آخر الأخبار

فقه أصول المنهج ( 15)













علي الأصولي



لكن، الماتن ناقش كبرى الإمكان العقلي وما يخص شمول الشيء لنفسه، الذي افترض استحالته، إذ أن المناطقة قرروا في باب الحمل وأنواعه، الذاتي والشايع الصناعي، قرروا هناك لابدية أن يكون بين المحمول والموضوع مغايرة، لأنه لا يمكن حمل الشيء على نفسه، إذ في كل حمل نحتاج إلى جهة اتحاد وجهة مغايرة، وشرط المغايرة حتى يكون الحمل مفيدا، و هذه هي الجهة التي دعت من قال بعدم إمكان حمل الشيء على نفسه،


ولكن هناك حملا أخرى يسمى: حمل المواطأة وهو يمسى بحمل هو هو، وحاصله: أن يكون الشيء محمولا على الموضوع بالحقيقة والمواطأة معناه الاتفاق، وجميع الكليات الخمسة يحمل بعضها على بعض وعلى أفرادها بهذا الحمل، مثل الإنسان ضاحك،


ومثل على ذلك بالمفهوم والمصداق كاللفظ والقول والكلام،فاللفظة هي الكلمة، التي تتركب من بعض الحروف، وتدل على معنى جزئي مفرد مثل - عين - منزل- ونحو ذلك.



والكلام، هو كل تركب من كلمتين أو أكثر وله معنى يستقل مثل - أقبل ضيف –


والقول، هو كل لفظ نطق به الإنسان سواء كان مفردا أو مركبا مفيدا كان أو لا، وكلفظ القرآن فإنها قرأن مفهوما ومصداقا،


وأما صغرويا، بتعدد المصداق إذ تارة تجده يفيد مفهوم الأمر وتارة يفيد مصداقه،



وأما الآثار العملية فهي للتعرف على مضامين كلام علماء الأصول،


ويبقى أثره اللغوي والشرعي، أما لغويا، فلا أثر له لانتفائها بلحاظ أن الأجيال المتأخرة ليس لها حق الوضع وملحقاته، لاختلاط اللغات وتداخلها الأصيل والدخيل منها منا أنتج عدم الضبط، وهذا كبرى الاعتراض، وأما صغراه، أن اختراع ونحت المصطلح لا يصنف على اللغة الأم، غايته يحسب على الاصطلاح العلمي أو لغة العلم والاختصاص، هذا كله بالجانب اللغوي، وأما الجانب الشرعي، فهو كسابقه إذ لا أثره له أيضا، المهم بيان معناه عرفا ولغة على حد مضمون تعبير الآخوند، فإذا ورد في النص بلا قرينة فالعرف واللغة واضحة فيه كما هو مبناه - رحمه الله - ولا أثر للمعاني المتأخرة عن عصر النص حتى لو كان المعنى عرفي، فضلا عن كونه مصطلح، ولذا أسس الماتن إلى كبرى ثانية مفادها:



وهي ان نحمل الكتاب والسنة على الأمور الاصطلاحية العلمية، غير ممكن حتى لو ثبت معاصرته لعصر النص، لوروده طبقا لعرف العلم لا للمصطلح المعين،



نعم قد يصبح اللفظ مصطلحا في عرف المتشرعة، وشائع الاستعمال، فيمكن أن يحمل عليه النص بمنزلة الحقيقة الشرعية، وهذا يبحث في حجية الظواهر في الأصول،

قال الماتن:


ثم ان للمحقق النائيني كلاما في إمكان تصريف القول المخصوص الذي قيل في استحالته، وأيده في - المحاضرات - وهذا الوجه قائم على أن المراد به من صيغة أفعل، بحيث يراد من مادة الأمر صيغة الأمر،



هنا قد يؤخذ الأمر على وجه ساذج، ويقال: بإمكان تصريفه، كما أخذه صاحب - الكفاية - لأنه إنما استشكل على الوجه الأولى، لا على الوجوه الثلاثة السابقة ، وذلك بصفته فعل أمر وكل فعل أمر فهو متصرف عادة،


إلا أنه يرد هنا إشكال على التصريف، ولعله هو الذي كان في ذهن المحقق النائيني - قدس سره - ويكون إشكالا على عدم التصريف في الوجوه الثلاثة كلها،



