آخر الأخبار

الاسلام والسياسة (3) عقدة الانتماء والولاء






الاسلام والسياسة (3)
عقدة الانتماء والولاء

عز الدين محمد

رأيت هذا المنشور في احدي الصفحات، وهو يثير إشكالية معروفة ترددها حركات الإسلام السياسي على اختلاف توجهاتها، وتمثل رؤيتهم الى التعارض بين الانتماء والولاء، وهي رؤية متوهمة غير دقيقة كمعظم ما يطرحونه، لذا كتبت في الرد عليها:

أولا: الانتماء الى بلد أو عشيرة شيء طبيعي غير مكتسب، ولا يتعارض بالضرورة مع الولاء كما قال تعالى في قضية الولد المؤمن مع الأبوين الكافرين ( وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفا ) فلم يمنع الكفر من المصاحبة بالمعروف، ولا يختص الأمر بالوالدين بل هو عام كما قال تعالى: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ) فالخلاف في الاعتقاد لا يوجب قطع العلاقات الاجتماعية بحال الا في حالة واحدة هي العدوان كما سيأتي الحديث عنه.

ثانيا: وضع الشرع الشريف قاعدة تمنع من ان يتحول الانتماء الى حالة سلبية، وليمثل حلا لأي تنازع بين الولاء للعقيدة والانتماء للبلد أو الأمة أو العشيرة، وذلك برفض العصبية، فقد سئل النبي (ص): أمن العصبية ان يحب الرجل قومه؟
قال: لا ولكن من العصبية ان ينصر الرجل قومه على الظلم.

 فمثلا لو تخاصم مسلم ويهودي على أمر ما، مثلا على قطعة أرض، او معاملة مالية بينهما، ايهما كنت تنصر؟ اذا قلت المسلم فقد أخطأت، وكذا طبعا لو قلت اليهودي، لكن تنصر المظلوم منهما.
ثالثا: النبي (ص) لم يحارب أهل مكة لأنهم مشركون، بل لأنهم اعتدوا عليه وعلى أصحابه وحاربوه، فكانت حربه ضدهم ردا لعدوانهم وحسب، وليس بهدف إدخالهم في الدين الجديد، وهذا أمر مهم بيناه بأدلته في كتاب "أشد الجهاد" وربما اكتب عنه منشورا لأهميته.

رابعا: الانتماء أمر طبيعي، وما جاء على أصل الطبيعة البشرية لا يرفضه الشرع لأن الاسلام دين الفطرة، لكن يهذبه، وقد قال النبي (ص): "خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم" فمدح عن يدافع عن قومه الذين ينتسب اليهم لكن بشرط عدم الظلم.

لذا فان التنافي ما بين الانتماء والولاء ليس حقيقيا بأي حال، بل هو مصطنع إما بسبب قصور النظر أو لأهداف سياسية.


الإسلام والدولة (2) ........ السلطة السياسية.. بين ارادة الله واختيار البشر

إرسال تعليق

0 تعليقات