آخر الأخبار

عنصر التاريخ في المنهج الفقهي للشهيد الصدر (١٤)




 

 

أحمد مبلغي#

 

 

نظرية التقديس الكاذب في الاستنباط (٧)

 

الخطوة السادسة: إعطاء الموقف المعياري المؤثر الحاسم للفكرة في الاستنباط:

نحتاج إلى فهم وتحديد ما يحدث بالضبط بعد "تقديس الفكرة"؛ ذلك أن هذا التحول الذي يحدث بعده، هو في الواقع، نقطة العزيمة ومنصة القفز التي تبدأ انعكاسات تلك القدسية الزائفة منها، فإذا علمنا هذه النقطة، فسنرى كيف أن جميع الانعكاسات، ستتشكل وفقًا لها.

 

 

بالطبع، هذه النقطة (التي تحدث بعد عملية التقديس)خطيرة للغاية؛ بل هي أخطر تحول يحدث؛ حيث تقع انعكاسات وهزات موجاتها الفكرية على جميع النشاطات والتقييمات والاستنتاجات الاستنباطية.

 

 

من وجهة نظر الشهيد الصدر، هذه النقطة هي ما يفعله الفقيه بوضع ذلك الفكر (الذي اعتبره مقدسًا) على أعلى مستوى من حيث الصلاحية والاعتبار ، بحيث يجعل جميع الأفكار والاعتبارات الأخرى تحته.

 

 

يقول: "... بتقديس فكرة ما إلى درجة تُوضَع فوق الاعتبارات الأخرى".

 

 

الخطوة السابعة: البدء بتنفيذ لوازم وانعكاسات قدسية الفكرة:

إن وضع هذا الفكر على أعلى مستوى من الاعتبار، له انعكاسات خطرة. ويبدو أن هناك على الأقل، ثلاثة انعكاسات سلبية وخطيرة لـ "عملية تقديس الأفكار بصورة زائفة" في الاستنباط.

 

 

١. اتخاذ الموقف السلبي تجاه الحديث غير المتلائم مع الفكرة:

 

نتيجة هيمنة القدسية الزائفة والمصطنعة للفكرة على عقلية الفقيه، هي أن الفقيه يسير أحيانًا في اتجاه قد يتخذ موقفًا سلبيا تجاه بعض الأحاديث.

 

 

السؤال هو ماذا يعني هذا الموقف السلبي تجاه الحديث؟

 

 

يبدو أنه يرى أن هذا الموقف السلبي من الحديث يتجسم في ثلاثة أمور:

 

 

أ) تجاهل الحديث:

 

إن الفقيه الذي أصبح يعتبر فكرة ما مقدسة، قد يتجاهل الحديث، كما لو أنه لا يراه. يقول الشهيد الصدر: "قد يتم تجاهل وإهمال بعض النصوص لمجرد أنها لا تتفق مع الإطار الفكري الذي يشع بتقديس فكرة ما".

 

ب) فهم النص وفقا للفكرة:

 

في بعض الأحيان يرى الفقيه الحديث (ولا يتجاهله كما في الأول) ويضعه على طاولة البحث في مناقشاته على الساحة الاستنباطية، لكنه ليس مستعدًا لترك الحديث من أجل أن يكون حراً في عرض كلمته، وفي التعبير عن بياناته وحقائقه وأفكاره كما أرادت الشريعة؛ بدلاً من ذلك، بما أن هذا الفقيه مقفل على إطار ويرتكز على فكرة محفوفة بهالة من القداسة، فإنه يحاول إعطاء معنى للحديث بحيث لا يتعارض مع هذه الفكرة المقدسة؛ وقد يذهب الى أكثر من ذلك، فيحاول جعل الحديث يهدف إلى تعزيز تلك الفكرة المقدسة، وهذا خطر كبير اخترق العديد من الاستنباطات وتغلغل في الكثير من الاجتهادات.

 

يقول الشهيد الصدر:

 

"يحاول الممارس أن يفهم النص ضمن ذلك الإطار المعين، فإذا وجده لا ينسجم مع إطاره، أو لا تصطدم به على أقل تقدير...." ( اقتصادنا: ۳۸۵).

 

 

ج) ترك العمل بالرواية:

 

 

في بعض الأحيان عندما يصادف هذا الفقيه حديثا، لا يتجاهله، -كما هو الحال في الصورة الأولى-، ولا يبرر محتواه بما يصبح متلائما مع الفكرة -كما هو الحال في الصورة الثانية- ولكن يركز على ترك العمل بهذا الحديث والتخلى عنه، بالطبع، من أجل هذا التخلي، يتمسك بوجوه يصنعها.

 

 

يقول الشهيد الصدر:

 

ان الشهيد الصدر في موضع، يذكر كلام فقيه واجه نصًا لا يتطابق مع فكرته، كما يلي:

 

"إن الأولى عندي ترك العمل بهذه الرواية..."

 

صفوة القول: أن الحديث غير الموافق مع الفكرة التي تم تبنيها، إما يهمل أو يبرر او يترك العمل به، وهذه مشكلة كبيرة وقع الكثير منا فيها دون أن نشعر.




عنصر التاريخ في المنهج الفقهي للشهيد الصدر (١٣)



# مرجع دينى إيرانى 

إرسال تعليق

0 تعليقات