آخر الأخبار

تموزيات: كيف نفهم التاريخ؟ (2)




 

 

عز الدين البغدادي

 

بعد أيام قليلة ستحل ذكرى ثورة- انقلاب 14 تموز، وسوف يبدأ جدل مرير بين محبي الزعيم الركن عبد الكريم قاسم ومنتقديه، وهذا أمر طبيعي، إلا أن الأهم هو أن علينا أن لا ننسى بأننا نتحدث عن قضية تاريخية مضت وانتهت.

 

 

وبالتالي فإن الموضوعية تقتضي أن تكون لنا رؤية تاريخية، حتى لا نتعامل مع الحدث بشكل عاطفي بحت.

 

 

التاريخ بالنسبة لنا مهم جدا، ليس لأن دراسته توفر لنا دروسا، فهذا غير موجود لأن معظم أحكامنا عاطفية لا ترتكز على رؤية تاريخية تتمكن من تحديد معنى وقيمة الحدث التاريخي بحيث تكون قادرة على استخلاص الدروس.

 

 

لكي نكون رؤية موضوعية؛ علينا أن نفهم بيئة الثورة- الانقلاب ونفهم أسبابها الاجتماعية، فضلا عن التيارات السياسية والفكرية، والمصالح التي تحدد الكثير من السلوكيات، ولا ننظر فقط إلى الأشخاص رغم أنه أمر مهم جدا.

 

أيضا علينا ان ننظر في الظروف التي حكم فيها قاسم داخليا وخارجيا، وتلك التي أفرزت الحدث والتي سبقته، ونترك الأحكام المسبقة وأيضا الأحكام الجاهزة التي هي ليست أفكارا بمقدار ما هي كلمات نرددها باستمرار.

 

 

علينا أن نطور أفكارنا، فليس يلزم بالضرورة أن نتهم نوري السعيد بأنه عميل انجليزي لكي نكون أقرب إلى الرؤية القاسمية، ولا يلزم ان نغفل عن أخطاء كارثية وقع فيها الزعيم وقيادته من إفساح المجال واسعا للشيوعيين ولو لفترة محدودة الى محكمة الثورة الى تنفيذ أحكام الإعدام بضباط محترمين وكبار كان من الممكن ان يصدر عنهم عفوا كما اصدر على غيرهم. ور ينبغي لنا ان ننتقد قاسم بسبب الرؤية المضخمة عندنا لجمال عبد الناصر.

 

 

نحتاج أيضا ان نترك "لو": لولا انقلاب عبد الكريم لكان العراق كذا وكذا، ولو وزع السلاح على الجماهير لكان كذا وكذا، لأن هذا الحدث حتى "لو" لم يحدث فلن تبقى الأمور في مسارها الى ما لا نهاية دون حدث آخر يغير مسار الأمور.. وهذه طبيعة الحدث التاريخي، فكل حدث تاريخي هو نتاج عوامل كثيرة متشابكة.

 

 

واقعا نحن نحتاج أن ندرس هذا الحدث الكبير الجوهري دون أن نسمح لعاطفتنا أن تؤثر على فهمنا، ودون أن نجعل أنفسنا مضطرين لحشد الأدلة وتصنيعها وتركيبها لتدافع عن عاطفتنا تجاه الحدث.

 

 تموزيات: الفرق بين الثورة والانقلاب (1)


إرسال تعليق

0 تعليقات