آخر الأخبار

تأملات قرآنية: أذبحوا بقرة (2)





 

 

علي الأصولي

 

 

{ قالوا ادع لنا ربك يبين ما هي. قال انه يقول أنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك. فأفعلوا ما تؤمرون. قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها. قال أنه يقول بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.○ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي أن البقر تشابه علينا وأنا أن شاء الله لمهتدون }

 

 

يبدو لي بأن هؤلاء استخدموا طريقة المراوغة مع نبي الله موسى (ع) مع علمهم المبدئي بأصل التكليف.

 

اذبحوا بقرة : حيث لم يأتي أي توصيفات أو شروط أخرى تضاف لأصل الأمر - اذبحوا بقرة - ومن هنا قيل في بعض المرويات أن بني إسرائيل شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم. فلو اكتفوا بالمقترح لم نجد ثمة توصيفات شرطية وصفاتية أخرى.

 

 

ويمكن استفادة هذا المعنى في خصوص الالتزام بالتكليف أو التكاليف التي أمر بها الشارع المقدس.

 

وأما أن يدخل عنصر - الشطارة - النفسية والبحث عن تكاليف لم يلزم الله بها عباده من قبيل تكاليف المتصوفة عن طريق مشايخ طرقهم وكبرائهم. فهي خارج حدود التعاليم. تعاليم الكتاب والسنة.

 

بعبارة أخرى: كيف نتعامل مع النفس تهذيبا وترويضا ؟

 

 

الجواب: الاكتفاء بما جاء في النص الديني القرآني والمعصومي. وما خلاهن فلا ملزم ولا إلزام.

 

 

ومن أبى سوف يفتح على نفسه الأبواب العريضة من التكليفات والتكلفات التي لا تقع ضمن مسؤلية الأنبياء والأوصياء إذ يكون المسؤول المباشر هو من كلفهم - شيخهم أو أنفسهم أو ايحاءاتهم النفسية - لا أحب الخوض في هذا المجال أكثر حرصا على تماسك ما أود بيانه وهذه التأملات .


{ أنه يقول أنها بقرة لا ذلولا تثير الأرض. ولا تسقى الحرث مسلمة. لاشية فيها. قالوا لئن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون } وكما ترى بعد اللتي واللتيا تم ذبح البقرة.

 

فلسفة الأمر بذبح البقرة.

 

هدف الأنبياء والمرسلين (ع ) كما هي الخطة المرسومة من قبل السماء هو إرجاع الإنسان لفطرته الأصل حيث التوحيد وعدم التورط بالشرك. وللشرك مفهوم واضح متعدد المظاهر.

 

العبادة لله وحده لا شريك له. وكل عبادة ما سواه فهي باطلة سواء كانت عبادة صنم أو ثن أو هوى نفس. وبما أن البشرية وعلى طول خطها التاريخي تورطت بعدة أنواع من العبادة كعبادة الأصنام والشمس والقمر والحجر والمدر. جاءت بعثات الأنبياء كحركات تصحيحية للمسيرة البشرية. تخليصا للناس من نير عبودية من لا يستحق العبودية. وإعادة النصاب إلى وضعه الصحيح.

 

في تأملاتنا أعلاه لفت انتباهنا إلى عدة تساؤلات:

 

 

منها : لماذا الأمر بذبح البقرة دون أي حيوان آخر؟

 

وهنا أود أن نرجع للوراء قليلا لمعرفة أن قوم موسى(ع) تم توريطهم بعبادة العجل. وهو صغير البقر!

 

 

فقد ورط السامري اليهود بعد أن اخرج للناس عجلا له خوار وهو من الذهب على ما في المرويات.

 

واختيار السامري لخصوص العجل لارتباط الذهنية العامة والتدين الشعبي بالبقرة. ولذا نجد حتى من يتحلم أو من يرى رؤية آنذاك ويراها على شكل بقرة يشعر بأهمية رؤياه. كما في قصة فرعون مصر صاحب يوسف (ع) إني أرى سبع بقرات !

 

 

ويبدو لي بأن قدماء المصريين يعتبرون البقرة السماوية المقدسة من ضمن أدبياتهم الدينية العقدية. فهي ترمز عندهم لرمز أو لرموز مقدسة يمكن ملاحظة البقرة في المثيولوجيا المصرية.

 

ونتيجة اختلاط الثقافات والاحتكاك المباشر بين اليهود وأهل مصر تسربت عندهم جملة من العقائد المصرية فكانت موضع احترامهم وتقديسهم ومن ضمنها رمزية البقرة.

ولذا وجدنا أن السامري للعب على الوتر العقدي الحساس في ظل غياب اله موسى اللامرئي!

 

 

فكان العجل !

 

 

وعلى ضوء هذا التناغم العقدي الشعبي تمكن السامري من تمرير مشروعه واشربوا بالتالي حب العجل.

 

 

وبعد رجوع موسى من ميقات ربه وبخ أخيه ووصيه وصحح المسار في قصة معروفة قرآنيا ليس لنا شغل في استعراضها وما نحن فيه.

وبما أن العقائد مهما كانت درجتها ومستواها وحجيتها وحقانيتها وصوابيتها ليس من السهولة انتزاعها من النفوس خاصة المتدنية. والعقل الجمعي الذي يمكن أن يتأثر بأقل تلويح لهذه العقيدة أو تلك. حاول موسى (ع) ان يخطو مع قومه خطوات عملية في سبيل التخلص من تلك الترسبات.

 

 

ومع ذلك لم تنجح خطواته مع بعض النفوس لظلمانيتها وشدة ظلامها فكان الشرط النفسي والمفضي لمعرفة القاتل هو ذبح البقرة !

 

 

والحقيقة هو شرط نفسي قبل أن يكون اي شيء آخر وحتى لو تلاحظ ان البقرة يجب أن تكون صفراء وهي تشبيه للعجل الذهبي الذي عبدوه ردحا من الزمن. وتستطيع أن تعد الأمر الإلهي من قبيل - الجزاء من سنخ العمل - ولذا ذهلوا اول ولهة عندما سمعوا بالبقرة وحاولوا المراوغة ولكن بالتالي نجح الأمر على غصة منهم ، هذا ما يمكن بيانه وهذه التأملات وبعيدا عن التفرعات المأخوذة بحسب منهج الأطروحات والى الله تصير الأمور.





تأملات قرآنية:أذبحوا بقرة !!





إرسال تعليق

0 تعليقات