آخر الأخبار

عنصر التاريخ في المنهج الفقهي للشهيد الصدر (٨)

 





 

 

أحمد مبلغي⇭

 

 

 

 

نظرية التقديس الكاذب في الاستنباط (١)

 

هذه هي نظرية الشهيد الصدر، على الرغم من أنه لم يذكر تفاصيلها وعناصرها وأنه لم يسمها بهذا الاسم، لكنها متاحة ومتوفرة روحها وحقيقتها ومفرداتها بشكل عام في كلماته، وقد تفطنت إلى روحها، فقمت بجمع مفاهيمها وتأليف مفرداتها وإعطاء صياغة لها وشرح أبعادها وبلورتها كنظرية وتسميتها باسم مستلهم من بعض تعبيرات هذا المفكر الكبير نفسه، والحمد لله.

 

 

أقدم نظريته هذه، في عدة نقاط. في الواقع، بعض هذه النقاط هي أسس النظرية، وبعضها مكوناتها، وبعضها تشير الى نتائج النظرية أو عواقب تجاهلها. وهذه النقاط، كما يلي:

 

 

النقطة الأولى: ما في النص يمتلك أبعادا تاريخية:

 

ما في النص، سواء كان فكرة أو كلمة، لم يحدث تشكيله بمعزل عن التحولات التاريخية؛ لأن الفكرة أو الكلمة التي في النص، وصلت كل منهما إلينا في هذا العصر، من خلال حركتها في التاريخ، لذلك اتخذت أبعادًا تاريخية، مما يجعلها، تتبلور لنا بحدود معينة.

 

 

ببيان آخر، إن الفكرة أو الكلمة الموجودة في النص، تلك التي يريد الفقيه تفسيرها وفهمها والتفكير في معناها ومضمونها وحدودها في الاستنباط، غالبًا ما تكون محفوفة بالتاريخ وتطوراته وتحولاته مما يجعل لوجودها وحدودها أبعادا تاريخية.

 

 

يقول الشهيد الصدر حول علاقة الكلمة الموجودة في النص بالتاريخ:

"كانت الكلمة الأساسية في النص لفظا مشحونا بالتاريخ أي ممتدا ومتطورا عبر الزمن". (اقتصادنا: ٣٨٧).

 

 

الذي يلفت النظر هو أن الشهيد لديه تعبير مثير للاهتمام هنا، وهو تعبيره بكونها مشحونة بالتاريخ.

 

 

هذا التعبير، دقيق وجميل للغاية، لأنه يعني أن التاريخ تتراكم في الكلمة أو الفكرة، طبقاته وحلقاته فوق بعضها البعض.

 

 

تشبيه لتوضيح المقصود:

 

إذا أردنا شرح هذا الأمر أكثر، فيمكننا أن نعطي مثالًا ونشبه هذه الفكرة أو الكلمة بشجرة، قد يبلغ عمرها قرونًا.

فالشجرة رغم أنها شيء واحد، (أي: نراها شيء واحدا) إلا أنها تحتوي على تاريخ حضر وتوفر فيها، فحلقات وطبقات هذا التاريخ نفذت في هذه الشجرة، كل منها ينتمي إلى فترة معينة من التاريخ، ويمكن لعالم متخصص تحديد هذه الطبقات وتحديد عمر الشجرة؛ بمعنى أن لكل سنة، طبقة وحلقة مرتبطة بتلك السنة حدثت في الشجرة، ولتحديد عمرها، يتم البحث عن عدد الحلقات والطبقات فيها، فاذا كان فيها مائة حلقة، فهي شجرة عمرها مائة عام، وإذا كان فيها ألف حلقة، فهي سنها تبلغ ألف سنة، وهكذا.. فنحن نحتاج إلى كسرها وتجزئتها، حتى نصل إلى تاريخها.

 

 

فكذلك الكلمة أو الفكرة فإنها مليئة بالتاريخ في بعض الأحيان، وفي الواقع ترى وحدة بسيطة منها ، ولكن داخلها توفر اجتماع من طبقات تاريخية مفاهيمية ومواضيعية.

 

 

[هذه هي النقطة الأولى، وبقية النقاط في المنشورات القادمة إنشاء الله، وطبعا لا تتبين حقيقة النظرية بأكملها إلا بعد الانتهاء من جميع النقاط]



عنصر التاريخ في المنهج الفقهي للشهيد الصدر (٧)




⇭   مرجع دينى إيرانى 

إرسال تعليق

0 تعليقات