علي الأصولي
وقع اختيار الإمام
الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) على مسلم بن عقيل (ع) لشغل ومهمة التكليف بالسفارة
بين الإمام وبين الجماهير الكوفية التي أرسلت له المراسيل أن - أقدم علينا يابن
رسول الله ، فأنا لك جند مجندة - ولذا نص الإمام (ع) على مسلم برسالة بعثها بيد
سفيره مضمونها - أرسلت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي ،،، الخ ...
وقد قرر في علم الأصول أن مفهوم الوصف قام
البرهان على بطلانه - يعني قول الإمام - ثقتي - لا يعني عدم ثقة غيره، ما يعنينا
في المقام هو الإجابة عن تفرق الناس عن مسلم بعد أخذ البيعة من أهل الكوفة للإمام،
طبعا الإعلام الأموي
اشغل ماكينته الدعائية ونشر الإشاعات على طريقة الحرب النفسية بغية تزلزل النفوس
وتفتت الإرادات وفسخ العزائم، وقد نجح هذا الإعلام بتوجيه ضربة موجعة للقواعد
الجماهيرية الكوفية إلى حد بعيد،
الناس تنساق وبحسب
العقل الجمعي خلف أصحاب الأموال وخلف زعامات القبائل وخلف توجيهات السلاطين، بحسب
الحالة النفسية المعبر عنها بانبهار المغلوب بالغالب،
هذه القضية سيالة في
كل المجتمعات البشرية وفي كل الأزمنة ولم تقتصر على مقطع تاريخي بعينه ولن تتوقف
في المستقبل المنظور ، هي حالة نفسية مجتمعية عامة بصرف النظر عن طبيعة وماهية
المجتمعات وثقافاتها وحضاراتها ونحو ذلك. فالمغلوب المهزوم نفسيا ينظر للغالب
المسيطر على أنه قادر على كل شيء،
انظر إلى عموم
المجتمعات التي تكون تحت قبضة دكتاتور يحكم بالنار والحديد، انظر للدول الضعيفة
كيف تنظر للدول القوية والكبرى - العراق المعاصر - ببابك –
الحشود من الآلاف
المؤلفة فرقتهم هذه الثقافة الانبهارية والاسعباد ، بصرف النظر عن نوايا بضع مئات
هنا وبعض عشرات هناك ، الكلام في المجمل هو ما ذكرناه أعلاه.
أصحاب
ابن عقيل (ع)!
نعم كما قلنا ان
الناس تفرقوا عن من بايعوه، نتيجة عوامل وأسباب، ولكن هذا لا يعني أن ابن عقيل (ع)
بقي وحيدا فريدا ، وقصة تنصل كل من بايعه واتباعه وأصحابه يكذبها كل من - الواقدي
والمدائني - حيث ذكرا بإسنادهما : أن مسلم بن عقيل بن أَبِي طالب خرج في أربع مائة
، فاقتتلَوْا ، فكثَّرهم أصحاب عُبيد اللَّه ، وجاء الليل، فهرب مسلم حَتَّى
دَخَلَ عَلَى امرأة من كِنْدة ، فاستجار بِهَا ، أنتهى ( انظر تاريخ الإسلام
ووفيات المشاهير والأعلام لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن
قايماز الذهبي، تحقيق - د - بشار عواد معروف ).
نعم: غض النظر عن
هؤلاء الأربعمائة مقاتل وانسدال الستار عليهم مريب فأين ذهب هذا الجمع حيث لم يذكر
إلا قصة مسلم واللجوء لبيت طوعة وقتاله بمفرده!؟
تحليل
النص التاريخي
قلنا ان الواقدي
والمدائني أفادا على ان مسلم بن عقيل خرج في أربعمائة، فاقتتلوا، غير ان ابن زياد
عزز مقاتليه حتى جاء الليل فهرب مسلم ودخل دار امرأة من كندة،
وهذا النص يؤكد على
مسألة مهمة أغفلها جملة من المؤرخين وهي وجود أنصار لمسلم ابن عقيل (ع) بعد أن
تفرق عنه الجمع الكثير ، إلا أن هؤلاء قاتلوا بين يديه قبل أن يتم تعزيز جند ابن
زياد - ولا نعلم عدد من أرسلوا كتعزيزات - لإسكات الجيوب الداخلية في الكوفة، إلا
أن المتيقن منه وهذا النص أنه حين مجيء الليل ، انسحب مسلم بن عقيل ولا نعلم هل
قتل كل من كان معه أم انسحب الجمع،
وأن كان المظنون
المتعارف كالآتي: قتل من قتل وهرب من هرب نتيجة ضغط المقاومة الحكومية.
0 تعليقات