لا ينفعك غدا إلا تقدمة تقدمها من عمل
صالح).
تتبعه الحلقة الرابعة.
0 تعليقات