آخر الأخبار

عنصر التاريخ في المنهج الفقهي للشهيد الصدر (٣)










أحمد مبلغي⧪



ثانياً: جعل الفقيه قادرًا على الإبداع والتنظير:

تتمثل إحدى فوائد ومزايا "امتلاك رؤية تاريخية في الاستنباط" في أن المجال سيتم فتحه أمام الفقيه لأن يتمكن من التنظير الفقهي. يكمن سر هذا في حقيقة أن النظرة التاريخية تجعل عقل الفقيه يزدهر من خلال فتح آفاق جديدة من الأفكار والمعلومات أمامه، وفي هذه الحالة سيكون قادرًا على الانخراط في عملية التنظير الفقهي.



يمكن القول إن أحد العوامل التي أثرت على شخصية الشهيد الصدر في أن يصبح ويتبلور كمنظّر ومفكر كبير، هو نظرته الدقيقة للتاريخ. إذا لم يكن يلقي نظرة عن كثب على التاريخ، ولم يكن يولي اهتمامًا كبيرًا لتحليله وملاحظة أحداثه وحقائقه، فإنه بالتأكيد لم يصبح منظِّرًا.



نظرية التفاعل مع النص حسب الظروف الاجتماعية".

وفيما يلي إحدى نظرياته التي انبثقت من التاريخ، وركزت على التاريخ، وهي النظرية التي يمكن تسميتها "نظرية التفاعل مع النص حسب الظروف الاجتماعية".


وللتوضيح أقول: إن الشهيد الصدر يمكن انتزاع نظرية مهمة في مجال التفاعل مع النص في الاستنباط من أفكاره. فطبعا، لم يقدم هذه النظرية بهذا الصياغة الشاملة التي نطرحها هنا، بل هو طرح مفردات هذه النظرية هنا وهناك، فإذا نجمع هذه المفردات ووجهات نظره في مواضع مختلفة، وننظر الى كلها معًا، نحصل على هذه النظرية.


مفاد النظرية:

ان التعامل الاستنباطي مع النص، بما أن له العديد من الأبعاد والجوانب، مثل: "تحصيل معنى النص" و"تنويع النص" و"تطبيق النص" و....، فانه لا يمكن تشكيل هذا التفاعل بشكل دقيق ومنطقي مع النص الا عبر معرفة الظروف الاجتماعية للمجتمِعَيْن: المبدأ والمقصد (أي: المجتمع في عهد التشريع والمجتمع في عهد التنفيذ).


وانطلاقا من هذه النظرية، نجد أن المفكر الشهيد الصدر قد اعتقد بالموارد التالية:

-- الفهم وفقا للظرف.
-- الملأ وفقاً للظرف.
-- التطبيق وفقاً للظرف.
-- التحقيق وفقا للنص.
-- التنويع وفقا للنص.

هذه الموارد تعكس جوانب وأبعاد التفاعل مع النص، وترشدنا الى أنه من المهم والضروري الابتعاد عن النظرة المعتادة والسطحية الى التعامل معه، وفي الواقع تعيد تعريف التفاعل مع النص وتعطيه زوايا مختلفة.

وإليك تبيين هذه الموارد:

١. الفهم وفقاً للظرف.
يذكر الشهيد الصدر أن نزع الأدلة الشرعية عن ظروفها وشروطها، هو أحد أسباب ومصادر خطر العنصر الذاتي، الذي يحف بعملية فهم الأحكام والمفاهيم في النصوص (اقتصادنا: ٣٨٤).

٢. الملأ وفقاً للظرف.
تاتي هذه العملية (الملأ وفقا للظرف) على أساس نظريته الشهيرة المسماة بنظرية منطقة الفراغ، طبقا لهذه النظرية، يجب أن يملأ ولي الامر هذه المنطقة الفارغة، وفقًا للظروف الاجتماعية لزمنه.

يقول الشهيد الصدر - بتصرف يسير في عبارته- :
"النبي الأعظم (ص) حين قام بعملية ملء هذا الفراغ... ملأه ...وفقا للظرف، ..... [فإن] عملية ملء الفراغ ... يجب أن تمارس في كل حين وفقا للظروف..." (اقتصادنا: ٣٨٠، ٣٨١).

يمكن أن يُسأل: بحثنا حول التفاعل مع النص، ما هي العلاقة بين ممارسة "الملأ وفقا للظرف" مع النص؟ الجواب يتضح من كلام الشهيد الصدر، قال:
"حين نقول: (منطقة فراغ)، فإنما نعني ذلك بالنسبة إلى الشريعة الإسلامية ونصوصها التشريعية" (اقتصادنا: ٣٨٠).

للبحث تتمة





سماجة المرجع الدينى الشيخ أحمد مبلغى ... مرجع دينى ايرانى 

إرسال تعليق

0 تعليقات