مُقاربة ٌ منهجيَّة
في بيان
مَدرك حُجيَّة قول
الرجالي
(الحلقة السابعة)
علي جميل الموزاني
ويمكننا ان نلخص ما ذُكر
من أقوال في إثبات حجيّة قول الرجالي بما يلي(1):
1- ان يكون ذلك من باب الشهادة, وفيها
لابد من التعدد وهو مفقود في اغلب الحالات, بل نرى عملية الترجيح بين الأقوال
واضحة في كلام المتأخرين كما عن العلامة وغيره.
2- ان يكون ذلك من باب حجية قول
أهل الخبرة، وواضح ان إخبار النجاشي مثلاً بالوثاقة لا يتوقف على إعمال النظر
والاجتهاد لأن الوثاقة هي من الاُمور المحسوسة أو القريبة من الحس كما يظهر ذلك من
كلمات أصحاب الفهارس كالطوسي والنجاشي.
3- ان يكون ذلك من جهة حصول
الاطمئنان من قول الرجالي، ولابد حينئذٍ من حصول الاطمئنان من قول الرجالي في جميع
توثيقاته وتضعيفاته وهو نادر جداً.
4- ان يكون ذلك من باب حجية خبر
الثقة, وبناءً على هذا الرأي لا يُشترط في الموثّق العدالة بل يكفي كونه ثقة
متحرزاً عن الكذب, كما وانه لا يشترط التعدد بل يكفي خبر الواحد, كما وانه لا
تشترط حياته, كل ذلك من جهة انعقاد السيرة العقلائية على التمسك بخبر الثقة من دون
اشتراط التعدد والعدالة والحياة. وممن اختار هذا الرأي من المتأخرين السيد الخوئي (قدس
سره).
5- ان يكون ذلك من باب الحجيّة
المستفادة من آية النبأ وغيرها, وهي لا تدل على أكثر من حجيّة خبر العدل أو قد
يقال باختصاصها بباب الاحكام.
6- ان يكون ذلك من باب حجيّة فتوى
المفتي, ومعه لا بد من توفر شروط المفتي.
7-
ان يكون ذلك من باب حجيّة الظنون الرجالية
لانسداد باب العلم ومعه لا حجية لغير المظنون.
ومن خلال ذلك يظهر بان الكلام
في حجية قول الرجالي راجع الى ما يستظهره ويتبناه الفقيه, وذلك لأننا لا نملك نص
في تحديد مستند حجية قول الرجالي, (بل قد نستأنس بأنّ نفس بحوث الرجاليّين
المتأخّرين في مدرك حجية قول الرجالي منذ ما يقرب من خمسة قرون، خير دليل على "ذلك"،
وإلا لما أتعبوا أنفسهم في مثل هذا البحث، ولما احتاج صاحب المعالم ومن بعده
للتفتيش عن مسلك الشهادة ومسلك حجية خبر الثقة ومسلك حجية الفتوى ومسلك الظنّ
المطلق ومسلك الظنّ الخاص على الإجماع)(2), وغير ذلك من الأقوال المتقدمة.
لذى يرى السيد الفاني
الأصفهاني (قدس) (ان البحث الرجالي لا يرجع إلى قواعد تعبدية وأسس الزامية بقدر ما
هو تحصيل الاطمئنان والقرار النفساني بصدق الراوي)(3), معلّلاً ذلك بقوله (إننا
نبغي في البحث الرجالي اقتناص أمانة الرجل ووثاقته وتحرزه عن الكذب فيما يرويه
بنحو تسكن إليه النفس مما يجعل العمل على طبق النتيجة المستخلصة من الأمور
العقلائية الطبيعية والتي لم يثبت الردع عنها)(4).
(يتبع)
هوامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- راجع مثلاً: توضيح المقال في علم الرجال للملا على كني, ص53-54-٧5, وكتاب
دروس تمهيدية في علم الرجال للايرواني, ص39, وكليات في علم الرجال للسبحاني, ص40, وغيرهم.
2- منطق النقد السندي, حيدر حب
الله, ج1, ص157, استفدنا من كلام الشيخ وعممناه هنا, وان كان كلامه بخصوص ترجيح
عدم الاطمئنان الغالب في قول الرجالي.
3- بحوث في فقه الرجال, تقرير بحث
الفاني، للسيد علي مكي العاملي, ص53.
4- المصدر المتقدم, ص54.
0 تعليقات