آخر الأخبار

تأملات قرآنية في نهائيات قصة نبي الله عيسى (ع) (2)






تأملات قرآنية في نهائيات قصة نبي الله عيسى (ع) (2)

علي الأصولي


لا نقاش وأن الله قد رفع نبي الله عيسى(ع) ولم يقتل أو يصلب كما زعم الاتجاه المسيحي، ودونك القرآن والأحاديث التي نفت فكرة القتل والصلب،

ولكن في نفس الوقت لم ينف النص الديني الإسلامي الموت لعيسى(ع) في طول الزمان، بل قد يكون الموت قد تحقق فعلا فيما لو تأملنا وآية ( إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك،،، الخ ) آل عمران/٥٥.

والتوفي من الاستيفاء وهو قبض الروح ولا يصار الى القبض إلا بالموت، ولا يمكن تقبل أطروحة ( ورافعك إلي ) بحسب الفهم المادي وهو الرفع إلى السماء ونحو ذلك لانتفاء ( الاين والكيف ) الفلسفي المنطقي الكلامي عنه سبحانه،

والرفع إلى عالم المعنى يحتاج إلى قابل من سنخه وليس القابل هو الجسم المادي لاختلاف السنخية، بحسب التعبير الفلسفي،

ومحاولة تفسير الوفاة تفسيرا لغويا لا يمكن المساعدة عليه على ما ذهب إليه بعض أكابر المفسرين، وكون الوفاة من الاستيفاء الكامل دون النقص ونحو ذلك،

لاقتران الوفاة بالموت قرآنيا؛ بحسب تتبع الموارد القرآنية وهذه المفردة،

وما صلبوه، دعنا نتأمل فكرة الصلب وقبل التأمل فيها
لا بأس والوقوف عند آية قرآنية من سورة طه
وقصة تهديد فرعون للسحرة بعد إيمانهم برب موسى(ع)
فقد أخبر القرآن هذه الحادثة بقوله عن لسان فرعون،
{ قال أمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعنَّ أيديكم وارجلكم من خِلاف ولأصلِبَنَّكم في جذوع النخل ولتعلَمُنَّ ايُّنا اشدُّ عذابا وأبقى } طه 71 .

لاحظ قوله لأصلبنكم في جذوع النخل،
وهذا من التعابير غير المألوفة وفكرة الصلب
وما يناسب أصل الفكرة هو على جذوع النخل
لا في جذوع النخل !

حاول أرباب اللغة كابن هشام وغيره ، الإجابة عن هذه المسألة وعدم مألوفيتها

حيث قالوا :  إن معنى الآية قائم على التضمين، حيث ضُمِّن حرف الجر (في) الوارد في الآية الكريمة معنى حرف الجر (على ) وهذا المعنى جاء نتيجة شدة الحقد الذي يعتمل في قلب فرعون قد تفجرت براكينه غضبا وحنقا على أولئك السحرة الذين آمنوا برب موسى غير عابئين بفرعون جعل فرعون يفكر أن يفرغ جذوع النخل ويدخل السحرة إليها ويصلبهم فيها.

وهكذا تضمن (في) معنى (على).لشفاء غليل فرعون، أقول بصرف النظر عن صحة مستند أهل اللغة في مسألة التضمين، ولكن أجد أن قصة فرعون التي سيقت هي من مخيال القصاصين والكلام ليس في حقده وحنقه بل في شده غله وحنقه!
ومن هنا هل يمكن لنا البحث عن معنى الصلب والتصليب بعد المبالغة أم الاكتفاء وما فهمه المشهور فقط وفقط ،

قلنا بأن عيسى(ع) تارة يطلق عليه ابن الله وتارة يطلق عليه ابن الإنسان، كما في أدبيات الاتجاه الكنسي،

وهذا الإطلاق كما هو الملاحظ في أزمان مختلفة؛ ففي زمنه الأول كان الإطلاق هو الأول وفي ومن رجعته أو نزوله في آخر الزمان يطلق عليه ابن الإنسان،

وبناء على وفاة النبي عسيى(ع) لا بفعل القتل والصلب كما أوضحنا في غير هذا المكان، فإنه سوف يكون له رجوع آخر في زمن المهدي(ع)

وكأطروحة يكون رجوعه في الزمن المحدد هو رجوع ولادي أو قل متولد من أبوين ولذا عبر عنه النص المسيحي بابن الإنسان، وإلا فهو لم يستوف الشروط التامة والكاملة في زمنه للتكامل ولذا نجد ابن عربي أشار في تفسيره لهذا المعنى،

حيث قال: ولما كان مرجعه إلى مقره الأصلي ولم يصل إلى الكمال الحقيقي وجب نزوله في آخر الزمان ببدن آخر أنتهى ويمكن تسمية ذلك بالرجعة على ما ذهب إليه الإمامية.



إرسال تعليق

0 تعليقات