وهو أننا نقصد بالأمر خصوص فعل الأمر، فلا يكون قابلا للتصريف، بحيث يصدق عليه الأمر، لأنه عندئذ لا يكون أمرا، بل شيئا آخر، فهو بالتصريف يخرج عن هويته، وكلما خرج عن هويته فهو مستحيل،



وجواب المحقق النائيني، يريد إعطاء نحو تصريف معنوي لحاظي، لصيغة الأمر مع محافظتها على حالها، فإذا لوحظ الأمر في نفسه بدون لحاظ صدوره من الغير فهو مصدر، وإذا لوحظ صدوره في الحال أو الاستقبال فهو مضارع، و هكذا وأوضح منه انتساب الأمر إلى فعل الأمر نفسه،


وهذا غريب جدا، و هو أقرب إلى السنخ الفلسفي منه إلى النحو،



أقول ( ذكروا أن الأمر بحسب الاصطلاح حقيقة في القول المخصوص ومجاز في غيره، وعلى هذا الأساس لا يصح منه الاشتقاق، بناء على مختار من نقل عنهم صاحب الكفاية - كون لفظ الأمر حقيقة في القول المخصوص، لأن هذا المعنى لا يكون من المعاني الحديثة بلحاظ كون الأمر حينئذ اسما للقول المخصوص،



المحقق النائيني اختار طريقة لإثبات إمكان التصريف، تصريف القول المخصوص الذي قيل باستحالته،


وهذا الاختيار النائيني فهو يلحظ سذاجة نفس الأمر، إذ أن أبرز صيغ الأمر في اللغة هي صيغة - أفعل - وبعد الاعتماد على أن كل فعل أمر فهو قابل للتصريف عادة،


وقد تفص المحقق من إشكال انسلاخ الهوية بالتصربف،


بدعوى التصريف المعنوي وبهذا اللحاظ تبقى الصيغة على حالها، يعني النظر إلى صيغة الأمر في نفسه، بدون صدوره من الغير،


وقد استغرب الماتن هذا الجواب لأنه للفلسفة أقرب منه للفهم النحوي )
قال الماتن:

ويرد عليه:


أولا: أنه لم يقصد أحد مثل هذا التصريف إطلاقا، ومن الضروري أنه من إنحفاظ الهيئة - وعدم انقلابها - لا يصدق عليه التصريف قطعا وإجماعا،


ثانيا: أن ما قاله من ملاحظة، هذه الهيئة بذاتها بدون صدورها من الغير، وقال: إنها بمعنى المصدر،


أقول: أن هذا اللحاظ يخرج بها من كونها دالة على الأمر أو الوجوب،


إلا أن أصل الإشكال باطل، لأنه لا محذور من تصريف هيئة افعل، غاية الأمر أنها لا تكون كذلك بعد التصريف، ولا تدخل ضمن الاصطلاح المفروض، ولا محذور من ذلك، مع عدم ملاحظة أن أسم الفاعل يخرج عن كونه كذلك بالاشتقاق، وكذلك أسم المفعول وكل المشتقات ولا محذور من ذلك، وتسميتها بالمصدر لا يكون مانعا عن ذلك،


نعم يكون الاشتقاق من التسمية ولا بأس به، لاحظ ما قاله في - المحاضرات - بإزاء ما قلناه، كأنه لم يتقبل أصل الإشكال ولا جواب الشيخ النائيني: فإنها لا تخرج عن ذاتها ليلزم المستحيل، فإن ذلك ذاتها الكلية محفوظة ولا يمكن اشتقاقها، واما ذاتها الجزئية فهي قابلة للتبدل جزما، وإلا لنسد باب الاشتقاق كله، بل انسد باب التحول في العالم إطلاقا،


أقول ( أورد الماتن على ما أفاده النائيني بإيرادات، منها أن هذا التصريف اللحاظي لم يقل به أحد، ومع الإمكان بهذا التصريف فلا يكون الأمر أو الوجوب محفوظا،


وكيف كان: لا إشكال بالتصريف ولكن لا يبقى لموضوعه المراد منه على بقاءه بل يكون موضوع آخر ويكون بالتالي خلاف البحث الاصطلاحي المبحوث عنه ).





إرسال تعليق

0 تعليقات