علي الأصولي
في سنة ( 66 هجرية / 658 ميلادية ) أخذ
المختار بتعبئة الكوفة وضواحيها للنهوض بالقصاص من قتلة الإمام الحسين(ع) سواء
المتواجدين في الداخل الكوفي أو في الشام. وانساقت الجماهير الغاضبة وهذه الدعوى.
كما انساقت جماهير الثورة العباسية مع إبراهيم الإمام والسفاح تحت شعار ( الرضا من
آل محمد ) بينما القيادة الشرعية تركت بالخلف - قيادة الإمام الصادق (ع) من قبل
هذه الجماهير. وكذلك انساق لدعوى المختار هذه الجماهير سوى من تحفظ منهم كجماعة
ابن الصرد وأصحابه.
وهذه الدعوى نشرها أصحاب المختار وخلص
أصحابه ككسيان والشاكري عبد الله بن كامل. والأحمر بن الشميط ويزيد ين انس وعبد
الرحمن وأن التحق مؤخرا بالتعبئة لاسباب تتعلق بالاستيضاح - استيضاح صدق الكتاب -
ولزوم المناصرة. وغيرهم من وجهاء قبيلة هوازن.
غير أن إبراهيم لزم الصمت والانطواء
والانزواء حتى مع توجيه الدعوة إليه. من قبل زعماء ودعاة النهضة.
وأخيرا وبعد اللتيا واللتي قبل الأمر
والمشاركة بشرط توليه قيادة الجيش - وكما ترى هذه أول خطوة تحسب على إبراهيم لا له
كما سوف تعرف في قابل البحث - إلا أن الدعاة أخبروه أن القيادة للمختار بتوصية من
الزعيم ابن الحنفية.
وهنا تدخل ابن الحنفية وأرسل كتابا على
وجه السرعة ولزوم المناصرة والجنوح تحت قيادة المختار.
ولما كان ابن الحنفية يعرف صاحبه جيدا
عرض عليه عروض مغرية وهو الاستيلاء وحيازة المغانم على طول معركة القيام من كوفان
للشام!
وهذا الأسلوب ينم على فهم طبيعة أمراء
الحروب وخوضهم المعارك لمقاصد غنائمية أكثر مما هي مبدئية ودونك العراق المعاصر
ففيه ما يغني عن السبر والتشخيص فأفهم!
قلنا أن الشك ساور إبراهيم في بداية العرض .إلا انه خضع بالنتيجة المرسلة من ابن
الحنفية وتعيين المختار قائدا للحركة. وعزز أصحاب المختار كل من يزيد بن أنس
الاسدي وأحمر بن شميط البجلي وعبد الله بن كامل الشاكري شهادتهم وهذه الرسالة.
فاجابهم وبايع المختار على السمع والطاعة .
وما يهمنا وهذا البحث. وهو بعد نجاح
ثورة المختار واستيلائه على المدن العراقية. ولى المختار إبراهيم بن مالك إمارة
الموصل. موجها إياه لمقاتلة عبيد الله بن زياد الذي سيره عبد الملك بن مروان إلى
مهاجمة العراق وقمع المختار وأصحابه. بتاريخ ( 66 للهجرة ذي الحجة / 686 ميلادية
من تموز ) بعد ظهور جيوب وتمرد كوفي على الدولة الحديثة واتهام المختار بالكهانة.
ورجع إبراهيم مسرعا فسيطر على الكوفة وانهي معارضة متمرديها في جبانة السبيع
ومناطق أخرى.
ومن بعد هذه الواقعة رجع ابن الاشتر
لمهمة الأساس ومقاتلة ابن زياد الذي تقدم نحو العراق. بمعية ثمانية آلاف مقاتل إلى
عشرين ألف رجل كما ذكروا. غالبيتهم فرس. وبعد التقاء الفرقاء حصلت أولى المصادمات
في العاشر من محرم (6/ 67 / آب/ 686 ميلادية ) على شاطئ الخارز قرب الزاب على
مسافة (5) فراسخ من الموصل ويذكر البلاذوري أن الهزيمة لقت بإبراهيم في الجولة
الأولى للمواجهة المسلحة. ولكن استعاد إبراهيم ورفاقه الكرة واخذوا المبادرة فتم
هزيمة ابن زياد شر هزيمة. وقتل على إثر ذلك قائد جيش عبد الملك بن مروان. عبيد
الله بن زياد وكذا قتل الحصين بن نمير وشرحبيل بن ذي القلاع وقيل أحرقت أجسادهم.
والمشكلة أن قتل مثل هؤلاء الأوباش على
يد إبراهيم ليس نقطة قوة وارتكاز لبيان حسن نية إبراهيم وصلاح سلوكه وإلا والواقع
ببابك ومن حارب التنظيمات التكفيرية بعنوان جهادي وقد وظف هذا العنوان لنهب
الخيرات وقمع الأحرار في عراق اليوم فلاحظ!
وبعد أن أحرز إبراهيم نصره على القوات الشامية أرسل عددا من أنصاره ومنهم أخوه عبد
الرحمن للسيطرة واحتلال وتولي مدينة نصيبين ( القامشلي ) السورية. والزها وسمسياط
وسنجار. فيما بقى إبراهيم مرابطا في الموصل حتى هاجم مصعب بن الزبير العراق. بعد
دعوة من متمرديها.
والحقيقة أن الدعوة حجة وغاية آل
الزبير لتوسعة مناطق النفوذ خاصة وأن لهم قدم في البصرة من أنصار وأملاك ونحو ذلك.
وبعد قتال شرس دار بين القوات الزبيرية والمختارية قتل فيها النخبة من قادة دولة
المختار. وبعدها تم التراجع إلى الكوفة ونقل المعركة في الأحياء والازقة على طريقة
حرب الشوارع. إلا أن حوصر المختار في قصره وبالتالي قتل هو ونفر ممن معه وتخاذل
الكثير من أنصاره. في تاريخ( شهر رمضان 67 للهجرة/ نيسان 687 للميلاد ).
وفي كل هذه الأحداث لم يحرك إبراهيم
ساكنا لنصرة رفيق دربه وأميره الذي بايعه على السمع والطاعة واختلفت كلمات
المبررين في ذلك بالنتيجة قتل المختار وبقى إبراهيم أميرا على الموصل بلا عمق
حكومي!
تأملات فى تاريخ الرجال : أمراء الحروب (إبراهيم بن مالك الاشتر) أنموذجا !!
0 تعليقات