آخر الأخبار

السيد الشهيد الصدر و التخطيط للقيادة من بعده (10)









السيد الشهيد الصدر و التخطيط للقيادة من بعده (10)





علي الشديدي



المبحث الثاني/ شروط القيادة عند السيد الشهيد(7)

3- الخبرة والورع: ينعكس هذا الشرط على حسن إدارة الحوزة وما ينتجه من مصالح عامة تعود بالنفع على المجتمع، فالخبرة العلمية والعملية تساعد في ترتيب المهام والواجبات، والورع يكون رادعاً عن ارتكاب المحرمات وظلم الناس، إذاً هذا الشرط يتضمن بالضرورة اتصاف القائد بصفات أخرى من قبيل أن يكون صالحاً، عادلاً، قاضياً لحوائج الناس، مخلصاً، منصفاً، مدركاً للمصالح الاجتماعية العامة، مضحياً، يقول السيد الشهيد في هذا الصدد: (فإن الله تعالى مد في عمري وبقيت عدة سنوات أخرى سيوجد بالتأكيد هناك من طلابي وممن أتوخى منهم الإخلاص والتعب على نفسه والاجتهاد، يحصل هناك عدة مجتهدين بعون الله، جملة منهم نستطيع أن نقول طيب القلب وخبير وورع ونحو ذلك قابل أن تعول عليه القيادة الحوزوية). (1)


ويقول بشأن الإخلاص وقضاء حاجة الناس: (فإذا كنتم يعني من هذه الناحية الى حدٍ ما تحملون عني فكرة جيدة، فكونوا مثلي من هذه الناحية ولربما أحسن مني، لماذا لا تكونون أحسن مني أمام الله، إذا العمدة هو القلب، ولربما كثير منكم أو كلكم أشد إخلاصاً لله مني، فمن هذه الناحية، لا أقول صيروا مثلي، لا أقلها من هذه الناحية صيروا مثلي وهو شنو، الغيرية أو قضاء حاجة الآخرين ما وسعك الى ذلك سبيلاً). (2)


أما صفة الصلاح في القيادة فيقول السيد الشهيد عنها: (المرجعية الموضوعية عبارة عن ماذا؟ عبارة عن خط متكامل نستطيع أن نقول يتوارثه جيل عن جيل، كلهم يؤمنون به ويدعمونه وكذا، خط صالح يكون وليس خط ظالم والعياذ بالله، هذا غير موجود، إنما أدعوكم لتكوينه في الحقيقة ... وإن كان أنا أود كلكم تصبحون مجتهدين ومراجع واتخذتم الخط الذي اقتنعتم به وصالح من جميع الجهات، وقاضي لحاجات الناس ومدافع عن المذهب، فبها ونعمت، لا يهم لماذا لا لماذا لا، في الحقيقة المرجعية الموضوعية تكون بقناعة الثاني أن يعمل كالأول وقناعة الثالث بأن يعمل كالثاني وهكذا يستمر الخط). (3)


أما بشأن إدراك المصالح العامة للمجتمع وتقديمها على المصلحة الخاصة فيقول: (ونرجع للشيء الذي قلناه وهو الشيء المسيطر علينا جميعاً وكان ولا زال وسيبقى بعون الله، هو الأخوّة والتعاون وليس أكثر من ذلك، وفي الحقيقة أنا لا أستثني من ذلك أحداً حتى نفسي، محل الشاهد لا أستثني حتى أولادي وليس النصح لغيرهم، لا، وإنما يسمعون وأنا تعمدت أن يكونوا موجودين، حتى يسمعوا وأنا كايلهم من زمان ومكرر عليهم من زمان، أن لا تكونوا كأولاد المراجع السابقين الذين لربما صدرت منهم أمور غير محمودة، تكونون ورثتهم أو ممثليهم، لا لا، صح الله رازقهم هذه النقطة من القوة أكيداً، ولكنه هذه النقطة من القوة أعتبرها كأنها غير موجودة إطلاقاً. حينما الإنسان يعامل هذه النقطة معاملة الأنانية، إي يصير هشكل كيت وكذا وكذا الى آخره من المظالم، وأما إذا كان يعاملها معاملة الغيرية ونفع الآخرين فقط، إذاً هي مقدمة للمصلحة العامة لا بأس جزاهم الله خير وليس مقدمة للمصلحة الخاصة). (4)


ويحذر السيد الشهيد ممن توفرت فيه هذه الشروط ولا يتصدى لقيادة المجتمع، لأن ذلك يؤدي الى تصدّر غير الكفوء للمشهد القيادي الحوزوي، فيقول: (أنه لو فرض انحصار المؤهلات في شخص واحد، فإنه يجب عليه التصدي للحكم العام، ويجب على المسلمين القبول. ولا يجوز له أو لهم الاعتذار عن ذلك، لأن معنى تخليه عن ذلك بقاء المجتمع بلا قائد أو إعطاء القيادة بيد غير الكفوء، وكلاهما غير جائز في الإسلام. ومثاله لو كان الرئيس جامعاً للشرائط وكان يعلم بأنه الوحيد المؤهل لذلك، وأنه لا يوجد في المجتمع شخص آخر مؤهل، فلا يجوز له التخلي والاستقالة، لأن معناه أيضاً بقاء المجتمع بلا قائد، أو إعطاء القيادة لشخص غير كفوء وكلاهما غير جائز في التشريع الإسلامي). (5)


وبهذا ينتهي الحديث عن شرائط القيادة عند السيد الشهيد في هذا المبحث، ويليه المبحث الثالث الذي سنتناول فيه كيف مهّد السيد الشهيد للقيادة من بعده، والتطرق لوصاياه بهذا الشأن بالتفصيل.





ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد الصدر. مواعظ ولقاءات. هيئة تراث السيد الشهيد الصدر، دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع والاعلام، لبنان- بيروت، 2013، ص160.

(2) لقاء أجراه السيد الشهيد الثاني (قدس سره) مع العاملين في البراني ليلة ولادة السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بتاريخ 19/ جمادى الآخرة/ 1419 والموافق 11/ 10/ 1998. للاستماع لكلام السيد الشهيد كاملاً اضغط على الرابط:


(3) اللقاء الأول للسيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) بطلبة جامعة الصدر الدينية سنة 1417 هجرية والموافق 1997 ميلادية، للاستماع لكلام السيد الشهيد كاملاً اضغط على الرابط:


(4) لقاء العاملين في البراني، المصدر السابق.

(5) محمد الصدر. مبحث ولاية الفقيه. تحقيق مؤسسة المنتظر لإحياء تراث آل الصدر، ط 1، مؤسسة مدين للطباعة والنشر، 2013، ص83.

إرسال تعليق

0 تعليقات