آخر الأخبار

التعامل مع فيروس كورونا (٧)















التعامل مع فيروس كورونا (٧)

[دراسة فقهية]


أحمد مبلغي



[في المنشور السابق قدمنا تفسيرين حول مضمون الحديثيْن الذين وردا عن أهل البيت (ع)، أحد التفسيرين: هو أن مضمونهما هو المنع عن هروب الشخص عن المرض المسري أثناء تواجده داخل المسجد.



والآخر: المنع عن هروبه عنه عندما كان الشخص يعيش في المنطقة التي يقع فيها المرض، وفي هذا المنشور نريد إثبات التفسير الثاني إنشاء الله].

إثبات التفسير الثاني:

هناك وجهان يثبتان أن التفسير الثاني هو الصحيح:

الوجه الأول: العادة تقتضي وقوع المرض في الحي الذي يحتوي على المسجد، لا وقوعه داخل المسجد الذي في الحي:

وهذا الوجه يتبين من خلال الالتفات الى أربع نقاط:

النقطة الأولى: قد تركّزت الروايتان على كلمة أهل المسجد، والسؤال هو ماذا يعني أهل المسجد؟ هناك افتراضان في الجواب عن ذلك: ١- المقصود هو المعنى الخاص لأهل المسجد: أي: الحاضرون في المسجد في وقت خاص، فإنه يصدق عليهم حينئذ (أي: حين حضورهم) عنوان أنهم حاضرون في المسجد بالفعل.

٢- المقصود هو المعنى المعتاد لأهل المسجد: وهم سكان المحلة التي لها مسجد خاص، أي: الذين يصلون فيه، وهؤلاء في قبال سكان محلة أخرى لها مسجدها، غير هذا المسجد.



يبقى السؤال: أي معنىً من هذين المعنيين كان المقصود للروايتين؟ سيعلم جواب ذلك خلال استمرار بيان سائر النقاط.




النقطة الثانية: قد تحدثت الروايتان عن وقوع الوباء أو الطاعون في أهل المسجد،


في تفسير ذلك يمكن القول: لا شك أن العادة تقتضي أن لا يكون لوقوع الوباء أو الطاعون معنىً داخل المسجد (وفي الناس الحاضرين فيه)، بل تقتضي نشوءهما ووقوعهما داخل الحي وعبر العوامل التي تحدث خلال الحياة الجارية فيه.



النقطة الثالثة: إنه بالنظر الى تلك العادة (التي تحدثنا عنها في المقدمة الثانية)، يُعلَم ان الرواية عندما تتحدث عن وقوع المرض في أهل المسجد، ليس المقصود منه وقوع المرض عند أهله بمعناه الخاص، (أي: الذين هم الحاضرون في المسجد فعلا وحاليا)، بل المقصود وقوعه عند اهل المسجد بمعنى أهل محلة المسجد (أو أهل مسجد المحلة).



النقطة الرابعة: إذا حددنا (عبر الدقة) أن محل وقوع المرض، هو أهل الحي (كما مر في النقطة الثالثة)، فمن ذلك يمكننا أن نستنتج أن الرواية عندما تمنع عن الهروب من أهل المسجد ، فإنها تقصد منه الهروب من أهل الحي (الذي يصلون في مسجدهم المنسوب إليهم) وهذا بالضبط هو الافتراض الثاني الذي قلنا انه الصحيح.



الوجه الثاني: القيد الوارد في الحديث للاحتراز عن مساجد المحلات الأخرى:

وتوضيح الوجه يتم عبر الالتفات الى نقاط ثلاث:


النقطة الأولى: يوجد قيد في الحديث وهو: قيد "الذي يصلي فيه"، والواقع أن هناك افتراضين حول هذا القيد، أحدهما: أنه قيد احترازي لأن يحترز به عن المساجد الأخرى التي تقع في المناطق الأخرى، الافتراض الثاني: هو أن هذا القيد للاحتراز عن نوع خاص من الكون في المسجد، بمعنى أن هناك نوعين للكون في المسجد، أحدهما: الكون في حالة الصلاة في المسجد، والآخر هو الكون فيه لا في حالة الصلاة، فالحديث حسب هذا الافتراض يريد القول: لا تهربوا عن المرض عندما كنتم في المسجد وكنتم في الصلاة.



النقطة الثانية: إذا نظرنا إلى الرواية، نجد العبارة هكذا:


"فإذا وقع في أهل مسجده الذي يصلي فيه فلا يصلح له الهرب منه"
وكما نرى أن جملة "الذي يصلي فيه" أتت وظهرت كوصف للمسجد، لا كوصف لحالة في المسجد دون حالة أخرى، وعليه فهو قيد للاحتراز عن مساجد الأحياء الأخرى.



النقطة الثالثة: إذا كان الأمر هكذا (أي: كما مر في النقطة الثانية)، يتضح أن الحديث ليس أساسا بصدد النظر إلى ما يجري في داخل المسجد والى الحالات المتعلقة بهذا الداخل، الأمر الذي يجعلنا أن نستنتج أن الحديث عندما يقول: "فلا يصلح له الهرب منه"، ليس مقصوده عدم هروب الشخص من المرض عند تواجده في المسجد، بل عدم الهروب منه عند اصابة أهل محلته الذين يميزون بأنهم أهل مسجده، وهذا هو المدعي الذي كنا بصدده.

نتيجة البحث النهائية:

١. الوجهان المشار إليهما، يفيدان أن كلا الجانبين الروائيين (الجانب النبوي والجانب أهل البيت) يوفران مضموناً موحداً وهو: عدم ترك المنطقة المصابة بالمرض المعدي.

٢. ان المستفاد من السنة الشريفة (كما مر إيضاحه) هو الحجر الصحي المتمثل في عدم الدخول في المنطقة المثابة بالمرض، وعدم الخروج منه.




⇭ مرجع إيراني 


إرسال تعليق

0 تعليقات